محرابُ الشهادة.. عظمةُ الهدف وشمولية المغزى .. بقلم/ خلود الشرفي
أحرفٌ نورانيةٌ تطلُ في ذكرى استشهاد وصي هذه الأُمَّــة وَيعسوب دينها، الإمام علي بن أبي طالب -سلامُ الله عليه- والدُ الحسنين، بعلُ سيدة نساء العالمين.. قالعُ باب خيبر.. ساقي مُحبيه من حوضِ الكوثر، في يومِ المحشر.. من يُعرفُ المؤمنون بحبهِ، وَيُعرفُ المنافقون بشنانهِ وَبغضهِ.
تكلم العلماءُ، وَترنّم الفصحاءُ، وَخطب الخطباءُ، وَشدا الشعراءُ، في حَقِّ الأمير.. صاحب بيعة الغدير..
لكن يظلُّ الجميعُ عاجزاً عن حصرِ بعض مكارم الإمام علي “سلامُ الله عليه”.. سيظلُ الجميعُ مدهوشاً مما تميّز به هذا الرجلُ العظيمُ الشامخُ العملاق.. في دربِ الرسالة المحمدية الخالدة..
الكل سيبقى مصدوماً من ظلمِ التاريخ لهذا الإنسان الكامل الإنسانية، العظيمُ في مبدأه وَأخلاقه وَرؤاه.. الإمام علي هو ذاك الشخصُ الرائدُ الحكيمُ الذي تجسّدتُ فيه كُـلّ معاني الإسلام الرائعة وَالعظيمة وَالحكيمة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني العظمة وَالشموخ وَالعنفوان..
وَهنا يبرزُ التساؤل لماذا شخصيةٌ عظيمةٌ مثل الإمام علي تتعرضُ للإقصاءِ وَالتهميش؟!
لماذا حدثت لأهل بيت النبوة كُـلّ تلك المجازر المروّعة على طول التاريخ منذُ مغادرة الرسولُ الأعظم صلوات الله عليه وَآله لهذه الحياة؟!
أليس المفترض لمن كان بمقامِ الإمام علي سلامُ الله عليهِ أن ينال كُـلّ مراتب التبجيل وَالإجلال؟!
أليس بالأحرى لذرية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وَآله أن تعيش مصونة الجانب، محفوظة الذمام، مرفوعة المقام؟!
وَإذَا كان أهل كُـلّ زمانِ يُعظّمون أنبيائهم وَعلمائهم فما بالنا نحن؟!
من غيرِ شكٍّ فَـإنَّه لولا ما حدث يوم السقيفة لما صار الذي صار من إقصاء لأهلِ البيت وَتهميشهم، وظلمهم، وَاستباحة دمائهم بشكلِ لم يسبق له مثيل.. وَلما تربّع على أعناقِ الأُمَّــة الطلقاءُ وَأبناء الطلقاء وَأبناء أبناء الطلقاء.. وَلما وصل الإسلام إلينا ضعيفاً مهزوزاً قد طالما لعبوا به وَأنهكوهُ ثقافةً مغلوطة، وَافتراء واضح على الله وَرسولِه، تجعل من الإذعان للحكامِ الظالمين فريضةُ واجبةُ، وَحكمُ مقدس ما داموا يتربعون على كراسي الملك وَعروش السلطنة.
ونحن اليوم، إذ نعيش زمان تجلّت فيه الحقائق إلى حَــدٍّ كبير، كما قال الشهيد القائد سلامُ الله عليه “عينٌ على القرآن وَعينٌ على الحدث” فَـإنَّ الوضع المخزي للأُمَّـة في هذا العصر هو نتاج انحرافها الخطير عن الثقلين منذ اللحظة الأولى لإقصاءِ الإمام علي وَإبعاده عن قيادةِ هذه الأُمَّــة ليأخذ بزمامها إلى برِ الأمان، وَالتي أَدَّت فيما بعد لاستشهاده على يد أشقى العالمين، شقيقُ عاقر ناقة ثمود.. في وقت كانت الأُمَّــة أحوجُ ما تكون إلى قائد مثل الإمام علي سلامُ الله عليه…
وَمعلوم أنه بإقصاءِ العترة الطاهرة فقد أُقصيَ القرآن الكريم هو الآخر، وَغُيّب من واقع الأُمَّــة؛ لأَنَّهما الثقلان لن يفترقا وَإذَا غابَ أحدهما غابَ الآخر..
وَاليوم نرى نتائج هذا الانحراف الخطير جليًّا أمام أعيننا، وَعلى مسمع وَمرأى من العالمِ أجمع..
فأية جنايةٌ تلك التي جناها ذاك الشقي بحقِ أُمَّـة يُراد لها أن تكون هي قائدةُ الأمم الأُخرى؟!
فلا غرابةَ إذَا أن نرى أمثال بن ملجم ومعاوية وَيزيد وَغيرهم من أصحاب اللحى الملونة وَالكرش المتخمة من أموال الأُمَّــة وَدمائها يُفجّرون الجوامع وَيذبحون الأبرياء باسم الدين.
وَلا عجب أن نرى آل سعود وَمرتزِقتهم يسفكون الدماء وَينتهكون الحرمات في هذا الشهر الكريم..
أليس ذلك دليلاً كافياً على حاجة الأُمَّــة الماسةُ للعودةِ لنهج الهدى المحمدي العلوي الحسيني الأصيل؟!
ألم يأنِ بعدُ لنلتحق بسفينةِ النجاة لنصل إلى مرافئ النصر وَالعز وَالتمكين؟!
حقيقةٌ تستحقُّ التأمل وجوابها يكمنُ في أهل بيت النبوة، وَمعدن الرسالة، وَمهبط الملائكة.