مسيرةُ صدقٍ ومصداقيّة
زينب إبراهيم الديلمي
سئمنا من التنقل والبحث عن فضائياتٍ اعتادت بنقل المراوغة وجلب الأكاذيب إلى أسماع النّاس، فلم يعد يدري المرء أين الصّالح من الطالح، والمُصلح من المفسد، والصّادق من الكاذب.. وكاد يجهل الكثير من المؤامرات الخبيثة التي استحضر الأعداء فهرسها ورمي الحقائق في دهاليز التيه والضياع.
هكذا كان حالنا عام 2011م عندما كانت المؤمركات الأمريكيّة تستوطن الإعلام اليمني وتستهدف فكر المواطن اليمني ووعيه ومعرفته للحقائق المُغيّبة منذ عقود، إذ كانت الفضائيّات اليمنيّة آنذاك لا تودّ نقل الصّورة والحقيقة ما تعرضت له اليمن من مؤامراتٍ ومكائد خارجيّة، وعلامة ذلك وأبرزها شاهد هي الحروب الست الظّالمة على صعدة التي اشتغل بها الإعلام اليمني المأمور أمريكياً آنذاك في تضليلها ونقلها للناس كما زعم -بمحاربة المُتمردين وإنهاء الشريط الشيعي- كما وصفها زعيم الخيانة عفاش.
وفي العام ذاته، كان ينقصنا شيئاً هو الحقيقة في زمن الوَصايَة، الحقيقة التي كُمَّ فاهها منذ أمدٍ طويل، الحقيقة التي بقيت مكنونة واختنقت من حبال الزيغ والافتراءات، كُنا بحاجةٍ إلى إعلامٍ يقطع كُـلّ تلك الأواصر ويتجه إلى نقل صوت الحق والمظلوميّة، إلى إيضاح معاناة وآلام الشعب والأمَّة قاطبتها، وإلى فضح الضلال والضّالين والمضلّين وإفكهم الفادح.
من زحمة الأحداث وفي خضم العمل على تحقيق مُنى المظلومين والمُستضعفين في إرساء دعائم الحق ولملمة المصداقيّة، وفي آذار الثالث والعشرين 2012م انبثقت مشكاة شبكةٍ إعلاميّة حملت شعار “صدق الكلمة” كركيزة أَسَاس في حمل هموم الأُمَّــة وأوجاع المُستضعفين وأنين المكلومين.
هي المسيرة، الفضائية القرآنيّة التي حلّقت في فضاءات الإعلام العالمي تحمل الحقائق وقيم العدالة في بث مصداقيّة القول في زمن الأفواه الكاذبة، وهذا العامل الهام أَدَّى إلى فتح آفاقٍ واسعة في إيصال رسائل الشعب اليمني وصوته من خلال برامجها الهادفة المُعبّرة عن صموده وإباءه لضيم الباطل.
هي المسيرةُ اليمنيّة الفلسطينيّة في آن، حَيثُ جعلت من القضيّة الفلسطينيّة بوصلة أهدافها وحبل وريدٍ يتصل في وجدانها، وكعنوانٍ رئيسٍ لجني عناقيد المظلوميّة وتقاسمهما ثنائيّة التضحية والانتصار، لدحض أوكار العدوّ الصّهيوني وقطع يد كيانه الأوهن من بيت العنكبوت.
هي المسيرةُ الأيلوليّة التي وثّقت لحظات هذه الثورة المجيدة ورسمت بريشة الكرامة ألوان الظفر والانتصار في أيلول الحادي والعشرين من عام 2014م، يوم ازدهرت اليمن وجغرافيّتها وشعبها بالحريّة والاستقلال الكاملة وتطهّرت من رجس الوصاية الخارجيّة وآفة العمالة الداخليّة.
هي المسيرةُ الصموديّة التي التقطت أول صورة لجريمة العدوان العالمي في آذار السّادس والعشرين من عام 2015م وكانت أول الكاميرات توثيقاً لركام المنازل وأشلاء الأبرياء وآهات الأطفال والنّساء وأول الفضائيات دحضاً لمزاعم أبواق العدوان وغنائيّته الصّاخبة بأن غاراته العدائية هو لأجل إعادة الشرعيّة المُنتهية ولايتها!
هي المسيرةُ الجهاديّة التي قاسمت أبطال جيشنا ولجاننا الشعبيّة رغيف انتصاراتهم البطوليّة من خلال عدسات الإعلام الحربي التي دوّنت الآلاف من المشاهد الأُسطوريّة لتضحياتهم وجهادهم وتنكيلهم بالعدوان وجلاوزته المرتزِقة.
هي المسيرةُ الاستشهاديّة التي نَهَلَت من عطاء الشهداء الأبرار وفيض دمائهم الطّاهرة، والتي انحنت إجلالاً وتعظيماً لمقامهم الأعظم وتقف دوماً خاشعة في رحابهم الأطهر وفي محرابهم الأخلد، وحيثُ هناك من كوادرها نالوا شرف الالتحاق لقافلة الخلود ونالوا منزلة الأنبياء والأولياء والشّهداء والصّالحين وحسن أُولئك رفيقاً.
هي تحية شعب الإيمَان والحكمة وأسر المرابطين والشهداء والجرحى والأسرى إلى قناتهم التي لامست مُعاناتهم وصبرهم، وبلسمت جراحاتهم من أول وهلة افتتاحها حتى هذه اللحظة، هي تحية الأحرار إلى فضائيتهم التي تستمع دوماً لما يطرحونه من رسائل يودّون توجيهها، هي تحية الشعب الفلسطيني المظلوم إلى عضيدة مظلوميّتهم التي وقفت وساندت ودعمت قضيّتهم الأم من خلال تغطياتها المفتوحة عبر أثيرها التلفزيوني، هي تحية كُـلّ ثائرٍ حر ومضطهدٍ في ساحتنا الإسلاميّة إلى مرآة الحقيقة وجبهة البصيرة.
وفي الربيع العاشر من ارتقائها في صدارة الإعلام الجدير، لا تزال وستظل قناة المسيرة صوت الحق وصدى الحقيقة وصدق الكلمة وعطاء يستحق تغطيّة أوسع، ستبقى الصّرح الإعلامي والجبهة التي تخاطب أولو الألباب في منبر الحق وصومعة الوعي، والشُعلة المُتقدة التي تحرق به بجاحة الطُّغيان بإماطة لثام الزّيف والبُهتان.
في ربيع المسيرة العاشر، لن يستطع شذاذ الحقد إطفاء نورها ونور المسيرة القرآنيّة، ولن يكمّوا فاهها مهما كانت لديهم من فضائيّات عُظمى ومن شهب ونيازك.
فكُلّ عامٍ وقناة المسيرة وإعلامييها وكادرها والعاملين فيها هم المُنتصرين دوماً.