هُدنة.. ولكن! بقلم/ محمد عبدالباري قاضي
بعدَ تلقِّي العدوِّ العديدَ من الصفعات في عمليات كسر الحصار في السعوديّة وَأعاصير اليمن في الإمارات، وَالهزائم مؤخّراً في جبهة حرض، تدخلت أمريكا -ربما بصورةٍ غير مباشرة- وَبدأت تقدم التنازلات وَالبداية كانت بطلب الوساطة من عُمان وَمن ثَمَّ العراق وَإيران، كما جاء في بعض التسريبات، وَاللقاءات لوفدنا الوطني مع المبعوث الأممي في مسقط وَالترتيب لإعلان هُدنة “إنسانية” وَالحقيقة أنها طلب لوقف الضربات وَلكن بقالب هُدنة.
شعرت السعوديّة بحرج وَأن وضعها سيكون مخجلاً أمام شعبها وَمرتزِقتها وَمحيطها من هذه المباحثات الدائرة في مسقط، فما كان منها إلَّا أن أعلنت عن انعقاد مشاورات لديها بين “الفرقاء اليمنيين” كما أسمتهم الذين يجلسون جنباً إلى جنب وَيلتقطون الصور وَيتبادلون الابتسامات بشكل مخزٍ، وَالهدفُ من ذلك إضفاءُ بعضٍ من العنجهية السعوديّة بالتزامن مع مخرجات مفاوضات وفدنا مع المبعوث الأممي؛ لكي تقول للرأي العام بأنها المتحكم بسيرها وَمشاورات الرياض امتدادٌ لما يحدث في السلطنة.
لكن ما أضحكني في أول يوم لهذه المشاورات حينما سأل مذيع قناة الجزيرة موفدَ القناة في قاعة المشاورات بالقول “من يشاور من؟” وَالطرف الأَسَاسي “الحوثيين” غير موجود؟ فتلعثم الموفد وَلم يستطع الرد فحاول التملُّصَ من الجواب.
الشاهد في الأمر، أن مخرجاتِ هذه المشاورات لم يُعلَنْ عنها وَلم نعرف عنها شيئاً بما في ذلك المتشاورون أنفسهم، وَلم تبصر النور إلَّا ما تمخض من لقاءات رئيس وفدنا الوطني مع المبعوث الأممي، وَهذا يثبت من يمتلك زمام المبادرة وَلديه أوراق تفاوضية قوية استطاع من خلالها تحقيق إنجازات سياسية على أرض الواقع.
بالمناسبة وَكما توقعت في مقال سابق بأن أول من يشكك وَيهاجم أي اتّفاق هم المرتزِقة؛ لأَنَّهم سيفقدون مصالحهم حال التوصل إلى نقاط التقاء، بل المضحك المبكي أن الذين كانوا يتاجرون بقضية “حصار تعز” وَيرفعون شعار “تعز تنزف” هم أول من هاجم البند الرابع من مبادرة الأمم المتحدة وَالمتضمِّن فتح طريق تعز وَغيرها من المحافظات لتيسير حركة تنقل المدنيين.. تخيلوا!