أمريكا تبدّل “واجهة” العدوان: لملمة صفوف المرتزِقة لتصعيد قادم
المسيرة| خاص
بتخطيطٍ أمريكي، قام تحالُفُ العدوان بتبديلِ واجهتِه المحلية، عن طريقِ عزلِ الفارّ هادي ونائبه وتعيين مرتزِقة آخرين في مكانهما، في خطوة أنهت تماماً ذريعة “الشرعية” التي بني عليها العدوان، وبالتالي أنهت كُـلّ ذرائعه الأُخرى، الأمر الذي يسلط الضوء على عدم صوابية الموقف الدولي والأممي الذي ما زال يتعاطى مع ملف اليمن من منطلق تلك الذرائع، ويؤكّـد على ضرورة التجاوب مع معادلة الحل المعلنة من صنعاء، خُصُوصاً وأن هذه الخطوة، وعلى الرغم من محاولة صبغها بصبغة السلام، تؤسس لتصعيد عدواني جديد ضد الشعب اليمني.
الخطةُ التي نُفِّذت بإشرافِ وتواجُدِ المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، والقائمة بأعمال السفير الأمريكي في اليمن، كاثي ويستلي، قضت بإزاحة الفارّ هادي ونائبه الفارّ علي محسن الأحمر من المشهد وَ”تسليم صلاحياتهما” إلى ما سمي بـ”مجلس رئاسي” يقوده المرتزِق رشاد العليمي، ويضم سبعةً آخرين من أدوات السعوديّة والإمارات وهم: المرتزِق سلطان العرادة، والمرتزِق طارق صالح، والمرتزِق أبو زرعة المحرمي، والمرتزِق عبد الله العليمي، والمرتزِق عثمان مجلي، والمرتزِق عيدروس الزبيدي، وَالمرتزِق فرج البحسني.
وزعمت السعوديّةُ أن هذه الخطةَ كانت من نتائجِ المسرحية المسماة “مشاورات الرياض” غير أن المرتزِقة المشاركين في تلك “المشاورات” أكّـدوا أنهم فوجئوا تماماً بالقرار الذي صدر فجرا، وروى بعضهم أن النظام السعوديّ قام باحتجاز الفارّ هادي وأسرته ونائبه في غرف منفصلة وأجبرهم على توقيع القرار الذي تم إعداده مسبقًا، في فضيحة لم تكن الوحيدة في تلك الليلة، فنص القرار نفسه كان هو الآخر فاضحا إلى حَــدِّ أنه تضمن “إلغاء أحكام الدستور التي تتعارض معها” برغم أن العملية كلها ليس لها أَسَاس دستوري أَو شرعي من البداية.
حاول تحالف العدوان تقديم هذا القرار كخطوة “سلام” والإعلان عن تكليف ما يسمى “المجلس الرئاسي” للمرتزِقة بالتفاوض مع صنعاء لإنهاء الحرب، في محاولة لجعل دول العدوان مُجَـرّد “وسطاء” وتكريس رواية “الحرب الأهلية” التي تعتبر التفافًا مكشوفًا على متطلبات السلام الحقيقي والفعلي، وتنطوي بوضوح على استمرار العدوان والحصار والوَصاية على البلد.
هكذا، ثبتت صحةُ ودقةُ قراءة صنعاء لـ”مشاورات” المرتزِقة؛ باعتبَارها محاولةً للملمة صفوف العدوّ وتوحيدها للتصعيد، وهو ما كان رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، وعدد من المسؤولين في صنعاء قد أكّـدوه منذ وقت مبكر.
وفي رد على قرار تحالف العدوان وما ينطوي عليه من محاولات للمراوغة، أكّـد رئيسُ الوفد الوطني، ناطق أنصار الله، محمد عبد السلام أن: “حاضر ومستقبل اليمن يتقرّر داخل اليمن، وأي نشاط خارج حدوده عبارة عن مسرحيات هزلية وألعاب ترفيهية تمارسها دول العدوان”.
وَأَضَـافَ أن “طريق السلام بوقف العدوان ورفع الحصار وخروج القوات الأجنبية من البلاد، ودون ذلك محاولة يائسة لإعادة ترتيب صفوف المرتزِقة للدفع بهم نحو مزيد من التصعيد، وشعبنا اليمني ليس معنيًّا بإجراءات غير شرعية صادرة خارج حدود وطنه عن جهة غير شرعية”.
وقال عبد السلام إن “الإجراءات التي عملها تحالف العدوان لا علاقة لها باليمن ولا بمصالحة ولا تمت للسلام بأية صلة”، مُشيراً إلى أن الهدف كان “تجميع مليشيا متناثرة متصارعة في إطار واحد يخدم مصالح الخارج ودول العدوان”.
وبيّن أن آلية السلام الفعلي محدّدة بإنهاء العدوان والحصار والاحتلال “ثم يأتي بعد ذلك الحديث عن الحوار السياسي في أجواء مناسبة وليس القفز على كُـلّ هذه القضايا بإعادة تدوير المرتزِقة”.
وَأَضَـافَ أن “اليمن ليس قاصرًا حتى يهندس له الآخرون شكل دولته وحكومته ويقرّرون له حاضرَه ومستقبلَه”، مؤكّـداً أن “مسؤولية شعبنا اليمني الغيور مواصلة معركة التحرّر الوطني” وأنه “بإذن الله سيصل إلى مبتغاه وستسقط أمام صموده وتضحياته كُـلّ المؤامرات”.
سقوطُ ذريعة “الشرعية”
وتمثلُ إجراءاتُ تحالف العدوان الأخيرة اختبارًا جديدًا للمواقف الدولية والأممية إزاء مِلف اليمن؛ لأَنَّ إزاحةَ الفارّ هادي ينهي كُـلَّ “مبرّرات” استمرار العدوان والحصار، على أنها لم تكن مبرّراتٍ منطقيةً أَو مشروعةً في الأَسَاس.
وفي هذا السياق، أكّـد عبد السلام أن عزل الفارّ هادي يمثل “سقوطًا لكل ذرائع العدوان والحصار”، مُشيراً إلى أن هذا من نتائج صمود الشعب اليمني في مواجهة العدوان”.
وأضاف: “الشرعيةُ المزعومة تم إنهاؤها والانقلابُ عليها من قِبل من ادّعاها واختلقها رايةً لعدوانه، ولم يعد أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة أيُّ مبرّر للاستمرار في استخدامها ذريعةً لقتل شعبنا وحصاره”.
وقال عضو الوفد الوطني، عبد الملك العجري إن: “الشرعية التي كانت دول العدوان والمجتمع الدولي ترفعها كتلمود مقدس لا يجوز المساس به، أنهوها بقرار آخر الليل؛ ولأنها حاجة للعدوان سيستمرون في استنساخ شرعيات كومبارس حسب الحاجة، وَإذَا استمر المجتمع الدولي في التعامل معها ستظل المشكلة قائمة حتى يتم الاعتراف باليمن صاحب القضية والشرعية”.
نوايا “تصعيد” واضحة
وبرزت نوايا التصعيد بوضوح في قرار تعيين ما يسمى “المجلس الرئاسي” للمرتزِقة، فإلى جانبِ مَن انطوى عليه من محاولةٍ مكشوفة للالتفاف على محدّدات السلام الفعلي وطريق الحل الشامل، ترجمت تشكيلةُ “المجلس” بشكل جلي رغبة تحالف العدوان ورعاته الدوليين في مضاعفة استهداف البلد والشعب اليمني، حَيثُ عمد العدوّ إلى جمع قيادات المرتزِقة المعروفة بانضوائها في مشاريع استهداف أمن واستقرار ووحدة البلد على كافة المستويات.
وفي هذا السياق، مثّل اختيار المرتزِق “رشاد العليمي” كرئيسٍ لمجلس الخونة، دلالةً واضحةً على نوايا التصعيد، حَيثُ يعتبر “العليمي” من أبرز العملاء المرتبطين بالمخابرات الأمريكية والبريطانية منذ عقود، وقد ثبت خلال العدوان ممارستُه لنشاط إجرامي في رفع الإحداثيات لطيران العدوان، وهو أَيْـضاً ما كشفه سابقًا الخائنُ علي عبد الله صالح في لقاء تلفزيوني.
وقد أكّـد المرتزِقُ “العليمي” بنفسه خلال خطابه الأول، أمس الجمعة، أن ما يسمى بـ”المجلس الرئاسي” تم تشكيلُه للملمة صفوف أدوات تحالف العدوان لمواجهة صنعاء والقوى الوطنية، وهو ما يؤكّـدُ أن حديثَ النظام السعوديّ والولايات المتحدة عن “السلام” ليس سوى محاولة لخلط الأوراق وتشويش الرأي العام والتغطية على ترتيبات التصعيد.
ومع هذا التوجُّـهِ العدواني نحو التصعيد، تعود إلى الواجهة تحذيرات القيادة الثورية والسياسية والعسكرية الوطنية بشأن عواقبِ استمرار العدوان والحصار، وعلى رأسها تأكيد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي على أن العدوَّ “سيندمُ” على تفويتِه مبادرةَ الرئيس المشاط للسلام.