مع السيد القائد: الاستقامة.. عواملُها وأشكالُ الانحراف عنها .. بقلم/ هنادي محمد
• استكمل السيد القائد -يحفظه الله ويرعاه- في محاضرته الرمضانية الرابعة عشرة الحديثَ عن الاستقامة بأنها ما ينبغي السعي لتحقيقه والحرص عليه؛ لأَنَّها تعبير عن الانتماء الإيمَـاني الحقيقي ويترتب عليها العزة والخير والفلاح والفوز في الدنيا والآخرة، وتجعل الإنسان يعيش متحرّرا من كُـلّ أشكال العبودية لغير الله.
الله –جل شأنه- يضع للإنسان في مسيرة حياته اختبارات ليس الهدف منها عرقلته عن المسير الذي يوصله إلى جنته، وإنما ليظهر مدى ثباته، وهنا تؤتي الاستقامة ثمرتها، فالمستقيم يحظى بمعونة الله ويستفيد من ارتقاءه الأخلاقي ويزداد توفيقا يتمكّن به من تجاوز الامتحانات الإلهية بنجاح، أمّا المُعْوج فمصيره هو الزيغ والسقوط.
الخروج عن خط الاستقامة قد يأتي على هيئة نفاقٍ أَو انحراف سلوكي وقد يصل إلى الكفر والارتداد _ والعياذ بالله _ وللوقاية من الوصول إلى هذه الحالات ينبغي علينا بالدرجة الأولى إدراك أهميّة المسألة والحذر من الخروج عن خط الاستقامة بالأخذ بأسباب الهداية والتوفيق والالتجَاء إلى الله والثبات تجاه المؤثرات والرغبات.
ومن أشكال الاعوجاج والزيغ والانحراف التي يجب أن نعرض أنفسنا عليها للتقييم:
– أولاً: الاعوجاج العملي: سواء على المستوى السلوكي أَو المواقف والتصرفات المخالفة لتوجيهات الله، والعصيان المباشر لها.
– ثانياً: أداء المسؤوليات:
فالتصرفات المزاجية التي تخرج الإنسان عن منظومة التوجيهات الإلهية فيدخل في التفريط والظلم والإساءة التي مبعثها هوى النفس وعدم الحرص على إتقان العمل والإخلاص فيه.
– ثالثاً: الاعوجاج الفكري: ويتمثل في التنظير للمخالفات والتجاوزات والتبرير لها وتلفيقها وإسناد الموقف الباطل إلى باطلٍ آخر يصل بصاحبه إلى الافتراء على الله فيسلب التوفيق، حينها يصبح دوره وتحَرّكه سلبيا، شكله العام الصد عن سبيل الله وتبني المواقف المثبّطة والمخذّلة ضد أهل الحق.
ومن عوامل الزيغ والاعوجاج:
“هوى النفــس“ وهو عنوان واسع يشمل الكثير من الأشياء منها:
أولاً – الأطماع المعنوية والمادية: ولا تحدث للإنسان إلا عند التمكين وتصبح هي الحاكمة والمؤثرة على توجّـهه، ويعتبر الطمع دناءَة وانحطاط يحط من كرامة الإنسان وشرفه.
ثانياً – العُجب والغرور والتمحور حول الذات:
وتأتي نتيجة الغفلة عن الله ونسيانه فتعظم نفسه عنده حتى يراها عظيمة فيفقد التواضع وتكثر جرأته على الناس في أُسلُـوب التعامل ولم يعد يؤدي المسؤولية بأخلاقها فينطلق بمنطلقات شخصية، محوره ومنطقه ” الذّات “، وحالة التمحور حول الذات تجعل الإنسان يشخّص كُـلّ المواقف التي تصدر من الناس يعتبرها استهدافا لشخصيته، وهذه حالة خطيرة جداً؛ لأَنَّها تعذّب صاحبها بالعُقد التي تتراكم ويبقى يخوض المعارك الكثيرة مع نفسه، والتربية الإيمَـانية هي ما تبعد الإنسان عن ذلك.
ثالثاً – الطغيان:
وهو أَيْـضاً لا يحدث إلا في مرحلة التمكين، يظلم الإنسان إذَا غضب ويتعامل مع ما يسوءه بطغيان وتجاوز للعدل والحق، وأكثر من يتعرض لهذه الحالة من هو في موضع المسؤولية.
رابعاً – الفساد الأخلاقي والمالي:
وهو رذيلة وجريمة وظلم ومعصية تخبث به النفس وتنحط وبالتالي تتغير نفسية الإنسان ولا تعد تنسجم مع القيم الإيمَـانية وتتغير اهتماماته.
خامساً – المشاكل والخلافات:
في الأداء الجماعي والمسؤوليات الجهادية يجب التزام التقوى ومعالجة الإشكالات العارضة بروح عملية، ولا يجوز أن تتحول إلى حالة نزاع وعُقد شخصية تتحول إلى عائق نفسي يمنع عن الاستمرار في العمل، وأي شيء يمكن أن يؤثر على تجسيد عبوديتك لله يجب تجاوزه ومعالجته.
– العوامل المساعدة على الاستقامة:
* الالتجَاء إلى الله.
* ترسيخ حالة العبودية لله والتسليم لأمره وهو مقتضى العبودية.
* الصلة الوثيقة بهدى الله مع الأخذ بأسباب الهداية.
* التحلي بروح معطاءة.
* الحفاظ على الإخلاص لله والحذر من تغير الوجهة، كالتأثر بشبهات وحملات دعائية نتيجة عدم استيعاب ما يفندها، وفي هدى الله كا يعطينا فهما ووعي وبصيرة تجاهها.
* السعي للارتقاء الإيمَـاني ومحاسبة النفس وتقييمها، واكتشاف جوانب القصور بروحية نصوحة.
* الحذر من خطوات الشيطان الذي يعتمد في أُسلُـوبه على الاستدراج.
* الصبر، وهو شيء أَسَاسي للاستقامة ومواصلة المشوار.
* التعاون على البر والتقوى.
* استشعار القصور والتقصير على الدوام بجانب الله على الإنسان، ويحذر عند كُـلّ نجاح من الاستنزاف في التسبيح بحمد نفسه، ويجب أن يتخلص الإنسان من عقدة الغضب والاستياء عن من ينصحه بالحق، وللأسف الكثير من الناس يغضبه أن يوصّى بالحق. والعاقبـةُ للمتّقيـن.