رحيلُ الصمّادِ في عامِهِ الرابع .. بقلم/ مرتضى الحسني
قيلَ الحزنُ يولدُ كَبيراً ثم يضمحلُّ يوماً فيوماً، إلا وجعُ فقدِكَ يا أبا الفضلِ فكلُّ يومٍ يمُرُّ يزدادُ فينا مُرّاً وألما، وهَـا هو رابعُ الأعوام منذُ رحيلِكَ قد مضى ونحنُ لا نزالُ نتخبطُ في عدمِ تصديقِ ذلك.
أبا الفضلِ مُذْ رحلتَ لم تَجِبْ شمسٌ أَو تغربْ إلا وَتفيضُ مُقلتاها دماً لا دمعاً كمداً عليك، ولم يخفقْ قلبٌ إلا وَيُسمعُ بعضٌ من أنّاتِهِ حزناً عليك، ولم يمرْ ألمُ فقدٍ أَو وجعُ قهرٍ إلا وكانَ تذكرُكَ وحضورُكَ المطمئنُ للمجروحين وَالموجوعين، فكلُّ الرزايا من بعدِكَ حباتُ خردل.
يا صمادنا، اليوم شطآنُ الحديدةِ تسألُ عنك فبماذا نُجيبُها؟؟ وفُلُّ الجاحِ يُفتّشُ عنكَ ولم يزلْ منتظراً لِنَدا كفّيكُ فبِربِّكَ بماذا نواسيهِ؟؟ أبا الفضلِ أكبادُ اليتامى عطشى تريدُ أنْ تردَ نهرَكَ، وأفواهُ البُسطاءِ نالَها اليَبَسُ وهي في انتظارك، أبا الفضلِ قلوبُ المظلومين كَلْمى ولم ترَ من يُبرِيها دونك، فماذا الصُنعُ بالذي يحوونه؟؟
يا وجعَ قلوبِنا العيدُ بعدكم لم يذق طعماً، فقد عادَ لروتينِهِ المعتادِ على المَلَلِ، فبِكَ وحدَكَ عرفَ مُلاقاةِ الناسِ ومعايدتِهم في شتى البِقاعِ وبِيَدِكَ تعلّمَ البساطةَ والإنسانيةَ بحقيقِها وصفائِها لا بالبروتوكولات المقززةِ التي تمثّلَّ بها غيرك، فاليومَ سيدي الرئيس الشهيد أكُفُّ الناس بالجامعِ الكبيرِ بل باليمنِ كلِّهِ تشتاقُ كُـلّ الشوقِ لمصافحتِك، وَجبهاتُ جيزانَ والجوفِ تلبسُ كسوةَ العيدِ كُـلّ عامٍ منتظرةً خشخشةَ نعليكَ فوقَها فتُكسفُ مرةً تلو الأُخرى ولكنّها لم تُصدّقْ نبأ استشهادك، وأسماعُ المجاهدين في كُـلّ عيدٍ وقلوبُهم تُعلّقُ عسى أنْ ترى طيفاً أَو بعضاً منك يأتي فيمحي آثارَ التعبِ عليهم ويُشعلَ فيهم الحماسَ لمواصلةِ طريقِ النصر والحرية والكرامة.
يا صالحَ الصماد، لقد كنتَ بحقٍ بقيةَ عهدِ الإمامِ عليٍ لمالكَ الأشتر، كنتَ خيرَ من أشعرَ قلبَهُ الرحمةَ بالرعيةِ والمحبةَ لهم واللطفَ لهم، وخيرَ من أعطى من عفوِهِ مثلَ ما يرضى لنفسِهِ ولم تندم على عفوٍ أَو تتبجحنّ بمغفرة ولم يأخذكَ سلطانُكَ بأُبهةٍ أَو مَخيَلَة أَو أدخلت في مشورتك جباناً أَو حريصاً أَو بخيلاً يصدكَ عن الناس، وبمشروعِكَ يدٌ تحمي ويدٌ تبني كنتَ خيرَ من امتثلَ (وليكن نظرُكَ في عمارةِ الأرض خيرٌ من استجلابِكَ الخراجِ؛ لأَنَّ ذلك لا يدركُ إلا بالعمارة)،
يا رئيسَنا الشهيد، تكلمنا عنكَ أَو لم نتكلم فذلك لن يزيدَكَ شيئاً فمقامُكَ لا تختزلُهُ أحرفٌ وكلماتٌ وأوصافٌ وقواميس، إلا أنّكَ كنتَ بحقٍ الإنسان الذي لم نسرِ في ظهورِ جدودِنا إلى عصرِهِ إلا نُرجّي تلاقيهِ أَو العيشَ تحتَ لوائهِ وهذا ما حظينا بِهِ والحمدُ لله على ذلك.