السلامُ مطلبُنا.. وخطرُ الهُدنة أكبرُ من الحرب! بقلم/ نايف حيدان*
التوجُّـهُ بخطواتٍ ثابتةٍ نحو تحقيق السلام هو مطلب قيادة الثورة منذ انطلاق الثورة وما اتّفاق السلم والشراكة إلا خير دليل على ذلك هذا على المستوى الداخلي.
أما على المستوى الخارجي فتأخر الرد على عدوان السعوديّة على اليمن والذي كان بعد أربعين يوماً أَيْـضاً دليل على أننا لا نريد غير السلام ولسنا راضين عن سفك الدماء العربية المسلمة وتدمير الأوطان في كُـلّ الظروف وما كان الرد والمواجهة إلا ضرورة فرضتها شراسة الحرب على اليمن وتكالب العالم علينا.
واليوم وبعد إعلان الهُدنة لمدة شهرين بإشراف أممي وفتح المطار وإدخَال المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة نستطيع القول إنها ثمرة من ثمار الصمود اليمني والتضحيات الكبيرة التي قدمها ويقدمها رجال الرجال إلا أن هذه الهُدنة والإجراءات التي تصاحبها ما زالت بنظري منقوصة مقارنة ببنود الهُدنة اليمنية التي أعلنها الرئيس مهدي المشاط، عشية ذكرى يوم الصمود والتي من ضمنها وأهمها سحب كامل للقوات الأجنبية من اليمن، ومع أن ثورة ٢١ سبتمبر ما انطلقت إلا للتحرّر واستعادة القرار والسيادة اليمنية، فلا بد أن يفتح المطار بشكل كلي وبعيدًا عن الرقابة أَو الإشراف من أية جهة كانت.
وطالما قد قلنا مراراً: إن الأمم المتحدة تكيل بمكيالين وإنها جزء أَو طرف في الحرب فإعطاء الثقة لها والتقيد بقرارتها ستكون الانعكاسات والنتائج خطيرة على الداخل اليمني وقد تتحقّق للعدو بحجّـة السلم ما عجز عن تحقيقه بالحرب فلهذا لا بُـدَّ من التعاطي الإيجابي مع كُـلّ دعوات السلام ومن أين ما كانت مع الاحتفاظ أَو الحفاظ على السيادة وحرية واستقلال القرار ولا أخفيكم أن الهُدنة في ظل تشظي وتقسم اليمن لها أبعادها ومخاطرها والعدوّ السعوديّ والإماراتي ومن يقف خلفهما يعي ذلك جيِّدًا ويرى في ذلك طريق سالكة لتحقيق مآربه وأهدافه خُصُوصاً ونحن نشهد ونسمع عن ما يحدث في جزيرة سقطرى وفي شبوة والمهرة رغم إنها ليست مناطق حرب أَو مواجهة مع من يسميهم العدوّ (بالانقلابيين) ومع هذا خطوات الاستيطان والسيطرة جارية على قدم وساق وضاربين بعرض الحائط القوانين الدولية أَو حتى احترامهم وَعلاقتهم مع اليمن ومع خدامهم من المرتزِقة.
فلو كانت دول العدوان جادة للسلام وأصبح في همها مصلحة اليمن كدولة جارة لمن تقود الحرب لأثبتت حُسنَ النية برفع يدها عن كُـلّ شبر من الأراضي اليمنية وأوقفت نهبها لخيرات اليمن وثرواته على الأقل احتراماً للمرتزِقة الذين يقاتلون إلى صفها.
وإلى جانب كُـلّ ما ذكر سابقًا لا بُـدَّ من التعامل الإيجابي وَالحذر مع هذه الإجراءات والتوجّـهات وخُصُوصاً الخطوات التي ستتخذ أثناء الهُدنة فبريطانيا تجيد سياسة التقسيم والتمزيق وكذلك أمريكا شاطرة في تغذية الصراعات الداخلية والحروب المستدامة وعبر أدواتهما ستظل توجّـهات خطيرة على مستقبل اليمن وخُصُوصاً في السلم ولهذا لا بُـدَّ أن يصاحب خطوات وإجراءات ما بعد إعلان الهُدنة خطوات وإجراءات تحصن الجبهة الداخلية وتحاول لملمة الشتات اليمني وهي فرصة ذهبية للم الشمل اليمني وتوحيد الصف وتوديع الحروب إلى الأبد، فقط ما نحتاجه هو التعاطي والتجاوب من قبل قيادات الأطراف الأُخرى اليمنية لوضع هُدنة أبدية للحروب والتوجّـه الجاد للبناء وتعويض الأجيال عن ما قد عانوه وخسروه من سنوات الحرب والتوجّـه لحوار يمني يمني وفي داخل اليمن وبإشراف يمني لتكون كلها مخرجات يمنية وحل يمني وبهذا تتحقّق مطالب كُـلّ اليمنيين بالحرية والسيادة والاستقلال على أرض الواقع بعيدًا عن الشعارات الزائفة والخطابات الرنانة والعبارات المدغدغة للعواطف.. فهل سيعي اليمني ويصحو من غفلته وسباته ليستغل فرصة السلم لبناء اليمن حقًّا وحقيقة!
* عضو مجلس الشورى