ذلك أزكى لهم
فهد شاكر أبو رأس
إن من أخطر الحروب التي يشنها الأعداء على أبناء أمتنا الإسلامية الحرب الناعمة والثقافية بحيث يسعى العدوّ من خلال هذه الحرب إلى ضرب قداسة النفس المسلمة وإفساد زكائها ومحق فطرتها وتفريغها من كُـلّ المبادئ والقيم الإسلامية والأعراف القبلية والعربية الأصيلة.
ومما لا شك فيه أبداً هو أن العدوّ يعلم جيِّدًا أن صورة تلك المرأة المكشوفة التي نراها في شاشة التلفزيون أَو في الصحيفة أَو في مواقع التواصل الاجتماعي أَو في إعلان في الشارع أَو على قرطاس أي منتج غذائي أَو ملابس أَو أدوات تجميل.. إلخ، سوف توجد خللاً في النفوس لا محالة بل ويدرك العدوّ أَيْـضاً أنه لا بدَّ لهذه الصور من أن تُنقص من زكاء أنفسنا بأية وسيلة وبأية طريقة أَو أُسلُـوب.
ولهذا فجميعنا يعلم ويعي طبيعة هذا الإصرار والسعي الحثيث من قِبل العدوّ لأن تتخلع النساء وتتبرج وتمجن، الله سبحانه وتعالى يقول {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أي أطهر لأنفسهم.
حتى أني أذكر أنه قبل عام ونصف أَو أكثر من ذلك أنه تم إنشاء مجموعة في منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك من قِبل جهة مجهولة وأطلقوا على تلك المجموعة اسم “أخبار مأرب معارك حامية” طبعاً توافد إليها الناس بشكل عجيب ورهيب ومن كُـلّ الأطياف في مجتمعنا اليمني مجاهدين ومرتزِقة ومحايدين… إلخ.
المهم كان الإقبال على تلك المجموعة بشكل غريب وعجيب ومتسارع إلى حَــدّ كبير وسرعان ما تجاوز عدد الأعضاء فيها الـ 500 ألف عضو في فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز نصف الشهر تقريبًا، كان النشر فيها مسموحاً لكل الأعضاء بمختلف توجّـهاتهم وشيئاً فشيئاً بدأ العاملين على تلك المجموعة بتقييد الحسابات التي استغلت هذه المجموعة لنشر هدى الله ومن ضمنها حسابي الشخصي في فيسبوك والإبقاء فقط على الحسابات المفرغة من القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية والتي كانت لا تجيد إلا لغة السب والشتم والألفاظ البذيئة، وفي غضون أَيَّـام ظهرت حسابات مجهولة في تلك المجموعة بأسماء نساء وبألقاب يمنية وعلى مدار 24 ساعة كانت تلك الحسابات تنشر صور نساء عاريات ماجنات ومخلة بالآداب الإسلامية وبالأعراف القبلية، عندها تذكرت أنا قول الشهيد القائد (رضوان الله عليه) في محاضرة سورة المائدة “الدرس الأول”، حَيثُ قال “عندما ترى امرأة مكشوفة في التلفزيون فاعرف أنه لا بد أن ينقص من زكاء نفسك شيء {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أطهر لنفوسهم.
ألم يعملوا على أن تتخلّع النساء وتتبرَّج؟ لماذا؟ هم يعرفون أن تلك الصورة عندما تراها أنت تُوجِدُ خللاً في نفسك، ووسيلة مع وسيلة أُخرى، وأُسلُـوباً بعد أُسلُـوب، وطريقة بعد طريقة، ترى نفسك قابلة، وأنت لا تزال تُحِسُّ في رأسك أن اسمك مؤمن، وأنك مؤمن واسمك مسلم، وتقول للآخر: يا يهودي يا نصراني، وتنطلق لتصلي وتصوم وتحج وتزكي، ومسلم مؤمن، ولكن واحدةً بعد واحدة، ضربة بعد ضربة مما يفْسدُ بها زكاء النفس وطُهْر النفس، ثم تضليل ثقافي، يترافق أَيْـضاً، تضليل ثقافي عن طريق الصحيفة، المجلة، التليفزيون، الإذاعة الكُتّاب، الصحفيين، المرشدين، أشياء كثيرة جِـدًّا تهاجم الإنسان من كُـلّ جهة.
حتى أني لاحظت في الآونة الأخيرة منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا بعض الأصدقاء ممن نعرفهم أنهم مجاهدون في شبكات التواصل الاجتماعي ينشرون صور نساء أوكرانيات عاريات وماجنات من باب السخرية بالجيش الأوكراني والتطبيل لروسيا وجيش روسيا متناسين أنهم بهذا الفعل يعينون العدوّ على ضرب قداسة النفس المسلمة وإفساد زكائها بنشرهم تلك الصور العارية والماجنة.
حاولت أن أنصح من خلال منشور في حسابي الشخصي على فيسبوك وَإذَا بي أتفاجأ من أن بعضهم دخل ينصحني في التعليقات بأن لا أكون متشدّداً وأنهج بذلك نهج الدواعش المتشدّدين وكأن هذه المبادئ والقيم جاءت بها داعش وليس ديننا الحنيف وقرآننا العظيم.
فعلاً هي حرب ناعمة تبدأ بإفساد زكاء النفوس ثم تضليل ثقافي عبر الصحيفة أَو التلفزيون أَو الإذاعة وعبر الكُتاب والصحفيين والمرشدين وأشياء كثيرة تهاجم الإنسان المسلم من كُـلّ جهة تماماً كما قال سيدي حسين (رضوان الله عليه) في عام 2000م فالسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حياً.