مملكة الإجرام السعوديّة.. بين تكريس الانحلال والإمعان في ممارسة الذبح والقتل .. بقلم/ إبراهيم محمد الهمداني
إن نشأة الكيان السعوديّ الحاكم، لم تكن نشأة طبيعية، سواء اجتماعياً أَو سياسيًّا، فأبناء سعود – أنفسهم – كانوا كائنات دخيلة طارئة طفيلية، فرضوا وجودهم، داخل مجتمعات نجد والحجاز، بمقدار جرأتهم على الله، كزعماء لعصابات قطاع الطرق، التي تقتات على النهب والسلب والقتل، وتمتهن الإرهاب والترويع، وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكانت تلك العصابات تنشط وتفرض هيمنتها – على المجتمعات الضعيفة – عندما تضعف الدولة المركزية الحاكمة، وحين تستعيد قوتها وسيطرتها، سرعان ما تقوم بواجبها نحو المجتمع العربي المسلم، وتعمل على تأمينه وحمايته، من تسلط تلك العصابات الإجرامية، التي تعود مباشرة إلى حياة المنفى المجتمعي، والتشرد في الجبال والبراري والقفار، وممارسة أنشطتها الإرهابية الإجرامية – من وقت لآخر – في الأماكن الخالية، والطرق البعيدة، وبهذا الحضور المتذبذب بين الظهور والتلاشي، رسم أبناء سعود وجودهم الطارئ، في حياة مجتمعات نجد والحجاز، التي رفضت القبول بهم ودمجهم، ضمن تشكيلاتها المجتمعية أَو العشائرية أَو القبلية.
وعلى مستوى الحضور السياسي، حاول أبناء سعود إقامة دولة، تمثل سيطرتهم واستقلالهم عن السلطة المركزية الحاكمة – في فترات ضعفها –آنذاك، ورغم ما هيأت لهم الظروف والمتغيرات، من مقومات القوة والظهور والبقاء، إلّا أن مشروعهم السياسي، فشل على مدى دورتين متتاليتين؛ لأَنَّهم أرادوا إدارة الدولة، بعقلية قطاع الطرق، وثقافة السلب والفيد والإغارة، في ظل غياب أدنى شعور بالمسئولية تجاه الأتباع الموالين، ناهيك عن امتلاك رؤية لاستمالة قلوب المعارضين والمحايدين، ويمكن القول إن رفض المجتمع دمج أبناء سعود – حتى وهم في وضعية الدولة والحكم – ضمن أي مسمى عصبوي عشائري أَو قبلي، كان من أهم الأسباب في سقوطهم السياسي السريع المتتالي، حَيثُ افتقرت دولتاهم المتعاقبتان، إلى ركيزة الانتماء أَو التحالف العشائري أَو القبلي، الذي يضمن بقائها واستمرارها، ويوفر لها الحماية على أَسَاس العصبية القبلية، أَو حسب أعراف ومقتضيات الانتماء والتحالفات.
وبسقوط الاحتلال العثماني، عاد عبدالعزيز بن سعود – زعيم قطاع الطرق آنذاك – إلى واجهة الأحداث، بدعم وتوجيه بريطانيا، عبر مندوبها السامي، بيرس كوكس، الذي صاغ لابن سعود صورة الدولة القادمة، وطبيعة مشروعها السياسي، ككيان وظيفي، يخدم المشاريع الاستعمارية، وفقاً للمحدّدات والموجهات البريطانية، وحسب مقتضيات المشروع الصهيوني، وقد نجح اللوبي الصهيوني في إنشاء حاضنة شعبيّة، تضم أفراداً من مجتمعات وقبائل شتى، تحللوا من انتماءاتهم الأصلية، الأسرية والمجتمعية والعشائرية والقبلية، وهجروها؛ بسَببِ ما هي عليه من المعاصي والبدع والمنكرات، كما تم إيهامهم بذلك، وتجميعهم في مجتمعهم الجديد، ضمن جغرافيا نائية، وانتماء الأخوة الإيمانية (المهاجرية) المزعومة، واستغلال العاطفة والحماس الديني، في صياغة أبعاد التطرف الأيديولوجي والسلوكي، لجماعة “إخوان من أطاع الله”، أو “جيش الغطغط”، في تموضعها الوظيفي الاجتماعي والسياسي، حَيثُ تشربت تطرف التعاليم الجديدة، بوصفها من صميم الدين الإسلامي، تخدم استمراره وتحفظ نقائه، وبما أن الآخر – الذي لم يهاجر معهم – ليس منهم، فهو لا يعدو كونه كافراً، مباح الدم والمال والعرض، وقتله من أعظم القربات إلى الله، والتنكيل به بأبشع الوسائل، وأكثر الطرق وحشية وإجراماً، واجب ديني، تفرضه ضرورات حماية المجتمع المسلم، وردع من تسول له نفسه مخالفتهم، وبذلك استطاعت بريطانيا صناعة قاعدة شعبيّة، تحتضن دولة ابن سعود، وتمكّنها من خدمة المشروع البريطاني الصهيوني الاستعماري، حسب التزام عبدالعزيز بن سعود لبريطانيا (العظمى) في وثيقة بخط يده، تجلت مصاديق الوفاء بها، في سياسة النظام السعوديّ، عبر الحقب المتعاقبة، وُصُـولاً إلى وقتنا الحاضر.
يمكن القول إن الكيان السعوديّ الوظيفي، صناعة بريطانية يهودية خالصة بامتيَاز، سواء من حَيثُ – استغلال حالة الجهل العام والعاطفة الدينية – وإنشاء كيان اجتماعي جديد، وفق انتماء عنصري، وأيديولوجيا متطرفة، تمثل خلاصة الفكر اليهودي المنحرف، أَو من حَيثُ استغلال الرصيد الإجرامي لآل سعود – المحفور في الذاكرة الجمعية – لصناعة قيادة سعوديّة جديدة، تمارس هوايتها القديمة، قتلا وسلبا ونهبا وتنكيلا، بفتاوى دينية موجبة، كعصابة إرهابية منظمة، وفق رؤية ومواصفات بريطانية صهيونية استعمارية، وكان عبدالعزيز بن سعود – حسب شهادات بيرس كوكس وجون فيلبي ومستر هيمفر وغيرهم – الشخصية المثالية، الأكثر استجابة وتطويعاً للقيام بهذا الدور الارتزاقي الرخيص، علاوة على مؤهلاته الإجرامية السابقة، ونزعته التوحشية المعروفة، واستعداده المطلق لارتكاب أبشع المجازر الجماعية، وأكثر الجرائم توحشاً وتدميراً، ونزوعه الفطري إلى الغدر والخيانة والإجرام، في سبيل إرضاء أسياده –بريطانيا العظمى واليهود المساكين– وكسب ودهم وتأييدهم ودعمهم، لتثبيت ملكه وسلطانه، وما بين شبق إجرامي فردي، وتطرف أيديولوجي جمعي، قامت مملكة ابن سعود، على أنهار من الدماء المعصومة، ومئات المجازر الوحشية، وحروب الإبادة الجماعية، وأبشع وسائل القتل والتنكيل والذبح، بحق آلاف المسلمين الأبرياء، بما فيهم الأطفال والنساء والشيوخ، وحتى الحيوانات والمواشي، انطلاقاً من استراتيجية الأرض المحروقة، وُصُـولاً إلى هدم العمران، وإتلاف المحاصيل الزراعية، وتخريب الأرض ومقومات الزراعة، وإهلاك الحرث والنسل مطلقاً.
ارتبط وجود الكيان الوظيفي السعوديّ، بمدى إخلاصه في خدمة المشروع الإمبريالي، وأسياده اليهود المساكين، وتتجلى مصداقية ذلك الإخلاص، في صورة الإمعان الواضح، في ممارسة القتل، والقدرة على الاستمرار، في استهداف وتدمير الإسلام والمسلمين، فكراً وإنساناً، من خلال نشر وتعميم العقيدة الوهَّـابية/ اليهوديّة المنحرفة المتطرفة، وإرغام المسلمين على التدين بها، ومعاملة كُـلّ من يرفضها بالتكفير والقتل، بالإضافة إلى تغذية الانقسامات والصراعات والحروب بين المسلمين، وما بين التطرف الديني والليبرالية السياسية، يبرز النهج الإمبريالي النفعي، في مرجعيته اليهوديّة، وتجلياته السعوصهيوأمريكية.
لم يقتصر توحش الكيان السعوديّ الوظيفي/ الحاكم، على نطاق جغرافي محدّد، ولم يتوقف نهجه الإجرامي، على حقبة زمنية بعينها، ولم يتورع عن ممارسة القتل والإجرام، حتى بحق حجاج بيت الله الحرام، الذين يزعم حمايتهم ورعايتهم، كما يحمي ويرعى المقدسات الإسلامية ذاتها، بينما هو في الحقيقة يقوم بعكس ذلك تماماً، دون خوف من الله، أَو تحرج من الناس، وذلك يكشف بجلاء، طبيعة الكيان السعوديّ الوظيفي، التي لا تختلف عن نظيره الكيان الصهيوني، وحقيقة الدور الإجرامي التآمري القذر، المتناغم مع طبيعة ورؤية ومسار المشروع الصهيوني، وكيانه الغاصب.
قرن من الزمان.. وما تزال شهية الملك العجوز للدماء، مفتوحة إلى أقصى درجات التوحش، وما زالت رغبته العميقة في الإجرام، بنكهتها اليهوديّة الغطغطية الداعشية، متنقلة بين أبنائه وأحفاده.
قرن من الزمان.. ولم تبرد أنهار الدماء المتدفقة بغزارة، قرن من الزمان.. وماتزال نزعة الإجرام السعوصهيوأمريكي، تزداد عنفواناً وتوحشاً، متنقلة بين القتل باسم الله والدين، والذبح؛ مِن أجلِ الصحابة، والإبادة الجماعية؛ مِن أجلِ الحلفاء الصهاينة، وهدم قرى بأكملها على رؤوس ساكنيها؛ مِن أجلِ بناء مدينة الحلم الصهيوني (نيوم)، وقتل أكبر عدد ممكن من حجاج بيت الله الحرام، في المشاعر المقدسة، كموضة اعتاد عليها النظام السعوديّ كُـلّ عام، ليقدم بعدها – عبر ماكينته الإعلامية المتصهينة – التهاني والتبريكات للحجاج، ويشكر القائمين على تنظيم الحج، ويبارك نجاح موسم الحج/القتل بنسبة ٩٩. ٩٪، ويوصي أبناء الأُمَّــة الإسلامية بالتعايش والسلام، وهو يقتلهم على مدار العام، وينصح المسلمين بالتقرب إلى الله تعالى يوم عرفة بأجود الأضاحي، بينما يتقرب هو إلى الشيطان، على مدى سبعة أعوام، بأطفال اليمن ونسائها وشيوخها، وكل مظهر للحياة فيها.
قرن من الزمان.. وما زال طابع اللصوصية، وعقلية قاطع الطريق، هي سياسة المملكة في التعامل مع دول الجوار، قرن من الزمان.. وما زال مخالفو الكيان السعوديّ في الرأي، قرابين جماعية على مذبح إجرامه، مؤكّـداً – على مدى تاريخه – طبيعته التسلطية، وسياسته القمعية، بحق كُـلّ من يخالفه الرأي، خَاصَّة أبناء المنطقة الشرقية، والقطيف والإحساء، الذين جعل منهم ساحة دائمة لإجرامه، ومشاريع القتل الجماعي الجائر، ليصل به الأمر مؤخّراً إلى إعدام ٨١ شخصاً بالسيف، ملقياً عليهم تهماً باطلة، وفي ذلك الكرنفال الجنائزي المروع، قدمت القطيف ٤٠ شاباً، من خيرة أبنائها، بينهم أطفال، بالإضافة إلى إعدام أسيرين يمنيين، هما حاكم البطيني وحيدر الشوذاني، ليبلغ بهما تمام عدة الإجرام والفرعنة، في انتهاك صارخ لاتّفاقية جنيف، ومواثيق الأمم المتحدة، بشأن تحريم وتجريم المساس بالأسرى، في ظل صمت وتواطؤ دولي، وسقوط مهين للأمم المتحدة ومنظماتها، التي طالما تشدقت برعاية حقوق الإنسان عامة والطفل خَاصَّة، وحماية أصحاب قضايا الرأي والأقليات، وكفالة حق حرية الرأي والتعبير والاعتقاد، وليشهد عالم البترودولار على قبحه وانحطاطه، وزيف شعاراته ومزاعمه، وأن المتواطئ مع القاتلِ لا يقل عنه إجراماً وقبحاً ووحشية.
قرن من الزمان.. وما زال مسلسل الذبح مُستمرّا، وفرعون العصر، يزداد طغيانا وإجراما، غير مدرك أن عدم جدوى استراتيجية الذبح، في صنع الهيمنة، وأنها لم تنفع فرعون من قبل، ولم تطل بقاءه كما كان يريد، بل جلبت له النهاية المخزية، التي لم يكن يتوقعها، وجللته بالعار والذل والهوان، إلى أبد الأبدين.
ما بين محاكمة علنية لقتلة الرئيس الشهيد صالح الصماد (سلام الله عليه)، بالجرم المشهود وإعدامهم، ومحاكمة سرية لمواطنين أبرياء، وإعدامهم بتهم باطلة، سقطت مبادئ الحياة الكريمة (الحرية، العدالة، المساواة)، وسقطت شعارات ومزاعم رعاية الحقوق والحريات، وما بين وعد بلفور والتزام عبدالعزيز بن سعود، تتجلى واحدية الدور للكيانات الوظيفية، وتتضح حقيقة أدوات المشروع الصهيوني، وضرورات إسقاطها مع المشروع، إن لم يكن قبله.
ما بين تعهد والتزام (المؤسّس) بإعطاء فلسطين لليهود المساكين، ووفاء الحفيد (المهفوف) بوعد جده، تتكشف حقيقة النظام السعوديّ، الذي أباح بلاد الحرمين الشريفين بكل مقدساتها، (لليهود المساكين)، ومنحهم شبه الجزيرة العربية بأكملها، وجميع البلدان العربية والإسلامية، وطناً قومياً ثابتاً، ومملكة أبدية، دون أدنى اعتبار لتداعيات وعواقب ذلك الدور الخياني الخطير.
ما بين إجرام صهاينة آل يهود، وإجرام صهاينة آل سعود، مشروع إمبريالي صهيوني عالمي، يستهدف البشرية جمعاء، ويحتم على محور المقاومة، وضع النهايات المناسبة، والقيام بمسئوليته الدينية والأخلاقية والإنسانية، قبل فوات الأوان.