شهرُ القرآن الكريم .. بقلم/ صالح مقبل فارع
من عظمة القرآن الكريم عند الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى أنه فضل الليلة التي نزل فيها والشهر الذي نزل فيه.
فالليلة هي ليلة القدر والشهر هو شهر رمضان.
فضّل الله رمضان وليلة القدر تكريمًا للقرآن الكريم.
فرمضان هو شهر القرآن الكريم؛ لأَنَّ القرآن نزل فيه، “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” “البقرة:185″، وبالذات نزل في ليلة القدر “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”.
وجعل فيه ليلة القدر التي كما قال الله عنها “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” وفيها “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُـلّ أَمْرٍ”.
فمن عظمة القرآن عند الله سبحانه أنه جعل الليلة التي أُنزل فيه ليلة قدر، ليلة خير من 30 ألف ليلة.. عظمها الله سبحانه لتعظيم ما نزل فيها، عظمها سبحانه؛ لأَنَّ الذي نزل فيها عظيماً وهو القرآن الكريم.. عظمها تكريماً للقرآن الكريم.
كما أن من عظمة القرآن أن الله لم يميز ويعظم الليلة التي نزل فيها فقط بل إنه عظم شهراً كاملاً وفضله على سائر الشهور لِعِظَم ما نزل فيه، وتعظيمًا للقرآن الكريم، وسمى هذا الشهر رمضان.
فلو نزل القرآن في شهر شوال لكان هذا الشهر عظيماً وفضيلاً أعظم وأفضل من رمضان، ولأصبح رمضان شهرًا عاديًا، وهذا تكريماً للقرآن الكريم.
ولكن لتكريم القرآن الكريم جعل الله شهرًا كاملاً الحسنات فيه مضاعفة والرحمة نازلة والمغفرة موجودة والشياطين مصفدون وهو شهر رمضان، بل وفرضه الله صيامًا علينا أن نصومه.
ولهذا جعل الله لرمضان ميزة بل ميزات كثيرة يتميز بها عن سائر الشهور، فضله الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى على سائر الشهور، وجعل فيه محطات كثيرة ينبغي على المسلم معرفتها.
كما اختاره الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى ليكون شهر الصيام، إذ فرض على عباده أن يصوموا هذا الشهر بدلاً من صيام يوم عاشوراء. “فمن شهد منكم الشهر فليصمه”.
ولهذا يا إخواني اهتموا بالقرآن الكريم تلاوةً وتدبرًا، وخَاصَّة في هذا الشهر، وتدارسوه كما كان جبريل يفعل مع رسول الله، واعملوا بما فيه، فلا ينبغي أن نتلوه فقط دون التدبر والتطبيق، فلو كان من غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كَثيراً..
القرآن الذي لو أنزله الله على الجبال لتصدعت وخشعت من خشية الله، وهي جبال صماء لا تفكر ولا تعقل، فكيف بنا نحن، ونحن أضعف من الجبال وخلق الله لنا عقولا نميز بها ونتدبر.
فلنهتم بالقرآن ونكرمه في هذا الشهر كما اهتم به الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى وكرَّمه.
كما كرمته الملكة بلقيس رحمها الله، كرّمت كتاب نبي الله سليمان عليه السلام لما حواه.. فقالت لقومها: “إني ألقي إلي كتاب كريم”، لماذا قالت: “كريم”؟؛ لأَنَّه احتوى على آية من آيات القرآن الكريم وهي “بسم الله الرحمن الرحيم”.
فكرموا هذا القرآن.. وأكبر تكريم له هو العمل به، ولنجعله دستوراً لنا في هذه الحياة بدلاً من الدساتير الوضعية.. فالقرآن ليست عبارات نلقلقها باللسان فقط، بل هو كتاب حياة وعمل ودستور لجميع البشرية صالح لكل زمان ومكان صاغه الله الذي خلق الزمان والمكان.. العليم القدير الأول الآخر.