الهُدنة.. ونوايا النظام السعوديّ ..بقلم/ عبدالغني العزي
السلامُ العادِلُ والشاملُ وإنهاءُ العدوان على شعبنا اليمني ظل هدفاً استراتيجياً لقيادتنا الثورية والسياسية وعموم شعبنا ومكوناته السياسية الوطنية منذ فجر السادس من مارس لعام 2015 وما تلا ذلك اليوم من الأيّام والسنين.
وفي كُـلّ مناسبة وَمع كُـلّ فعالية سياسية أكانت أَو دينية، تؤكّـدُ قيادتُنا رغبتَها في السلام وسعيَها الجادَّ لتحقيقه، ولكن تلك الرغبة وتلك الجهود الصادقة نحو السلام لم تجد لها صدًى في آذان قيادات دول العدوان ولم تلامس رغبةً حقيقيةً تمجد السلام وتقدِّسُ الدماء المحرمة، بل كان التجاهُلُ والازدراء للسلام ودعوات الحوار والتفاهم هو المسيطر على تفكير قيادات التحالف وفي مقدمتها قيادة النظام السعوديّ المتزعم للعدوان ومن يقف خلفه من قيادات القوى الدولية ذات الأهداف العدوانية الاستعمارية، فكانت العراقيلُ تتعدد والمكرُ يتنوعُ لإفشالِ أيَّةِ مساعٍ لسلام حقيقي شامل يحقن الدماء ويصون الحقوق تنطلق بوادره من صنعاء عاصمة الصمود اليمني..
إصرارِ النظام السعوديّ على استهواء القتل والتدمير وممارسة الظلم والعدوان على شعبنا جعل الخيارَ المتاحَ أمام شعبنا وقيادته الثورية والسياسية هو خيارُ المواجهة لذلك الصلف ولتلك العنجهية والتكبر والغواية التي يبديها النظامُ السعوديّ تجاه شعبنا، معتمداً في عدوانه على ترسانته العسكرية وأمواله البترولية، مطمئناً لوقوف الإمبريالية الدولية بجانبه بكل ثقلها، كُـلُّ ذلك كان يراها عواملَ انتصار قد تضمن له تحقيقَ أهدافه بتركيع شعبنا واحتلال أرضه، غيرَ مدركٍ أهميّةَ المظلومية في صنع الانتصار ودور الدماء المحرمة في تحوُّل المسارات وإفشال المخطّطات وتغيير الموازين.
وفي المقابل كانت المعاناة لدى شعبنا تصنعُ الصمودَ الأُسطوري وتحقّق الاكتفاء الذاتي للسلاح الاستراتيجي وتوحد رأيَ مكوناته الشعبيّة والسياسية باتجاه تعزيز الخيار الوحيد المتاح المتمثل في المواجهة الحتمية لهذا العدوان وضرورة صده وهزيمته مهما كان الثمن وهذا ما تحقّق بعد سبع سنوات عدوان وتدمير وقتل وتهجير وحصار..
إن موافقةَ النظام السعوديّ على الهدنة القائمة اليوم بإشراف الأمم المتحدة ما كان لها أن تكونَ لولا تأكّـد دول العدوان باستحالة هزيمة شعبنا، لا سِـيَّـما وأنها قد استخدمت جميع ما لديها من وسائل المواجهة من أسلحة وحصار جائر وجلب المرتزِقة وشراء الذمم إلَّا أن كُـلّ تلك الوسائل تحطّمت على صخرة الصمود الوطني الذي صنعته رعايةُ الله وتأييدُه وحكمة القيادة ومعاناة الشعب وشجاعة الجيش واللجان الشعبيّة.
اليوم ومع إعلان الهُدنة السارية المفعول لمدة شهرين وفتح المطار وفك الحصار يجب أن لا ننساقَ وراء طيبة قلوبنا وعواطفنا الجياشة؛ طمعاً في تحقيق السلام لشعبنا العظيم حتى نلمسَ أدلةً وبراهينَ تؤكّـد صدق نوايا النظام السعوديّ نحو السلام الحقيقي الشامل، ما لم فستظل هدنة هشة لا قيمة لها.