مهرجان تسوق البُن الأكبر في اليمن.. إحياءٌ للتاريخ وزراعةٌ للأمل
الرباعي: نسعى لتحفيز الناس للتوجّـه نحو المنتج المحلي بدلاً عن البن المستورد الأجنبي
الثور: وزارة الزراعة لديها برنامج بأن يصبح مصدر دخل قومي لدعم الاقتصاد الوطني من خلال استراتيجية واضحة
السامعي: البن اليمني هو المنتج الوطني الفريد الذي يجسد أصالة وتاريخ اليمن منذ قرون طويلة
رشيد: نناشد الدولة بالمزيد من الدعم وبناء السدود وإنشاء المزارع، وبناء البنية التحتية لإنتاج وتحصيل البن حتى تسويقه وتصديره
القاسمي: الغرض من المهرجانات والفعاليات هو تعريف المجتمع بالبن اليمني وثقافة البن وفتح الأسواق المحلية بشكل كبير جدًّا
الهماسي: بجهود الجميع نعيد زراعة شجرة البن في جميع أنحاء اليمن فلدينا سلسلةٌ جبليةٌ من صعدة إلى يافع وكلها أراضٍ صالحة لزراعة البن
عثمان: المهرجان يتخلله الكثير من الأنشطة منها المعرض التسويقي والندوات العلمية ودورات التذوق وغيرها من الأنشطة الأُخرى
استراتيجية وطنية لمحاربة المنتج الخارجي وتشجيع المنتج المحلي
المسيرة- محمد الكامل
تخطو القيادةُ السياسيةُ والثوريةُ في اليمن بشكل حثيث نحو إنعاش القطاع الزراعي، وتشجيع المزارعين وتقديم الدعم اللازم في هذا الجانب، ومن بين ذلك محصول “البن” الذي غُيِّب لسنوات كثيرة، والعملُ جارٍ على قدم وساق لإعادته إلى مجده العريق.
ويخصص اليمنيون الثالث من مارس من كُـلّ عام “يوماً وطنياً للبن”؛ باعتبَاره سلعة وطنية مهمة لنهضة الأمم، كما يؤكّـد ذلك قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
وتتركز جهود القيادة السياسية والثورية ووزارة الزراعة واللجان التابعة لها على مقاطعة “البن” الخارجي، والاهتمام بالمنتج المحلي؛ باعتبَاره سفير اليمن إلى الخارج؛ ولهذا فَـإنَّه إذَا ما تضافرت الجهود فَـإنَّ البن اليمني سيكون رافداً ومنتجاً قومياً، وسيرفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة.
ويحظى البن اليمني باهتمام كبير على مستوى السوق العالمية، حَيثُ يصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 500 دولار، الأمر الذي يؤكّـد على أهميّة هذا المنتج وخصائصه الفريدة وإنتاجه وزراعته التي تميزت به اليمن منذ القدم.
وانطلاقاً من ذلك، دشّـنت اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري الخميس الماضي 3 مارس 2022، بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء “المهرجان التسويقي الأكبر للبن اليمني”، وذلك برعاية رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشَّاط، وبحضور مسؤولي الدولة، ومزارعين، وباحثين، ومهتمين في هذا الشأن.
ويؤكّـد نائب وزير الزراعة، الدكتور رضوان الرباعي، أن هذا المهرجان يهدف إلى إعادة ثقافة ورؤية قومية وهُــوِيَّة أُمَّـة تحمل قضية وطنية هي قضية البن اليمني وما لاقاه خلال القرون الماضية من الإهمال والتقصير.
وقال الرباعي: نحن اليوم نحاول أن نحيي البن كمشروب وطني وكمنتج وطني ومنتج اقتصادي نسعى إلى تسويق البن، وزيادة إنتاج البن؛ مِن أجلِ رفد الاقتصاد الوطني بهذا المنتج الهام، والتي تعتبر اليمن من أهم الدول المنتجة للبن.
ويضيف الرباعي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “كما تعتبر اليمن أعلى دولة في جودة البن اليمني لما نمتلكه من تنوع مناخي، وموروث والبن بالنسبة للشعب اليمني هو موروث ثقافي وتاريخي، وجزء من مجالسنا وهُــوِيَّتنا وثقافتنا الوطنية”.
ويؤكّـد الرباعي أن هذا المهرجان هو مهرجان تسويقي لتحفيز الناس على التوجّـه إلى المنتج المحلي بدلاً عن البن المستورد أَو الأجنبي.
من جانبه، يقول رئيس اتّحاد منتجي البن، محمد عثمان: إن هذا المهرجان يمثل أهميّة كبيرة جِـدًّا لمنتج البن المحلي ودوره الفعال في إعادة ثقافة البن إلى أوساط المجتمع اليمني التي قد أوشكنا على فقدانها إلى جانب تعزيز نشاط المزارعين في حقول الزراعة.
ويشير عثمان في تصريح خاص “لصحيفة المسيرة” إلى أن المهرجان تخلله الكثير من الأنشطة منها المعرض التسويقي ومدته من 3 إلى 5 أَيَّـام، والندوات العلمية والتي يقيمها كوادر أكاديميون مختصون في مجال إنتاج البن وفي المجال الزراعي، بالإضافة إلى دورات وجلسات تذوق البن لمن يحب أن يشارك في هذه الدورات، وأنشطة أُخرى ترافقها في الميدان، كذلك هناك توزيع شتلات، وكمثال لدينا 125 ألف شتلة سيتم توزيعها على عموم محافظات الجمهورية ونحن بصدد التنسيق مع الجهات الرسمية ومع صندوق التشجيع الزراعي لتوفير شتلات للذين يرغبون أن يحصلوا على الشتلات في نفس المحافظة.
ويزيد بقوله: “أيضاً هناك حملة توعية لرفع مستوى الوعي لدى المزارعين بالممارسات الزراعية السليمة في زراعة البن مثل عملية وممارسة التقليم وممارسات الجني والتجفيف ومن ثم التخزين، منوِّهًا إلى أن المهرجان السابق كان ثورة في مجال البن والتي هي امتداد لثورة 21 سبتمبر، وَأن قطاع البن تعرض خلال الفترة السابقة إلى تدمير ممنهج، حَيثُ انخفضت القدرة الإنتاجية للصادرات من 60 ألف طن صادرات إلى 20 ألف طن إنتاجاً، وبالتالي جاء إعلان مهرجان ثورة البن باهتمام بالغ من القيادة السياسية الممثلة باللجنة الزراعية العليا من وزارة الزراعة ومنظمات المجتمع المدني، والتي لها صدى وأثر كبير على مستوى الميدان على مستوى المزارعين”.
إعادة الاعتبار
وخلال التدشين أَيْـضاً، قال وزير الزراعة، عبدالملك الثور: إن الوزارة تسعى من خلال برنامج زراعة البن للوصول به لأن يصبح مصدرَ دخل قومي لدعم الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال استراتيجية واضحة لتطوير زراعته وإنتاجيته، وتعزيز قدرته التنافسية في الأسواق المحلية والخارجية، حَيثُ بدأت هذه الاستراتيجية، من خلال إنشاء مركز أبحاث تطوير البن، وإنشاء إدارة عامة للبن بالوزارة، وإنشاء العديد من المشاتل لزراعة شتلات البن في مختلف المحافظات.
واعتبر المهندس الثور، مهرجان التسوق للبن اليمني إحدى الآليات والفعاليات التي تحفز مزارعي البن والمنتجين والمصدرين على الاهتمام أكثر بهذا المحصول، بما يسهم في زيادة مساحة زراعته وإنتاجيته.
وفي هذا الجانب، يشيد عضو المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، الشيخ الفريق سلطان السامعي، بجهود وزارة الزراعة في توسيع وتطوير زراعة “البن” وتصديره من خلال إنشاء مركز بحوث “البن” التابع للوزارة والهادف إلى إنتاج أفضل وأجود أنواع “البن” وبكميات كبيرة لمواكبة الطلب العالمي المتزايد عليه، مشدّدًا في كلمة له خلال المهرجان على ضرورة المزيد من التوعية للمزارعين وتحفيزهم على الاتّجاه نحو زراعة هذا المنتج الوطني الفريد الذي يجسد أصالة وتاريخ اليمن والمزارع اليمني منذ قرون طويلة، داعياً وسائل الإعلام للاضطلاع بدورها في توعية المواطن والمزارع بالاتّجاه نحو زراعة “البن” وتصديره، والاستفادة منه كعائد نقدي مربح ومصدر للدخل القومي.
ويحتفل اليمنيون –كما أسلفنا- في اليوم الثالث من مارس من كُـلّ عام بيوم البن اليمني “عيد موكا” في مبادرة شبابية لاقت رواجاً رسميًّا وشعبيًّا في محاولة لإعادة الاعتبار لهذه الشجرة التي تنتج أحد أفضل أنواع البن على مستوى العالم.
وجاء تنظيم وانطلاق مهرجان تسويق البن تحت شعار “نُحيي التاريخ ونزرع الأمل”، وهو مكمل لمهرجان ومعرِضِ “ثورة البن” الذي نُظِّم في العام الماضي.
ويقول رئيسُ لجنة المصدِّرين بالغرفة التجارية، رشيد أحمد علي: إن هذا المهرجانَ يأتي مكمل للمهرجان السابق الذي انطلق العام الماضي، ونسعى من خلاله إلى إعادة إحياء الموروث التاريخي إلى جانب زراعة الأمل لدى المصدرين والمزارعين وتحفيزهم على التفاعل والمشاركة بشكل أكبر على حَــدٍّ سواء.
ويوضح رشيد في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن المهرجان هو مهرجانٌ شعبي كرنفالي أكاديمي استشاري، إلى جانب وجود دورات تذوق للبن، مشيداً خلال حضوره المهرجان بالمشاركة الفاعلة والكبيرة جِـدًّا من جميع الشركات ومن جميع الممثلين سواء كانت شركات كبرى أَو صغرى أَو شركات ريادية.
وقال: “نرى في المهرجان السابق النجاحَ الكبيرَ، من خلال تبادل المعلومات والخبرات وتبادل المنافع التجارية والتعرف على شركات إنتاج البن اليمني”، مطالباً بالمزيد من الاهتمام بشجرة “البن” كُلٌّ في قطاعه، ومناشداً الدولة بالمزيد من الدعم من خلال بناء السدود وإنشاء المزارع، وبناء البنية التحتية لإنتاج وتحصيل البن حتى تسويقه وتصديره.
وَأَضَـافَ: “على المزارع أن يهتم بالجودة أكثر بكثير وعلى المصدرين والمسوقين والتجار أن يتوجّـهوا للبن اليمني والعمل على تطويره”، مُشيراً إلى أن الصعوبات كثيرة ومنها العوامل الاقتصادية وعوامل التصدير وسياسية، وكذلك الوضع الذي يعانيه المواطن من انعدام القوة الشرائية وانعدام المشاريع والشحة الموجودة في السوق عُمُـومًا.
ويتفق مسؤولُ وحدة البن في اللجنة الزراعية العليا محمد القاسمي، مع رشيد في أن هذا المهرجان يأتي لإحياءِ التراث والتاريخ فيما يخص “البن” اليمني، موضحًا أن المزارعين والمنتجين ومصدري البن وكلّ محبي وعشاق البن اليمني واليمنيين يمتلكون تراثاً تاريخيًّا في البن أكثر من 800 عام.
ويؤكّـد القاسمي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن هذا التاريخ وهذا التراث وهذا الموروث الشعبي والثقافي الزراعي الإنتاجي تم تدميره خلال الفترة الماضية، وتم القضاء عليه بشكل ممنهج.
ويضيفُ خلال حضوره المهرجان: “نحن نسعى -كل العاملين في قطاع البن- على إحياء هذا التراث وهذا التاريخ وهذا الموروث والعودة به إلى الصدارة بإذن الله تعالى”، مُشيراً إلى أن المهرجان السابق عبارة عن أول مهرجان خاص بالبن نظم في اليمن وكان تجربة جيدة وناجحة استمر ليوم واحد، بينما مهرجان اليوم والذي تنظمه اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري تحت شعار “نحيي التاريخ ونزرع الأمل” استمر لثلاثة أَيَّـام ابتداءً من 3 مارس وحتى 5 مارس 2022م.
ويوضح أن الغرضَ من هذه المهرجانات والفعاليات هي تعريفُ المجتمع بالبن اليمني وثقافة البن إلى إيجاد الأسواق المحلية وفتح الأسواق المحلية بشكل كبير جِـدًّا، مؤكّـداً أن المزارعين هم الثوار الحقيقيون في هذا القطاع وهم اللبنة الأولى، مثمناً جهودهم الكبيرة، مطالباً بالاهتمام أكثر بالإنتاج وتطوير الجودة، وداعياً التجار والمصدرين للبحث عن أسواق بديلة وكبيرة جِـدًّا للبن اليمني.
مهرجانٌ تسويقي
وفي السياق، يقول المنتج والمزارع والتاجر غالب الهماسي: إن إقامة هذا المهرجان في اليوم الوطني للبن اليمني، وهو يوم وطني نحتفي فيه بزراعة شجرة البن، والذي يواكب اليوم الثالث من شهر مارس من كُـلّ عام، هي مناسبة وطنية يجب أن نفتخر بها، والعمل على رؤية هذا المنتج الذي اشتهرت به اليمن قديماً؛ باعتبَاره الأفضل على مستوى العالم.
ويوضح التاجر الهماسي خلال حضوره المهرجان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن هذه المناسباتِ والمهرجاناتِ الكرنفالية هي لتحفيزِ إنتاج البن وإعادة تاريخنا ومجدنا وتراثنا الماضي الذي قد كان قد انتهى، مؤكّـداً أنه بجهود الجميع نعيد تاريخنا ونعيد زراعة شجرة البن في جميع أنحاء اليمن، فلدينا سلسلةٌ جبليةٌ من صعدةَ إلى يافع وكلها أراضٍ جاهزة وصالحة لزراعة البن.
ويشيد بمستوى المشاركة سواء في المهرجان السابق أَو هذا المهرجان، بل إن مهرجان التسوق للبن هو الأكبر في اليمن، وبفارق كبير، حَيثُ إن هناك اجتهاداً وتطوراً، وتقدماً في الدعم من ناحية الدولة من جهة ومن اللجنة الزراعية من جهة والمزارعين وكذلك الشركات شاركوا بمستوى فاعل وكبير.
ويُنهِي حديثَه بمطالبة وزارة التربية والتعليم بإعادة النظر في المنهج وإضافة إنتاج وزراعة البن إلى المناهج التعليمية وتعريف الأجيال والطلاب بقيمة هذه الشجرة ومكانتها الفريدة لدى اليمن واليمنيين منذ القدم، وبأهميّة هذا المنتج الوطني وما يمكن أن يضيفَه كمصدر للإنتاج المحلي، داعياً التجار والمصدّرين للحذر في عملية تصدير البن بأمانة كما هو دون غش أَو تلاعُبٍ في البن اليمني، حَيثُ يقومُ البعضُ من التجار بخلط البن اليمني ببن أجنبي بما نسبته 20 % كحوائجَ ثم يبيعه على أنه بُنٌّ يمني 100 %، وهذه جريمة كبيرة وعظيمة، فمن غشنا ليس منّا.