عملية كسر الحصار الأولى.. أرامكو تحت القصف
العميد الثور: القواتُ المسلحة لن تسكُتَ على تجويعِ الشعب اليمني وهي تزدادُ قوةً فوق قوتها
الحداد: كافة المنشآت الاقتصادية السعوديّة المهمة خُصُوصاً ما يتعلق بمصافي النفط أصبحت اليوم تحت رحمة الطيران المسيَّر
الغرسي: استهدافُ النفط السعوديّ بهذه العمليات النوعية سيكون له أثرٌ سلبي على اقتصاد المملكة خَاصَّةً مع ارتفاع أسعار النفط حَـاليًّا في العالم
معيض: الشعب اليمني يعيش حالةً من الوعي والبصيرة واستهدافُ المناطق الحيوية في السعوديّة رسالةٌ لتفيق من غيره
رداً على أزمة المشتقات النفطية والحصار الخانق للشعب اليمني
المسيرة – خاص
بدأت القواتُ المسلحة بالرد الفعلي على سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها العدوانُ الأمريكي السعوديّ والمتمثلة في تشديد الحصار على الشعب اليمني، ومنع دخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، والذي تسبب بأزمة خانقة على كافة المستويات.
وأعلنت القوات المسلحة في بيان لها، أمس 11 مارس 2022م عن تنفيذ عملية “كسر الحصار الأولى”، رداً على تصعيد العدوان وحصاره ومنع دخول المشقات النفطية، حَيثُ نفذت العملية بـ 9 طائرات مسيرة منها 3 طائرات نوع صمَّـاد 3 استهدفت مصفاة أرامكو في الرياض عاصمة العدوّ السعوديّ، في حين استهدفت 6 طائرات مسيَّرة منطقتي جيزان وأبها ومواقع حساسة أُخرى.
وأكّـدت القوات المسلحة أنها في حالة تأهب قصوى لتنفيذ عمليات عسكرية رداً على منع دخول المشتقات النفطية، مؤكّـدة “أنها قادرة على تحمل مسؤولياتنا تجاه الشعب والبلد في هذه المرحلة المهمة حتى وقف العدوان ورفع الحصار”.
وتأتي هذه العملية في ظل بلوْغ أزمة انعدام المشتقات النفطية إلى الذروة، وإعلان عدد من قطاعات الدولة، وعلى رأسها القطاع الصحي التوقف عن العمل، الأمر الذي سينعكس سلبياً على حياة المواطنين، وتلقيهم الكثير من الضربات المؤلمة في قوتهم ومعيشتهم جراء هذا الحصار، كما تأتي العملية ترجمة للاستفتاء الشعبي، من خلال المسيرات التي شهدتها اليمن الأسبوع الماضي، ومطالبة الجماهير للقوات المسلحة بالضرب بيد من حديد ضد قوى العدوان المتحكمة بقرار الحصار وخنق الشعب اليمني.
وتدفع قوى العدوان إلى استخدام الورقة الاقتصادية، وتشديد الحصار على الشعب اليمني؛ بغيةَ تحقيق جملة من الأهداف، وعلى رأسها إثارة السخط الشعبي على السلطة بصنعاء، وتحميلها مسؤولية ما يحدث، وهو ما تعمل عليه الماكينة الإعلامية للعدوان والمرتزِقة، الذين يحاولون إقناع الشارع اليمني بالخروج بالمظاهرات والاحتجاجات لتحميل من تسميهم “الحوثيين” مسؤولية أزمة الوقود، وحرف الأنظار على السبب الحقيقي وراء افتعالها وهو العدوان الأمريكي السعوديّ.
وبموازاة الاستفتاء الشعبي، وتوضيح شركة النفط اليمنية لحقيقة وضع أزمة المشتقات النفطية في مؤتمر صحفي أقيم الخميس الماضي بصنعاء، لم يبقَ من خيار أمام القوات المسلحة إلا الرد المزلزل، والذي يتضح من خلال تسمية “عملية كسر الحصار الأولى” أنه سيكون متدرجاً، وُصُـولاً إلى تحقيق هذه الغاية.
مقدّمةُ انذار
ويؤكّـد الخبير والمحلل العسكري العميد عابد الثور أن القوات المسلحة لا يمكن أن تلتزم الصمت تجاه المخاطر التي تتهدّد الشعب اليمني؛ نتيجة الإمعان في حصاره، منوِّهًا إلى أنها تملك خيارات متعددة، وأن هذه العمليةَ ليست سوى مقدمة لعمليات أُخرى ستكون أكثر إيلاماً ووجعاً للنظام السعوديّ، إذَا استمر في غيه وتشديد الحصار على اليمنيين.
وأشَارَ الثور إلى أن العمليات القادمة سكون موجعة ضد السعوديّة، وأن القوات المسلحة اليمنية دخلت مرحلة جديدة ستكون أهدافها في قادم الأيّام هي المنشآت النفطية السعوديّة، والتي تعتبر عصبَ الاقتصاد للمملكة؛ لأَنَّ السعوديّة لا تستطيع الحياة بدون نفط، قائلاً: إن القوات المسلحة اليمنية قادرة على خوض معركة دائمة مع السعوديّة، والاستمرار فيها لعشر سنوات أُخرى قادمة، وإنها لن تظل مكتوفة الأيدي تجاه ما يحصل للشعب اليمني من خنق وحصار مميت، منوِّهًا إلى أن الدفاعات الجوية السعوديّة لا تستطيع التصدي لمثل هذه الطائرات المسيرة اليمنية، وأنه في حال الاستمرار وعدم الأخذ بالاعتبار لهذه الرسائل اليمنية، فَـإنَّ القوات المسلحة اليمنية في جعبتها الكثير والكثير، ولديها أسلحة متطورة، وتقدم هائل في هذا المجال وأن السعوديّة في خطر حقيقي.
ويرى العميد الثور أن هذه العملية تعتبر رسالة من اليمن للسعوديّة لتؤكّـد قدرة اليمنيين على الاستمرار في استهداف عمق العدوّ لسنوات وسنوات عدة، مُضيفاً أنه: إذَا حاصرونا وقطعوا المشتقات النفطية فلا يعتقدوا بأن القواتِ المسلحة ستقفُ بدون رد، بل إنها ستعاظِمُ قدراتِها ومُستمرّةٌ في التدريب والتأهيل، مُشيراً إلى أن هذا يعطي رسالةً أنه مهما امتلكت السعوديّةُ من قدرة دفاعية وبإمْكَانيات أمريكية بريطانية إسرائيلية، فلن تستطيعَ المواجهة.
ويتساءل العميد عابد الثور: “نحن داخلون في العام الثامن ماذا قدمت أمريكا للسعوديّة وماذا قدمت إسرائيل وبريطانيا للنظام السعوديّ طيلة هذه المدة؟، موجهاً كلامه للنظام السعوديّ: “ها أنتم تنفضحون أمام العالم وكشفت المستور أنكم دولة هشة ولا تستطيعون أن تواجهوا.. ها هي الضربات استهدفت عاصمة السعوديّة”.
ويضيف بأن ذرائع النظام السعوديّ كاذبة واحتجاجهم بصد الصواريخ والمسيرات لا أَسَاس له من الصحة، مؤكّـداً أنه لو أعطى العالم بأسره دفاعاته الجوية لهم لَعجزوا عن التصدي للطائرات المسيرة والصواريخ اليمنية، وأن القوات المسلحة تمتلك في جعبتها الكثير والكثير من الأسلحة الحديثة، وهي في تطور مُستمرّ وإنتاجها متواصل.
ويواصل: “نحن نقاتل؛ مِن أجلِ مظلوميتنا وقضيتنا العادلة، فلا يعتقدوا بأننا سنسكت أَو أن القوات المسلحة ستضعف يوماً ما، بل بالعكس تزداد قوة فوق قوتها.
النفطُ مقابل النفط
واعترف النظام السعوديّة بـ “تعرض مصفاة تكرير البترول في الرياض لهجوم بطائرة مسيرة، لكنه ادعى أن الهجوم نجم عنه “حريق صغير” تمت السيطرة عليه، ولم يترتب على الهجوم إصابات أَو وفيات، كما لم تتأثر أعمال المصفاة ولا إمدَادات البترول ومشتقاته”، لافتاً إلى أن الهجوم يؤثر على زعزعة أمن واستقرار إمدَادات الطاقة في العالم، ويؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي.
ويقول الخبير المالي والاقتصادي جميل الجعدبي: إن عملية كسر الحصار الأولى حملت رسالتين للسعوديّة وأمريكا، فالأولى تؤكّـد أن المتغطِّي بأمريكا عريان، وأن الارتهان والاعتماد على واشنطن غير مُجْدٍ، في حين أن الرسالة الثانية موجهة إلى أمريكا، وأنه يجب عليكم عدم الاعتماد على النفط السعوديّ، ولا سيما وأنتم تخوضون حرباً غير مباشرة في أوكرانيا؛ ولذا فَـإنَّ الاستمرار في حصار الشعب اليمني سيعرض النفط السعوديّ للخطر ولن تستفيد منه واشنطن أَو حلفاؤها.
من جانبه، يؤكّـد الخبير الاقتصادي رشيد الحداد أن هذه العملية العسكرية هي أولى العمليات التي تنفذها القوات المسلحة، وتأتي في إطار عمليات واسعة قادمة، وهي تؤكّـد أن كافة المنشآت الاقتصادية السعوديّة المهمة خُصُوصاً ما يتعلق بمصافي النفط أصبحت اليوم تحت رحمة الطيران المسير، مُشيراً إلى أن هذه العملية تتميز بقلة تكلفتها، إضافة إلى أنها من الطائرات الفعالة في استهداف القطاعات النفطية.
ويضيف أن الأجواء السعوديّة أصبحت مفتوحة أمام الضربات المسيرة، وأن السعوديّة لن تستطيع أن تواجه هذه الضربات سواء بالمدى البعيد أَو حتى المتوسط، وأن هذه الضربات تأتي في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية على المستوى العالمي؛ نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، مبينًا أن هذه الضربات ستكون لها تداعياتٌ على مستوى أسواق النفط العالمية، وأن هذا يعتبر تهديدًا كبيرًا جِـدًّا بالنسبة للعدو السعوديّ؛ لأَنَّه كان يمتلك فرصة لتعويض الخسائر نتيجة الاستهداف، ولكن جاءت هذه الضربة فأضاعت هذه الفرصة من أمامها.
ويوضح الحداد أن هذه الضربات المسيرة ستكون تكلفتها كبيرة جِـدًّا على اقتصاد النظام السعوديّ نتيجة استمرار حصار المشتقات النفطية على اليمن، وأن ما على السعوديّة إلَّا أن تحد أَو لا تحد من هذه الهجمات اليمنية.
من جانبه، يشير الكاتب والمحلل السياسي طالب الحسني إلى أن هذه أولى العمليات العسكرية المنحصرة في كسر الحصار كعنوان رئيسي ووحيد للعملية، تحول كبير إذَا استمرت بوتيرة عالية، وتساعد في ذلك أزمة الطاقة المتصاعدة، فالعالم لن يتحمل ارتفاعصا آخرَ جديدًا للوقود.
وقال الحسني بتأكيد: “قد يكون تقدير السعوديّة كالعادة خاطئًا إذَا اعتقدت أن العالم سيأتي لمساعدتها”.
ويتفقُ جميعُ الخبراء والمحللين السياسيين والاقتصاديين أن عملية “كسر الحصار الأولى” تأتي رداً طبيعياً على الحصار المفروض على الشعب اليمني من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
ويوضح الكاتب والصحفي زيد الغرسي أن البيان احتوى على مؤشرات مهمة ودلالات أولاها أن عملية كسر الحصار الأولى تظهر وصول الجيش واللجان الشعبيّة إلى العمق السعوديّ أَو الإماراتي حتى يتمَّ كسرُ الحصار ويتم السماح بدخول المشتقات النفطية، إلى جانب وقف العدوان بشكل كامل، وهذه إشارةٌ مهمةٌ ورئيسيةٌ، إضافة إلى تأكيد القوات المسلحة وفقاً للمتحدث العميد سريع على استعدادها الكامل والجهوزية التامة لتأديب دول العدوان جراء استمراره منع دخول المشتقات النفطية، مؤكّـداً أننا سنشهد خلال الأيّام القادمة عدة عمليات والتي ستكون تصاعدية بشكل أكبر ومؤلمة لدول العدوان.
ويشير الغرسي في تصريح لصحيفة “المسيرة” إلى أن هناك حالةً إنسانية وَأزمةً كبيرة؛ بفعل انقطاع المشتقات النفطية أثّرت على الشعب اليمني، وجعلت الجماهير تخرج في مظاهرات حاشدة لتعلن تفويضها للقيادة الثورية والجيش واللجان الشعبيّة باتِّخاذ القرارات المناسبة، وهو ما تم ترجمتُه بالعملية العسكرية “كسر الحصار الأولى، داعياً دول العدوان أن تستوعب هذه العملية، ما لم فَـإنَّ القادم سيكون أكثر ايلاماً.
ويلفت إلى أن هناك معادلةً جديدةً تتمثل اليوم بأن “النفط مقابل النفط”.. أنتم توقفون دخول سفن مشتقاتنا النفطية وسنوقف صادراتكم من النفط، منوِّهًا إلى أن هذه معادلةً جديدةً سيرسُمُها الشعب اليمني وأبطال القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير؛ حتى يتم فك الحصار عن الشعب اليمني.
ويزيد بالقول: “الجميعُ يعرف أن النفط هو عصَبُ الاقتصاد السعوديّ وأرامكو تمثل ركيزةَ هذا العصب وكل وارِدات المملكة العربية هي من النفط، وبالتالي استهداف النفط بهذه العمليات النوعية والمتفرقة في عدة ولايات بالنسبة للسعوديّة، سيكون له أثرٌ سلبي كبير على اقتصاد المملكة خَاصَّة مع ارتفاع أسعار النفط حَـاليًّا في العالم، والذي كانت ستجني منه السعوديّة الكثير من الأرباح لكن اليمنيين يقولون كلمتهم بأنه لم تكن هناك أرباحٌ ما لم يكن هناك فتحٌ للطريق أمام سفن المشتقات النفطية.
ويؤكّـد الغرسي أن على السعوديّة أن لا تفرح ولا يفرح محمد بن سلمان في أن يركز على ارتفاع النفط عالميًّا وأنه سيحصل على أرباح كثيرة، فهذا لم يعد ممكناً، موضحًا أن اقتصادَ المملكة سيتضرر من عمليات فك الحصار، وأن النظام السعوديّ أمامه خياران إما أن يستمرَّ في تشديد الحصار على الشعب اليمني ويتلقى المزيد من الضربات المؤلمة والعمليات الكبيرة، وبالتالي سيتضرر بشكل أكبر، وإما أن يفك الحصار عن الشعب اليمني ويجنب اقتصاده وعلى رأسها شركة أرامكو النفطية الخطر.
من جانبه، يؤكّـد المحلل السياسي عقيل معيض أن عمليةَ كسر الحصار الأول تأتي مصداقاً لقوله تعالى: (ولمنِ انتصرَ بعد ظلمهِ فأُولئك ما عليهم من سبيل)، موضحًا أن تماديَ العدوان واستمرارَه على الحصار الاقتصادي على الشعب اليمني ولا سيما منع دخول المشتقات النفطية يعد جريمة كبيرةً في حق الإنسانية.
ويذكر أن القانون الدولي للأمم المتحدة يؤكّـد على تحييد الجانب الإنساني في الحروب، في حين يثبت الواقع عكس ذلك، وأن تلك العبارات مُجَـرّد حبر على ورق، الأمر الذي يعطينا الحَقَّ في الدفاع عن أنفسنا كشعب يمني مظلوم.
ويشير إلى أن القوات المسلحة أحكمت الهدفَ باستهدافها مصفاة أرامكو في عاصمةِ العدوّ السعوديّ الرياضِ ومناطق أُخرى حساسة في جيزان معتبرًا ذلك في سياق الرد المشروعِ على العدوانِ والحصارِ، مؤكّـداً أن الشعبَ اليمني يعيشُ في حالة من التكالب العالمي والحصار الدولي وفي ظل صمت دولي مريب، في حين نجد العالم بما فيها الأمم المتحدة متجهين بكل قواهم إعلاميًّا وإنسانيًّا وعسكريًّا؛ مِن أجلِ الأزمة الأوكرانية والتي لا تتجاوز فترتها 30 يوماً.
ويلفت إلى أن العالَمَ المنافقَ يغُضُّ الطرف عن معاناة اليمنيين الذين يعانون من حصار خانق على مدى ثمانية أعوام.
ويختم معيض حديثَه بالقول: “نجدُ أن الشعبَ اليمني العظيم يعيشُ في حالةٍ من الوعي والبصيرة والثبات والتمكُّن اللامحدود، ولاسيما في القدرات العسكرية التي من خلالها بعون الله كسر الحصار واستهداف المناطق الحيوية لدول العدوان حتى تفيقَ من غيها وظلمها لهذا الشعب، واللهُ خيرُ مُعين وَناصر”.