من وعي محاضرات السيد القائد الرمضانية المحاضرة الثانية .. بقلم/ عبدالفتاح حيدرة
واصل السيدُ القائد في محاضرته الرمضانية الثانية لعام 1443هـ حديثَه حول عنوان التقوى، وهذا العنوان يلي عنوان الإيمَـان، والحديث عن مواصفات المتقين في عاجل الدنيا وآجل الآخرة، والتقوى هي ثمرة الإيمَـان الواعي، ويتفرع منها مواصفات المتقين، بما يعنيه وقاية الإنسان من الشرور والهلاك؛ لأَنَّ التقوى هو أَسَاس لقبول الأعمال الصالحة التي لها الفضل في نفسية الإنسان وما يتحقّق له بعد ذلك من خير، على المستوى الشخصي، أو الاجتماعي، والكثير من الناس يتجه لفعل الخير ولا يكون ملتزمًا بتقوى الله، ومع استمراره بفعل المعاصي والحرمات، بسبب مفاهيم خاطئة؛ لأَنَّه يتجند هنا في صف الباطل، تجده يفعل الخير شكليًّا وهو يوالي أعداءَ الله ورسوله والأمة.
الجوانب السلوكية وَالمواقف والولاءات هي محور التقوى، والتعامل بالاستهتار والتهاون فيها يعني الخسران، وَقد يحدث أن يؤمِّلُ الإنسان الحصول على الأعمال الخيرة وَالصالحة لعتق رقبته من النار، ولكنه يجد تلك الأعمال لا أجر عليها؛ لأَنَّها أحبُطت ولم تُقبل من الأَسَاس؛ لأَنَّها أعمال من دون تقوى، وإصرار الإنسان على الذنوب والمعاصي مهما فعل لا تقبل منه، خطورة المسألة هنا كبيرة، مثل الجهاد في سبيل الله ثم بعد ذلك اتجه الإنسان باتّجاه هوى النفس، والغضب وَالمخاوف، هنا يأتي الانحراف في عدم تطبيق توجيهات الله، وفي يوم القيامة يصبح صاحب هذا العمل الصالح غير مأجور عليه، يتجلى من خلال التقوى قيمة التوجيهات الإلهية وفوائدها لنا، ويتحقّق من خلالها مصالح حقيقية وما نهانا الله عنه في ضر علينا وسوء علينا، وعندما نلتزم بالتقوى سوف نرى قيمة ذلك في واقع حياتنا من جميع الجوانب فيها البركات والخيرات..
المجتمع إذَا تحَرّك وفق توجيهات الله يجنّبه الله السوء والضرر، فإذا كان المجتمع يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويفعل الخير، مثلاً الابتعاد الجهاد جعل الأُمَّــة ضعيفة وتم السيطرة عليها وإخضاعها، أما إذَا كانت الأُمَّــة تمتلك نورَ الله والوعي الكافي بهدى الله فيما يتعلق بالتقوى، وهناك مسئوليات جماعية، لها استجابة كاملة، فمن يتحَرّك بها سَيحصل على ما وعد الله به من رعاية إلهية، يجعل الله لهم مخرجاً ويرزقهم من حَيثُ لا يحتسبون ويقول الله سبحانه واعدًا عبادَه إذَا التزموا بالتقوى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) هذه الآية تحمل وعدا على المستوي الشخصي والمستوى الجماعي، تقوى الله فيما يعمل ويقول والنهوض بمسئولياته واجتناب المحرمات، وَمن منطلق الثقة بالله والتوكل عليه؛ لأَنَّ هناك من يتصور أن من يتوصل للنجاحات وهو منحرف فيتضايق وينحرف مثله وهذا خسران مبين، فَـإنَّ الطريق للحق مليئة بالمعاناة، ولكن فيها يسر، ونحن في هذه الدنيا في ميدان اختبار ومسئولية وتحصل المشاق وَالمتاعب، وعادة ما يكون المهم هو الحصول من نتائج إيجابية.
ثمرةُ المتاعب في التقوى هي مثمرة وَكبيرة، والجهود فيها جهود مثمرة ويسر ورزق كبير، يشعر الإنسان بالراحة إذَا صبر ونال مراده في النهاية، وفي مجال الإيمَـان والتقوى الآثار الإيجابية كبيرة، منها رعاية الله، وَالصعوبات هنا مرحلية يعقبها انفراجات كبيرة وعظيمة، وَإذَا قارنا ما بين التقوى وَالاتّجاه الآخر فَـإنَّ العمل في الاتّجاه الآخر المنحرف عن الإيمَـان والتقوى فيه مشاق ومتاعب كبيرة وفي النهاية الخسران يوم القيامة، أن القصور يزيد بالكثير من الضيق، وَالمعاناة المعيشية تضغط على الناس، ويؤثر على الناس مخاوفهم أَو أطماعهم، فينحرفون باتّجاه المعاصي والحرام؛ لذلك فَـإنَّ الثقة بالله والتوكل عليه والعمل في إطار السعي بتكامل التقوى مهما كانت الصعوبات وَالمعاناة، تكون نتيجتها الحتمية هي التي وعد الله بها وَفيها اليُـسر والتيسير والأجر الكبير والمكاسب الكبيرة في الدنيا وفي الآخرة.