ألا أدلُّكم على خير من ذلك؟ بقلم/ صفاء السلطان
عندما يهل علينا شهر الخير والرحمة والرضوان تجد الكثير من الناس يتجهون اتّجاهات مختلفة ولعل أكثر اتّجاهات الناس هو السير والاندفاع وراء الرغبات والشهوات سواء على مستوى المسلسلات أَو مستوى الأصناف الكثيرة من المأكولات أو يلهثون وراء الحاجة المادية فهذا للأسف هو الاتّجاه الذي يسير عليه معظم الناس.
لكن ماذا عن شهر الصيام والغاية الأسمى والأرقى لرمضان والذي من أعظم غاياته هو نيل الرحمة من الله والأهم هو التقوى (لعلكم تتقون)،
فالقليل القليل هم من يحظون بأن يتجهوا إلى ما يحييهم إلى ما يرفع من قدرهم ويرفع من مستوى زكاء أنفسهم وهو أهم ما يحتاجه المؤمن في هذا الشهر الكريم استجابة لله عز وجل عندما قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ).
ولعل من أهم ما يمن الله علينا في هذا الشهر الكريم هو الإطلالة اليومية لسماحة السيد القائد يحفظه الله، والذي يسعى بكل جهد ليحيي أنفسنا الموتى والتي غرقت في هذه الحياة ومن أولى محاضراته تجده يأخذنا إلى مراتب الإيمَـان الحقيقي والراقي والسامي فلكي ننجي أنفسنا من العقوبات في عاجل الحياة وآجل الآخرة لا بُـدَّ من التقوى، فبدون التقوى وبمُجَـرّد انتمائنا للإسلام لا يكفي ذلك بأن نقي أنفسنا من نار جهنم بل إن الأهم من ذلك هو (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) أي لا فائدة لأي عمل بدون تقوى، أَيْـضاً أنه وبدون التقوى وَإذَا كان الإنسان يعيش في أجواء من الاستهتار فَـإنَّه يخسر الكثير والكثير من نتائج التقوى ولعل أهمها أن تخسر معية الله وتوفيقه والأهم من ذلك هو أن تخسر جنات عرضها السماوات والأرض.
أيضا أخذتنا محاضرات القائد -حفظه الله- إلى أهم مجالات التقوى والتي منها إصلاح ذات البين، والمعاملة، التعاون، الجهاد في سبيل الله أَيْـضاً الصبر والمرابطة والتذكير بالغاية المهمة التي تعود علينا بالفلاح (لعلكم تفلحون).
كذلك إن من أهم ما ركز عليه القائد هو أن يلفت انتباهنا هنا في الدنيا وقبل فوات الأوان وقبل أن تصبح أعمالنا كالهباء المنثور (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) فمن أهم ما يتعلق بالتقوى أنها أَسَاس لقبول الأعمال الصالحة (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) فالكثير ممن كانوا بيننا ممن يدعون أنهم من المصلحين وأنهم من العباد والزهاد لكن أعمالهم كانت خالية من التقوى، أعمال كانت في ظاهرها إحسان وإصلاح لكن كان يشوبها الكثير من الأعمال السيئة، بل إن البعض يصر على هذه الأعمال السيئة بعد أن كانت صحائف أعماله مليئة بالأعمال الصالحة ولكنها لهذه الأسباب تحبط وتتحول لهباء منثور وَلا قيمة لها عند الله فيأتي يوم القيامة مفلساً ولا رصيد له.
فكيف للإنسان الذي يسمع كلام الله ويسمع توجيهات الله ثم يوليها دبره وينبذها وراء ظهره كما فعل بني إسرائيل؟!
وكيف له أن يتحاشى كُـلّ ثمرات التقوى التي ذكر الله بها عباده!!
والتي من أهمها أنها سبب لتفريج الكرب وسبب في الرزق من حَيثُ يحتسب الإنسان ومن حَيثُ لا يحتسب (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ) وَأَيْـضاً أنها سبب لتكفير الذنوب وما أحوجنا في هذا الشهر العظيم أن يكتبنا الله فيه من المغفورة ذنوبهم وما أحوجنا أَيْـضاً لمعية الله لنا!
في الاتّجاه الآخر ومن أهم ما ذكره الله عز وجل عن المتقين في كتابه هم من لا يلتفتون إلى تزيين الشهوات والرغبات ولا لأهواء أنفسهم بل إنهم يتجهون أن يكونوا من الصادقين، الصابرين، القانتين، المنفقين، المستغفرين بالأسحار، فهم مع ارتقاءهم الإيمَـاني هم من لا يرون أنفسهم أعظم من الله ولا يرون أنفسهم أنهم يقدمون شيئاً كَبيراً فهم دائمو الاستشعار لتقصيرهم والخائفين من التفريط في توجيهات الله فتجدهم دائمي الاستغفار ولعل أهم ما لفت إليه القائد -حفظه الله- أن الإنسان منا إذَا ما استيقظ في وقت السحر قد يحسب نفسه أنه من المؤمنين الذين ضمنوا الجنة لكن المتقين هم من لا يحملون حالة الغرور والعجب بأنفسهم ولا يزالون يستشعرون بخطورة التقصير والتفريط.
إن هذا إلا رشفة صغيرة من معين ما يسقينا به السيد القائد -يحفظه الله- يوميًّا مما يعلمنا من الكتاب والحكمة، حريص على أن يزكينا حريص علينا ما شقينا، ما عنتنا، فكيف للكثير من الناس ممن يضيعون على أنفسهم كُـلّ هذا الخير العظيم الذي يوصلهم إلى رضوانه إلى مغفرته إلى فلاحهم إلى صلاحهم بل إلى الفوز كُـلّ الفوز!
سلام عليكم سيدي القائد ولتعلموا أن كلماتكم تعيننا على ري قلوبنا المتصحرة بالبعد عن الله، قلوبنا التي جفت بفعل تقصيرنا وتفريطنا، ولعل كلماتكم وتذكيركم المُستمرّ لنا أن تعمل عملها بانتشالنا من واقعنا السيء ومن مستنقع الأهواء والرغبات التي أبعدتنا كَثيراً عن الله وعن الهدى، ونحمد الله كَثيراً أن هدانا للإيمَـان، كما نسأله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ليجعلنا من المتقين الذين جعل لهم العاقبة والفوز والفلاح والنصر والتأييد.