غيرُ المألوف في العدوان على اليمن .. بقلم د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
وضعت الدولُ الكبرى المنتصِرة في الحرب العالمية الأولى أنظمةً وقوانينَ لتنظيم العلاقات بين الدول ولحلِّ المشاكل الداخلية لتلك الدول، وذلك بما يتناسبُ مع مصالح الدول الكبرى وليس بما يتوافقُ مع العدل وضمان الحقوق، وما جرى في اليمن يعتبر -بمفهوم تلك الأنظمة والقوانين- انقلاباً على الشرعية التي كانت خاضعةً ومستسلمة للدول الكبرى، ولذلك يجب تأديبُ المنقلِبِ بالقوة وفق لتلك الرؤية، وَإذَا لم تنجحِ القوةُ في حسم الأمور فسوف يتم تحريكُ الوساطات والمبادرات لتحقيق ما لم تنجح القوةُ في تحقيقه، وبهذه الأساليب تتعامل الدول الكبرى مع مختلف قضايا العالم، ولكن ما حدث في قضية اليمن هو ما يمكن أن نسمِّيَه (غير المألوف) فقد تعاملت القيادةُ اليمنية الحرة مع العدوان على أَسَاس معتدٍ ومعتدىً عليه ولم ترضخ لتصنيفات المجتمع الدولي أَو لقراراته التي شرعنت للعدوان ولحصار الشعب.
كانت الدول الكبرى قد منحت أدواتِها الضوءَ الأخضر لحسم الأمر في اليمن بالقوة وتوقعت أن تنتهيَ الحربُ في غُضُونِ أَيَّـام أَو أسابيع، ولكن ما حدث أن اليمنيين شعبًا وقيادةً لم يستسلموا كما هو متوقَّع، ومن أول يوم للعدوان أعدوا ما استطاعوا من عدة وعتاد كما أمرهم الله في كتابه وخاضوا غمارَ الحرب؛ دفاعًا عن الأرض والعرض، متجاهلين قوة التحالف عدةً وعتادًا والتي تم حشدها من مختلف أنحاء العالم، وهنا تمكِّنُ الجيشُ واللجانُ الشعبيّة من تحقيق المعجزات في جبهات القتال وفي مجال التصنيع العسكري وحقّقوا توازُنَ الرعب مع الأعداء، كما تمكّنُ الشعبُ اليمني بصبره وصموده من الوقوف في وجهِ مؤامرات العدوان التي كانت تهدفُ إلى خلخلةِ الجبهة الداخلية، ولم ينجح العدوانُ بعد سبع سنوات من تحقيقِ أي نجاح يُذكَر برغم إمْكَانياته الكبيرة والدعم الدولي الذي يحظى به، واليوم نجدُه يقدم المبادرةَ تلو المبادرة؛ لعلَّه يحقّق أيَّ انتصار ولو شكليًّا، ولكن تجاهله للشروط الذي التي وضعتها القيادةُ اليمنية لوقف الحرب منعه من تحقيق ذلك، وَغيرُ المألوف بالنسبة للعالم أن يقفَ الضعيفُ أمام القوي ولا يعملُ أي حساب لموقف المجتمع الدولي أَو لقراراته ويفرض الشروط التي يريدها لتحقيق السلام ويستجيب القوي لتلك الشروط.