الفلسطينيون يحيون رمضان بالجهاد وخطوات جديدة لتهويد الأقصى .. بقلم د/ تقية فضائل
أحداث ساخنة وجهاد عظيم وصمود وتضحيات كبرى وَضربات موجعة يوجهها الشعب الفلسطيني البطل للاحتلال الإسرائيلي الغاصب منذ بداية شهر رمضان المبارك، وقد تصاعدت وتيرة المواجهات بين الفلسطينيين والمحتلّين الصهاينة بعد إعلان العدوّ الإسرائيلي عما أسماه عملية كسر الأمواج، وصعد من الاقتحامات المكثّـفة وَالمتنقلة في نحاء فلسطين، من القدس إلى الضفة الغربية إلى جنين إلى طولكرم إلى غيرها، بالإضافة إلى الاعتقالات التي طالت العديد من المواطنين من مختلف أنحاء فلسطين، مما أَدَّى إلى مواجهات عنيفة مع المواطنين في عدة جبهات، وكان من أبرزها العملية البطولية الفدائية للشهيد رعد حازم التي نشرت الرعب والخوف بين قطعان المستوطنين وَأثبتت قصوراً كَبيراً وفشلاً أمنيًّا واستخباراتياً إسرائيلياً في كشف عمليات المجاهدين الفلسطينيين قبل حدوثها ناهيك عن منعها، رغم قبضته الحديدية التي يحكمها على المواطنين الفلسطينيين وحرصه الشديد على عدم امتلاكهم الأسلحة النارية، ومع ذلك كله أطلق الشهيد رعد النار من رشاش كان بحوزته على مجموعة من الصهاينة في مطعم في شارع ديزنغوف في عمق تل أبيب وأصاب مجموعة من رواد المطعم من المستوطنين وقتل مجموعة أُخرى قبل أن تنال منه نيران العدوّ ليضاف رقماً مميزاً في رصيد قوافل شهداء فلسطين، وَبالمقابل وَإثر هذه العملية البطولية خرجت الجماهير الفلسطينية بعد صلاة الجمعة، تردّد عبارات الفخر بالشهداء والتحدي للطغاة المحتلّين وهي رافعة صورة الشهيد رعد وصوراً لشهداء سبقوه، كما أنها تؤكّـد استمرارها في الجهاد ضد المحتلّ الإسرائيلي الغاصب حتى يخرج من كُـلّ شبر من أراضي فلسطين، مما دفع بقوى العدوّ الإسرائيلي إلى محاولة القبض على والد الشهيد رعد العقيد فتحي حازم وهو من سكان مخيم جنين، ولكنه رفض تسليم نفسه ولم تستطع القوات الإسرائيلية القبض عليه، نتيجة تصدي أهالي مخيم جنين ومجاهديه لعملية اقتحام العدوّ الرامية إلى القبض على العقيد فتحي حازم، مما جعل العدوّ يعود خائباً دون أن يحقّق غايته.
وما زالت الاعتداءات الإسرائيلية العنيفة مُستمرّة ولا يوجد فيها أي خطوط حمراء، فقد رأينا جنود الاحتلال يطلقون النار على امرأة فلسطينية ويمنعون إسعافها، بل يتركونها تنزف حتى الموت وهم يراقبون موتها لحظة بلحظة وهذا العمل الإجرامي ترصده الكاميرات بكل تفاصيله، ومع هذا لم نسمع من أدعياء الإنسانية من يخرج لاستنكار مثل هذا العمل الإجرامي المكتمل الأركان، ولم نسمع من العرب والمسلمين من يكلف نفسه بأضعف الإيمَـان وهو التنديد ولم نجد مراسلي قنواتهم الجزيرة أَو الحدث أَو العربية يتابعون الأحداث في فلسطين ويغطونها بكل طاقاتهم وحرفيتهم وطواقمهم، كما يفعلون في تغطية أحداث الحرب الروسية الأوكرانية!! ولم نسمع لهم همساً في موقف تتقطع له نياط القلب وهو ليس أقل وحشية من القتل بدم بارد للمواطنين، وهو ضرب مجموعة من الجنود الإسرائيليين المدججين بالأسلحة طفلة فلسطينية لا يتجاوز عمرها ثلاثة عشر عاماً ثم جرها بعنف شديد كُـلّ هذا أمام العالم الأصم الأبكم الأعمى.
وها نحن كُـلّ يوم نسمع ونرى الفلسطينيين يرتقون شهداء نساء ورجالاً صغاراً وكباراً وَالشباب يساقون إلى السجون الإسرائيلية وَنشعر بالمهانة والضعة والغبن عندما نسمع عن نية العدوّ الإسرائيلي استباحة قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى وذبح العديد من المواشي قربانا للرب -كما يزعمون- في منتصف هذا الشهر، فيما يسمونه بعيد الفصح وهو ضمن خطوات خرافية تهدف إلى تهويد الأقصى كُـلّ ذلك بحماية الشرطة الإسرائيلية، وهذا المشهد هو الأخطر على الإطلاق، ورغم رسائل تحذير حركات المقاومة من إقدام المحتلّ الغازي على هذه الخطوة، وَتأكيدها أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حالة مضيه في هذا العمل، وأن هذا سيؤدي إلى معركة شاملة حاسمة لن تتوقف إلا بخروج جميع الصهاينة المعتدين من أرض فلسطين.
العدوّ الإسرائيلي يتمادى يوماً بعد يوم وَسنة بعد سنة مستنداً إلى مجتمع دولي فاسد ظالم عنصري متحيز أباح فلسطين لشذاذ الآفاق، وأنظمة عربية وإسلامية خانعة ذليلة مدجنة لشعوبها وأُخرى عميلة مطبعة تطلب من الفلسطينيين ضبط النفس وتجرم دفاعهم عن أنفسهم وتتعاطف مع العدوّ الإسرائيلي وتدعمه بتطبيع علاقاتها ومد أواصر التعاون على كُـلّ الأصعدة.
أيحق لنا بعد هذا الكم الهائل من الآلام المزمنة والجراحات النازفة بلا دماء، وَالإخفاقات المخزية وخيبات الأمل المتأصلة -أيحق لنا -أن نتساءل هل سيهب العرب والمسلمون من مشارق الأرض ومغاربها؟! هل سيتحَرّك من تعدادهم يزيد عن المليار وَنصف المليار؟ ألم يأن الأوان لشد الرحال إلى الأقصى لنصرة الشعب الفلسطيني الذي يقف في وجه عدونا الإسرائيلي ومن يسانده من النصارى وغيرهم، يقف وحيداً صامداً مجاهداً مستبسلاً مضحياً! يقوم بدور أُمَّـة بأكملها في حماية الأرض وَالمقدسات والعرض، ألم يكفهم صمتاً وخنوعاً وانبطاحاً وتنصلاً من مسؤولياتهم، وفلسطين تستباح وَالأقصى يدنس، وَالدم البريء يراق وكرامة الأُمَّــة تمرغ بالتراب ودينها يحارب.