الصماد ينتصر .. بقلم/ رانيـــا زيـد الشدادي
تعجز الحروف عن نظم كلمات تصف هذا الأنموذج القرآني، هذه الشخصية القرآنية التي لطالما تجلت في مواقف على الواقع، وكانت تُرجمان لآيات قرآنية، كان أبا الفضل يحمل مشروع أُمَّـة وليس مشروع فرد أَو شعب، قدم دروساً في الجهاد، في التفاني والإخلاص، دروساً في تحمل المسؤولية بكل شرف، ونزاهة، وحكمة، وثبات على الموقف والقضية المحقة مهما كانت المرغبات والمرهبات، والصعاب والمنحدرات الشديدة على كافة الأصعدة.
كان الكل الشعب وكان الشعب كله كان الفقير لله وبين عباد الله كان الغني بالله، كان المواطن والمسؤول، كان الجندي، والضابط، كان الرئيس وخطيب الجمعة، كان السياسي والعسكري، والثقافي والإداري، لم تقتصر جهودة في جانب محدّد أَو جهة خَاصَّة أَو عامة، كان حقاً جنديَّ الله في أرض الله.
سعى بكل وسعة وبما مكنه الله في نصرة دين الله ورفع الظلم عن كاهل المستضعفين، كأنه لقمان الحكيم في حكمته، وإبراهيم الخليل في حلمة، وإسماعيل في تسليمة لله، وأيوب في صبرة، وداوود وسليمان في شكره، وكان الصماد في عصرنا.
هذا رئيس الشهداء وحبيب المؤمنين والصادقين، وعدو الطغاة والمستكبرين ومرعبهم ومؤرقهم، فكيف لا نتألم وكيف لا نحزن لفراقه وكيف لا تسيل الأدمع على من ملك القلوب وسكنها، وكيف ننسى لحظة تلقينا نبأ استشهاده تلك الدقائق التي تمنينا لو أنا الزمن توقف في الحال لشدة الألم الذي لا نستطيع وصفه أَو بالأحرى مستحيل وصف ذلك الألم وتلك اللحظة، ومع هذا لم نخضع ولم يتزعزع المستوى المرتفع لـ معنوياتنا بل كنا كما يُريد الله، وكما يُريد السيد القائد، وكما يُريد أبا الفضل؛ لأَنَّ المسيرة هي المسيرة الطويلة، العمل على إعلاء كلمة الله، النصر لدين الله.
فـأحيينا ذلك اليوم وما زلنا نُحييه وسنظل، نعم خسرناه كشخصية عظيمة بما تعنيه كلمة عظيم، ولكنه انتصر للقضية العادلة، فـ ذاك اليوم كان الشهيد الصماد منتصراً عندما سقط شهيداً في سبيل الله، عمل ما عليه أن يعمله، بذل نفسه وماله في سبيل الله وكان دمة وروحه وسيلة مهمة لتحقيق النصر للقضية، وحقاً روى بدمائه الطاهرة أرض الإيمَـان والحكمة لتُنبت جيلاً قرآنياً بوعيه جهادياً بتحَرّكه، ومستشعراً للمسؤولية.