“صدق الكلمة” أيقونةُ عطاء ورمزُ انتصار .. بقلم/ إبراهيم محمد الهمداني
في البدء كانت الكلمة حلمًا، وكان الصدق نهجًا، وكانت هيمنة الزيف، تغتال بوح الحقيقة، وكانت الحرية ترسف في قيود الإمبريالية الإعلامية العالمية، ومن رحم المعاناة، وبقوة الحق، قام فتية آمنوا بربهم، فربط على قلوبهم، وزادهم هدى، فكانوا خير من آمن بالكلمة، وخير من انتهج الصدق، وعلى أيديهم كانت “صدق الكلمة”، فتحا إلهيا، ونصرا عظيما، وانتصارا للحق بالحق، في مواجهة إمبراطوريات الزيف، وممالك الكذب والتضليل.
كانت “صدق الكلمة”، قناة المسيرة الفضائية، صوت الحق، ومنبر الحقيقة، ونهج الصادقين، وساحة جهاد مقدس، في سبيل الله، ونصرة المستضعفين، وقبلة الأحرار، ونبض الحرية، وضمير الأُمَّــة الإسلامية، وحقيقة هُــوِيَّتها الإيمَانية، وقيمها ومبادئها وثوابتها، ولسان حالها، في مواجهة الطغاة المستكبرين الظالمين، وانتزاع حريتها واستقلالها، من أيدي الفراعنة المتسلطين، وصون كرامتها وعزتها، من عبث الطامعين، وتطاول السفهاء المجرمين.
“صدق الكلمة”.. كانت طوق النجاة، في محيط الإعلام الإمبريالي الموجَّه، الذي أغرق سفن الوعي الجمعي للشعوب المستضعفة، بأمواج الكذب العاتية، وأرهبهم بعواصف الأزمات المتوالية، وأضعفهم بفرض هيمنته المرعبة، ودجنهم بسيوف قراصنته القاطعة، فكان أن أبحرت الشعوب المستضعفة، على سفينة ربانها الوهم، وبوصلتها الكذب، وفنارها الهيمنة والاستعباد، في محيط إعلامي إجرامي، مترامي الأطراف، مكتظ بالمخاوف والإرهاب، لا نهاية لجنون أنوائه، ولا أمل في بلوغ شواطئه، في ظل ليلٍ حالكِ السواد، يسُدُّ الأُفُقَ، ويملأُ الفضاءَ بكوابيس الغرق القادم، وأهوال الموت الحتمي، الذي يترصد رحلة مجهولة المصير، جاهلة عن أهداف الرحلة والمسير.
كانت سياسات واستراتيجيات الإعلام الاستعماري، هي السمة الغالبة على معظم القنوات الفضائية العربية، التي كانت تدور في فلك المستعمر، وتخدم مشاريعه التدميرية، ومخطّطاته التسلطية، وما بين قنوات فتنوية، وقنوات انحلالية إفسادية، تفرقت دماء الشعوب، وتم اغتيال الوعي الجمعي، والانحراف بالمجتمع العربي المسلم، عن مساره الحقيقي، وقضيته العادلة، وحقوقه المشروعة، والزج به في حلبة صراعات لا تمثله، وعداوات وانقسامات وحروب، لا ناقة له فيها ولا جمل، الهدف منها إضعافه، وسلبه قيمته الوجودية، وكينونته الريادية، وتهيئته لقمة سائغة، وفريسة سهلة المنال، بين مخالب وأنياب أعدائه، وذلك هو ما كان فعلا، وأصبح واقعا، لازلنا نعاني أضراره، ونرى تجلياته وأثاره، في المجتمعات من حولنا.
لذلك وغيره.. كانت قناة “صدق الكلمة”، هي فعل الضرورة، الذي فرضته الحاجة الملحة، إلى منبر إعلامي صادق، لإنقاذ الأرض والإنسان من كارثة كبرى، ومأساة وشيكة الحدوث، وموت وفناء محقّق، على يد الماكينة الإعلامية الاستعمارية، وأدواتها السياسية والنخبوية العميلة، وكان لا بُـدَّ من وجود “صدق الكلمة”، لإنقاذ ما تبقى من أحلام البسطاء، وآمال المستضعفين المقهورين، المنتظرين فجر الخلاص، على قارعة ليل الضياع الدائم، وسواد قلوب المجرمين الحاقدين الحاكمين، باسم ديمقراطية المستعمر، إلى الأبد.
كانت قناة “صدق الكلمة”، هي فاتحة العهد الجديد، وفجر الخلاص الموعود، وصوت الحرية والحقيقة، وضمير الشعوب المتطلعة نحو المستقبل، ولسان حالها المعبر عن فطرتها، الرافضة لكل مسميات وأشكال الوصاية والهيمنة والاستعباد، وقائد معركة الوعي والاستقلال، إلى جانب منابر محور المقاومة، الصادعة بالحق، في وجه قوى الاستكبار العالمي.
عشرة أعوام منذ انطلاقة “صدق الكلمة” –في 23/3/2012م– تحمل في طياتها الكثير من حكايات التضحية والنضال، وقصص المقاومة، وتفاصيل الجهاد المقدس، في مراحله التصاعدية المُستمرّة، وتفاني أبطاله وقادته ومنتسبيه، الذين أضحوا –مع منبرهم الإعلامي– هدفا مشروعا، لقوى الاستكبار والهيمنة الفرعونية، التي رأت في قناة المسيرة الفضائية، خصما قويا، وعدوا مخيفا، بما يحمله من سلاح الحق، وعتاد الحقيقة، وزاد الصدق، الأمر الذي قد يجعل الشعوب تستيقظ من سباتها، وتصحو من غفلتها، وتنتفض ضد قاتلها ومستعمريها، وهو ما يهدّد وجود فراعنة العصر بالزوال، ونظرا لما حقّقته من انتشار حركة الوعي الجمعي، على نطاق واسع، في ثباتها على مبدأ الصدق، وانتهاجها نهج الحرية، وتحريها المصداقية والمهنية العالية، فقد جر عليها ذلك الحروب الشعواء، ومحاولات التشويه والقمع والإلغاء والتهميش والمصادرة، وُصُـولاً إلى مشاريع المحو الفعلي، والاستهداف بالقصف المباشر، بصواريخ الطيران، والحجب والإنزال من أقمار البث الاصطناعية، مقابل أموال باهظة، ظنا من تلك القوى الاستعمارية، إن ذلك قد يفت من عضد صوت الحق، وينال من عزيمة مجاهدي الكلمة، وفرسان الحقيقة، وأنهم قد يتراجعوا أَو يقدموا التنازلات، أَو يهادنوا عدوهم بعضا من الوقت، لكن خيبة العدوّ كانت كبيرة، أمام تنامي “صدق الكلمة”، وعنفوان انطلاقتها واستمرارها، ومقدرتها العالية على تجاوز كُـلّ الصعوبات، وتخطى كافة العراقيل، والمضي قدما في نهج التحرّر، والانتصار للمستضعفين، ودحر الطغاة المجرمين، وكشف زيف أقنعتهم، وحقيقة أطماعهم ومشاريعهم، وطبيعة أدواتهم وأدوارهم، وهو ما جعلهم يتساقطون، ويفقدون أذنابهم وأذرعهم، ويخسرون الأوراق التي راهنوا عليها إلى الأبد.
عشرة أعوام.. كانت – وما زالت – حافلة بالعطاء، مثمرة بالانتصارات، معطاءة بالتضحيات، متفجرة بحصاد الحرية الوافر، يؤازرها الشرفاء الأبطال من أبنائها، ويرفدها مجتمع صنعت وعيه، فآمن بها صدقا وحقا وعدلا ويقينا، جاعلاً منها المرشد والقائد والموجه والمعلم، في مسيرته الجهادية، ونضاله ضد الجبابرة المستكبرين.
هنيئاً لـ “صدق الكلمة”، عشريتها الأولى، وزخم عنفوانها المتزايد، وقوة حضورها المتصاعدة، ولن نبلغ في مدحها والثناء عليها، عشر معشار عطائها، وتضحيات أبطالها وقادتها، وهم لما أثنى عليهم السيد القائد –حفظه الله ورعاه– أهل، وبشكره لهم أحق، وبما حمَّلهم من الأمانة أجدر، وكل شكر وثناء، بعد ما سلف من السيد القائد، ليس إلا بضاعة مزجاة، في ميزان العطاء الأعظم، ولا نملك إلا أن نقول: الحمد لله الذي منحنا شرف الانتماء إلى هذا الشعب العريق، وشرف الاصطفاف مع الأحرار للدفاع عنه، وشرف الانتماء إلى قائد ربَّاني حكيم، وشرف الجهاد في خنادق “صدق الكلمة”، التي زلزلت عروش الطغاة، وأسقطت إمبراطوريات الإعلام الاستعماري، في مستنقعات كذبها وزيفها.