لمن الشرعية اليوم في اليمن؟ بقلم/ منصور البكالي
قبل التأكيد بأنه لا شرعيةَ غير شرعية الشعوب، ترتبط مصادرُ الشرعية السياسية في العالم بمدى رضا الشعوب عن أداء السلطات السياسية القائمة من عدمه، ومدى قدرة تلك السلطات السياسية ومؤسّساتها على تلبية احتياجات المواطنين وتطلعاتهم والتعبير عن قيمهم ومبادئهم الدينية والعرفية والثقافية والفكرية وكذا الحفاظ على حريتهم وكرامتهم وسيادتهم الوطنية ومقدرات وثروات وعادات وتقاليد شعوبهم القبلية المتوارثة.
ففي الشعب اليمني الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية وحرب عدوانية مُستمرّة منذ ثمانية أعوام بقيادة أمريكا والسعوديّة، سببها الرئيسي محاولة الخارج فرضَ شرعية سياسية تنفذ أجندته ومخطّطاته الاستعمارية كما كانت قبل قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبيّة عام 2014م، دون معرفة سليمة بأن مصدر الشرعية لهذا الشعب الذي هو مقبرة للغزاة، مرتبط ارتباطاً وثيقاً بقيمه الدينية والفكرية المتجذرة في حريته ومقاومته وصموده في وجه الغزاة والمحتلّين، وفي دفاعه عن سيادته الوطنية واستقلال قراره السياسي.
فالشرعية السياسية التي يؤمن بها الشعب اليمني وينقاد تحت سلطتها بكل رضا وطاعة، هي الشرعية المستمدة منه ومن الدماء الثائرة لأبنائه العظماء الأحرار الذين ارتقوا شهداء وجرحى في ميادين وجبهات الجهاد المقدس للدفاع عن شعبهم ومقدراته وحريته وكرامته واستقلاله، ملقنين قوى العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي أقوى دروس الشجاعة والبطولة والتضحية والفداء، معبرين عن قيم شعبهم ومبادئه ونخوته وشجاعته وشهامته وأصالته وحضارته وتاريخه المشرف.
وطيلة فترة العدوان الذي لا شرعية له ولا لأدواته العميلة في جوف كُـلّ أحرار شعبنا اليمني من أقصاه إلى أدناه وفي عموم محافظات ومناطق الجمهورية اليمنية، الذين كانت أصواتهم حاضرة ومجلجلة برفضهم المعلن والصريح والواضح لتلك الشرعية المزعومة -وجرائم عدوانهم الظالم وقتلهم للنساء والأطفال وما خلفه حصارهم وارتهانهم وتبعيتهم للخارج على كُـلّ أسرة يمنية- عبر المسيرات الجماهيرية والوقفات الاحتجاجية والمظاهرات الغاضبة والإضرابات والاعتصامات المتواصلة في المحافظات المناطق المحتلّة وكل المحافظات اليمنية، كانت صور الشرعية السياسية لذرائع العدوان تداسُ تحت أقدام الجماهير، وتتبخر من يوم إلى آخر عند كُـلّ عملية اغتيال وعند كُـلّ جريمة وبعد كُـلّ أزمة وإثر كُـلّ فشل لعدم قدرة قيادات مرتزِقة العدوان من العودة إلى المحافظات المحتلّة.
وكان بديل شرعيتهم المزعومة في المناطق المحتلّة يمثلها المحتلّ الإماراتي والسعوديّ والتواجد العسكري الأمريكي والبريطاني في المهرة وحضرموت، وكذا الأنشطة الصهيونية في سقطرى وغيرها من الجزر اليمنية.
ومحاولة دول العدوان اليوم لإخراج شرعية مزعومة بعباءة جديدة في الرياض تحت مسمى المجلس القيادي الرئاسي، ما هي إلا مسرحية جديدة ومحاولة يائسة لخداع الشعب اليمني تحت عناوين براقة ومصالح مؤقتة هدفها تكريس شرعية الاحتلال واستدامة الحرب بين المكونات اليمنية، ونهب ومصادرة القرار اليمني ومقدرات شعبه، وتجنيب دول العدوان وأراضيها ومصالحها ومقدراتها ومؤسّساتها الحيوية الاقتصادية والعسكرية بأس ضربات القوة الصاروخية اليمنية والطيران المسيَّر، وتوغل مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة في الأراضي السعوديّة، وتوقيف عمليات التحرير الواسعة للأراضي اليمنية من سيطرة الغزاة والمنافقين.
فالشرعية اليمنية الحقيقية في صنعاء ممثلة بالمجلس السياسي الذي ولد من رحم ثورة 21 سبتمبر الشعبيّة الفتية، تجدد ردها على دول العدوان بالقول: إن الشرعية اليوم وقبل اليوم هي للشعب اليمني العظيم، وإن أية شرعية يصنعها العدوّ الأمريكي السعوديّ المحتلّ مردودة عليه ولا مكان لها في طاولة المفاوضات القادمة، بل إن المفاوضات ستكون مع العدوّ الخارجي مباشرة ووجهًا لوجه، ليرفع حصاره وينهي عدوانه ويسحب كُـلّ قواته، لا مع أدواته، إن هو أراد السلام الفعلي، وكل الخيارات مطروحة للتعبير عن شرعية الشعب وحقه في الحرية والاستقلال والسلام بالأساليب واللغة التي يفهما الأعداء.