في اليمن.. من رحم المعاناة وُلد التكافل .. بقلم/ محمد يحيى فطيرة
من رحم المعاناة يولد الإبداع ومن رحم الحصار الخانق واشتداد أزمة المشتقات النفطية ولدت المكرمات والمبادرات الإنسانية للعديد من المؤسّسات والجهات الحكومية وغير الحكومية التي جسدت المعنى الحقيقي للحكمة اليمانية واللين ورقة القلب التي يتمتع بها الشعب اليمني ليثبتوا للعالم أنهم أصحاب المعادن الأصيلة والنفوس الأبية وأصحاب القلوب الرحيمة، التي تظهر وقت الشدائد وعند الأزمات.
لقد كانت سابقة من نوعها في اليمن عندما تسابقت العديد من الهيئات والمؤسّسات الحكومية وبعض شركات الاتصالات والقطاع الخاص، للمشاركة في مبادرة “متكافلون” التي جاءت ضمن توجيهات سامية من قيادتنا الثورية والسياسية للتحفيف من معاناة المواطنين جراء الحصار وانعدام المشتقات النفطية، وهي مبادرة تستحق الشكر والعرفان وجزيل الود والامتنان، وقد بدأتها هيئتي النقل البري والزكاة في أمانة العاصمة قبل أن تلبي بقية الجهات واجب النداء الإنساني وتنظم إلى سباق الخير والإحسان في العاصمة وبقية المحافظات الحرة.
إن هذه اللفتة الإنسانية المهمة للغاية في هذا الظرف الصعب والواقع المؤلم، أثلجت صدور أبناء الشعب اليمني، لا سِـيَّـما أُولئك الذين يجدون صعوبة في التنقل داخل أحياء العاصمة؛ بسَببِ أوضاعهم المادية، علاوةً على ذلك فَـإنَّها تجسد التكافل الاجتماعي والتلاحم الإيمَاني في أبهى شكل وأنصع صورة وأروع مثال، وقد شاهد الجميع الحكمة اليمنية المتجسدة في هذا السلوك النبيل والعمل الجليل، وكم شعرنا بالغبطة ونحن نشاهد الكثير من أبناء عاصمة الشموخ وهم يسخرون وسائل مواصلاتهم الخَاصَّة لمساعدة أصحاب العوز والحاجة ضمن حملة “أوقفني أوصلك على طريقي”.
وعليه فَـإنَّ قناعاتنا ستظل راسخة بأن الأمور بخير وإلى خير ولا خوف على هذا الوطن وأبنائه طالما ظلت هذه الصفات والقيم موجودة بيننا، وما دام الرحمة لا تزال متجذرة في داخلنا، وهذا ما يؤكّـد صمود الشعب اليمني في وجه العدوان الظالم المُستمرّ على مدى 7 سنوات متواصلة، ولطالما أن التكافل الاجتماعي والإنساني ساري المفعول بيننا فلا يمكن لكل قوى العالم هزيمتنا ولو استمرت الحرب لمِئة عام أَو يزيد، فسلام على أبناء هذا البلد الرحماء فيما بينهم الأشداء على الكفار.