في ذكرى وداع الشهيد الرئيس الصماد .. بقلم/ وسام الكبسي
كان رجلاً استثنائياً في ظرف استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جسّد معنى الرجولة والإيمَـان في القرآن الكريم على أحسن حال وأفضل أداء في كُـلّ مراحل أعماله الجهادية، ومنذُ الوهلة الأولى لانطلاقته في مواجهة الطغاة المستكبرين ينظر إلى حوله من الأحداث الجسام، وَالوقائع المهولة من منظور قرآني، قدم المواقف المشرفة في كُـلّ خطوة كان يخطوها، ومسؤولية كانت تلقى على عاتقه، فهو بحق رجل المهام الصعاب.
عرفه العالَمُ رئيسَ المجلس السياسي في اليمن فانبهروا من إدارته وحسن تعامله مع الظروف الصعبة، واحتارت قوى العدوان من سعة علمه ومعرفته الدقيقة بخبايا الأمور وتفكيك طلاسمها، وتجميعه لخيوطها المتشعبة والمعقَّدة.
هكذا قالها رمز الإباء والصمود الشهيد الرئيس: (إن دماءنا ليست أغلى من دمائكم، ولا جوارحنا أغلى من جوارحكم) فصعق القوم، ودوّت عبارته الأرجاء متجاوزة الزمن فكادت أن تهوي بهم فتداركوا أمرهم وازدادوا ارتماء في الحضن اليهودي متخبطين في تيههم فلن يهتدوا أبداً.
رضوا بملذات الدنيا غارقين في شهوانية شيطانية متسكعين في شوارع تكساس ولندن، وتدحرجوا إلى الحضيض في دهاليز واشنطن وتل أبيب، صلاتهم دوماً إلى بيتهم الأبيض علّ أسيادهم يرضون عنهم أَو يلقون منهم نضرة سرور أَو عبارة دافئة، فقدموا شعوبهم قرابين في سبيل بقائهم على رقاب الناس يسومونهم سوء العذاب يمتهنون كرامتهم وَيسلبونهم حقوقهم ويجلدون حتى ضهورهم طاعة للأمير في دين ابن وهَّـاب وعقيدة ابن تيمية.
وفي المقابل وليس للمقارنة هناك من تشرب من ثقافة العزة والكرامة والإباء من مناهله الحقيقية كقرناء للقرآن، من يعبّدون الناس لله وليس معبود سواه-سبحانه وتعالى- ففي رحاب الثقافة القرآنية ولد الشهيد الرئيس صالح علي الصماد، ورضع من منهلها العذب، ونشأ على مبادئها، وظل مرابطاً في محرابها الأقدس، ومجاهداً في دروبها الطاهرة ومسالكها النيّرة، متوليا لله ورسوله والمؤمنين عن إيمَـان صادق وعزيمة لا تلين، منتظراً إحدى الحسنيين متمنياً لشهادة أعظم من تمنيهم للحياة، مؤكّـداً من خلال إخلاصه في جهاده أن حياته ومماته لله إلى أن حانة لحظة الاصطفاء الإلهي، فقضى نحبه شهيداً مؤكّـداً للعالم البليد بأنه أحد رجال الله الذين صدقوا ما عاهدوه عليه ولم يبدل تبديلاً.
إنه المجاهد والزعيم القائد، والرئيس الزاهد، والمؤمن العابد بكل فخر، إنه رئيس المجلس السياسي الأعلى في الجمهورية اليمنية صالح على الصماد، سلام على روحه الطاهرة.
تقلد مسؤوليته هذه في أصعب الظروف وأشدها قساوة واليمن شذر مذر، صراعات داخلية دامية وعدوان عالمي همجي وحصار خانق وظروف اقتصادية هشّة، وانفلات أمني مريب، لم يكن أحد يطمع أن يليَها خوفاً وعجزاً، فبادر فكان نعم الربان، لمّ الشعث وأمن الناس وبنى جيشاً بعد تفكيكه، لم يهدأ له بال وهو يرى أشلاء الأطفال والنساء جراء ما يرتكبه الطيران الأمريك سعو إماراتي، فبذل كُـلّ جهده جهاداً في سبيل الله، فأسس مداميك دولة المؤسّسات وجمهورية الشعب.
تربع على كرسي الحكم لا حباً ولا رغبة وإنما مسؤولية وأداء أمانة لم يكن ليعلوا في الأرض؛ لأَنَّه يسعى لإعمارها تحت شعار (يد تحمي ويد تبني) فقلبه معلق بالجهاد ونفسه شغوفة بالاستشهاد.
لقد كان مدرسة لكل ساسة العالم وحكامها في أنه جاء إلى السلطة فلم ولن يألفها مجسداً مقولته إن السلطة في خدمة الشعب وليس العكس كما يعمله معظم الحكام.. كان كله حضوراً في جبهات العزة والشموخ عزيزا شامخا، مدرسة في الصمود والثبات والتحدي خاض غمار المواجهة بقوة إيمَـان وصلابة إرادَة، أفشل مخطّطات العدوان ومتّن الجبهة الداخلية، وزاد من نشاطه في دعم الجبهات بقوافل الأبطال والأحمال، تغلب على المستحيل وليس أمام رجال الله مستحيل.
بذلت قوى العدوان كُـلّ ما بوسعها للتخلص من شخص الرئيس الصماد كهامة وطنية وزعيم صادق وقائد مخلص، فأدرج اسمه الرقم الثاني بعد السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي-يحفظه الله تعالى-، فلم يخش أَو يقلق فثقته بالله لا توصف وعمله في سبيل الله مع الأطهار وسام شرف لا يساويه الدنيا وما فيها، فكما تشرب ثقافة القرآن من قرناءه فقد نال عطاء الله وكرمه واصطفاه شهيداً إلى جوار الشهيد القائد، فمثله الآلاف ممن نهلوا من معين هدى الله، فهو نموذج من نماذج رجال الله الذين صنعتهم المسيرة القرآنية وتنتجهم ثقافة القرآن.