الرياض تبحثُ عن مخرَج! بقلم/ عبدالرحمن مراد
ظهر المرتزِق هادي في حالة بائسة وهو يعلن نقل صلاحيته الدستورية إلى مجلس قيادة، وتلك نهاية متوقعة لكل خائن، كان مشهد الإعلان الدستوري صادماً لكثير من الذين باتوا يقتاتون على الدم المسال، وصادماً للذين لم يبرحوا قاعات مؤتمر مشاورات الرياض وهم ما زالوا في جدل حول المرجعيات التي كان هادي يتشدق بها في كُـلّ خطاباته، وهي المبادرة الخليجية، القرارات الأممية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقد ثار جدل واسع في المشاورات حول هذه المرجعيات فالكثير لا يرى فيها حلاً جوهرياً لما يحدث في اليمن، فالمبادرة الخليجية جاءت بهادي إلى الرئاسة، والقرارات الأممية شرعنت سلطة سفراء الدول العشر، ومؤتمر الحوار مات قبل ولادته، وكانت مخرجاته كسيحة غير ذات قيمة، وكل الذي حدث خلال سنوات العدوان فرض واقعاً جديدًا تجاوز مفردات تلك المرجعيات كما يرى الكثير من الذين طرحوا سؤال المرجعيات الثلاث.
انقسم المؤتمرون في مشاورات الرياض على أنفسهم، ففريقٌ يرى ضرورة تلك المرجعيات وفريق يرى عدم جدواها، وخرج النقاشُ إلى مستوى الصراع وجدل التصريحات، وبيان المواقف للمكونات الفاعلة في الساحة الوطنية اليمنية، ويبدو هادي حسم موضوع الجدل حول هذه المرجعيات من خلال إعلانه الدستوري الذي بموجبه نقل السلطة إلى مجلس قيادة، وستكون مخرجات المشاورات هي البديل لمؤتمر الحوار، والقرارات الأممية هي العصا التي تدير الحوار خَاصَّة تلك المتعلقة بإدراج اليمن تحت أحكام الفصل السابع، فالوصاية الدولية قد تطيل أمد الصراع في اليمن لكنها بالضرورة لن تكون حلاً أبداً، ولذلك فالحوار يبدأ من موضوع إلغاء القرارات الأممية بشأن اليمن إن أرادوا سلاماً حقيقيًّا، وكما اجتهدوا في الخروج من مرجعياتهم التي ظلوا زمناً طويلاً يدورون حولها لا بُـدَّ لهم من إيجاد مخارج للقرارات الأممية، فالسلام -إن صدقوا فيه – يتطلب صدق التعامل من الواقع وفق معطياته ولا وفق قضايا تجاوزها منطق اللحظة التفاعلية التي صنعها منطق الدفاع ومنطق العدوان ومنطق الصراع على مصادر الطاقة والمنافذ البحرية من قبل الدول الكبرى.
قرأ المرتزِق هادي جزءاً من الإعلان الدستوري وترك الباقي لأحد معاونيه وبمُجَـرّد الفراغ سارعت السعوديّة إلى عقد لقاء بمجلس القيادة وطلبت منهم سرعة عمل الترتيبات للحوار مع صنعاء.
السيناريو كان واضحًا سلفاً فمجلس القيادة في مقابل المجلس السياسي في صنعاء، وكان الاختيار بعناية فائقة لما سوف يكون وليس لما هو كائن؛ لأَنَّ ما هو كائن وفق ما هو معلن ليس مجلساً منسجماً وقادراً على الشروع في حوار سلام جاد إلا وفق الشروط والإملاءات للرعاة ومثل ذلك متعذر بل وغير قابل للتحقّق في صنعاء، كما أن حالة التباين في المجلس لن تجعله قادراً على الاستمرار بالمطلق، فالتآكل والتباين بين مكوناته لن تجبر كسره الكراسي فقد تركت الحرب جرحاً غير مندمل كما أن العدوان ترك جرحاً عميقاً في البناءات العامة كلها وفي القانون العام والقانون الطبيعي من الصعب مداواته.
طوت السعوديّة ودول التحالف صفحة هادي للأبد، وبدأت في صناعة صفحة جديدة، هذه الصفحة الجديدة تريدها حاملاً للخروج من مأزق اليمن خَاصَّة والتفاعلات الدولية الجديدة بدأت تفرض شروطاً جديدة لا يمكن للسعوديّة أن تتفاعل معها وهي مُستمرّة في عدوانها على اليمن، لذلك نرى خطوات متسارعة الهدف منها التبرير لمخارج تحفظ لها ماء الوجه خوف أن يقال أنها هزمت في عدوانها على اليمن، والهزيمة حقيقة لا مناصَ للسعوديّة منها وقد أدركها عوامُ الناس قبل خواصهم والكثير من تلك الآراء نجدُها مبثوثةً في شبكات التواصل الاجتماعي.
انتهت حقبة هادي بكل محمولاتها وربما تجبرهم الكثير من الحقائق على نهاية متوقعة لهادي نفسه، فبقاء هادي حياً ربما شكل خطراً عليهم ولذلك فالغالب أن نهايته ستكون حتمية في قابل الأيّام، ولا أتوقع أن يطول به الأمد فهو رجل مشهور بالحمق، قد يقوم بحماقة تحشرهم في زوايا أخلاقية ضيقة أَو تضعهم في موقف المذنب أمام القانون الدولي، ومثل ذلك متوقع من هادي ومتوقع منهم قتله فالمبرّرات كثيرة والحالة الصحية لهادي حاضرة للتبرير.
نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة ربما حملت القليل من الانفراجات لكنها لن تحمل حمامات السلام فالمعركة ما تزال طويلة لكن بطرق وآليات وأساليب جديدة لها مثال في المنطقة وفي العالم لكن نتوقع أن حركة التوازن الدولي تفرض رؤية جديدة ومستوى حضارياً جديدًا في التعامل مع السلام والاستقرار في اليمن وفي العالم.