لماذا سقط الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) شهيداً؟! بقلم/ وسام الكبسي
من يتأمل واقع الأُمَّــة العربية اليوم وفي هذه المرحلة المتأخرة وكيف تتعامل مع مختلف القضايا المصيرية سوف يصاب بحالة من الذهول والاستغراب بل سيجزم بأن هذه الأُمَّــة لم تعد طبيعية على الإطلاق وهو يرى هذه الأُمَّــة كيف تتحَرّك بكل حزم وشدة وغلظة في مواجهة من يأمرون بالقسط من الناس كيف تعامل من يسعى لعزتها وعلو شأنها، ويعمل جاهداً أن يخرجها من واقعها المظلم والمشين إلى الواقع التي كان ينبغي عليها الظهور به من عزة ورفعه والتحَرّك المسؤول بين الأمم لإخراجها من براثين التخلف والظلم والعبودية لغير الله وحده إلى أن أصبحت أدوات طيعة تتحَرّك لمصلحة أعدائها بكل الوسائل والإمْكَانيات الهائلة لديها؟!.
ولكن سرعان ما يزول ذلك الاستغراب ويتلاشى عندما يعرف أن هذه الأُمَّــة ما زالت امتداداً لأمة قبلت في مثل هذا الشهر المبارك من العام أربعين للهجرة أن يكون في أوساطها من قام بمثل جريمة اغتيال الإمام علي (عليه السلام) ومررت تلك الجريمة بسهولة بل وبرّرت لوقوعها.
الإمام علي (عليه السلام) الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وآله، أخاً له وزوّجه من فلذة كبده الطاهرة المطهرة فاطمة الزهراء البتول، وأمر الأُمَّــة بالتمسك به كقرين للقرآن يسقط شهيداً في محرابه بسيف محسوب عليها، وهكذا تتولى المصائب والكوارث على الأُمَّــة حينما يسقط عظماؤها؛ بسَببِ اللامبالاة في حقهم والتفريط بهم والنيل من مقامهم الشريف، بسقوط الإمام علي (عليه السلام) سقط هيبة الإسلام وتجرأ المضلون في استهداف أعلام الهدى من آل بيت النبوة الطاهرين فسقط الإمام الحسن والحسين وزيد إلى حسين العصر وكل ذلك على أيدي من هم محسوبون على هذه الأُمَّــة بل ويقدمون أنفسهم كولاة لأمرها بفتوى علماء السوء والبلاط.
وهكذا سارت تلك الأُمَّــة سابقًا وما زالت مُستمرّة في هذا السلوك التي رسمها لها المضلون وعشاق السلطة بل لقد أصبح هذا التصرف الأهوج الأرعن نهجاً انتهجه المتأخرون عن أسلافهم فصاروا أسوأ حالاً منهم، فأصبحوا عبيداً لليهود والنصارى يستبيحون الدماء ويوزعون الموت ليل نهار إرضاء لنزوات أمريكا وتنفذاً لرغبات إسرائيل.
فواقع أمتنا ليس وليد اللحظة كما أشار الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين (رضوان الله تعالى عنه) في ملزمة (ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام) بل إنه نتاج لخلل كبير في مسارها عبر التاريخ وتراكمات أحداثه وتحولات كبيرة حدثت في ماضيها.
كان هذا الحدث المؤلم والذكرى المؤسفة ذكرى استشهاد الإمام علي -عليه السلام- فيما تحمله تلك الحادثة من دلالات ودروس وعبر تحتاج إليها الأُمَّــة اليوم حتى لا تبقى على الدوام تكرّر تجارب الماضي فيما حصل من أخطاء تراكمية سببها الرئيسي عدم إعطاء التوجيهات الإلهية والنبوية أدنى اهتمام.
الإمام علي (عليه السلام) بمنزلته العظيمة في الإسلام بكماله الإيمَـاني بفضله بسبقه يقتل ويلقى الله شهيداً في محراب مسجده وعاصمة دولته، وحينها لم يكن مُجَـرّد حاكم سلطوي شأنه شأن أي حاكم يقتل أَو يموت فيأتي البديل وكأن شيئاً لم يكن، لقد كان يمثل الإسلام في أنصع صورة، فقد كان عليه السلام امتداداً للإسلام المحمدي الأصيل بوعيه وقرآنه ونهجه مجسداً بذلك أخلاق وخُلق أُستاذه ومربيه وقائده وقدوته الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وآله، ممثلاً بذلك أخلاق الإسلام ومشروعه في بناء الحياة وعمارة الأرض بمسؤوليته العالمية في نشر الحق والخير والعدل والسلام والمحبة في العالم بأسره.
إن الأدَاة التي تم استخدامها لقتله -عليه السلام- هي أدَاة من أدوات التكفير القذرة التي أصبحت لها دولة تسمى جزافاً (الدولة الإسلامية… داعش) ذات الفكر الوهَّـابي السعوبريطاني كأدَاة للموت والذبح والسلخ والإبادة الجماعية كما يحصل في عدوانهم التكفيري وحصارهم الجائر لثمانية أعوام على شعب الإيمَـان والحكمة يمن الأنصار والصمود لكل من لم يرضخ بإذلال لأمريكا وإسرائيل، هو نفس الفكر التكفيري الذي تم به استهداف الإمام عليا -عليه السلام- لصالح عشاق الخلافة ممن هم محسوبون على الإسلام ليتم استهداف أحفاده وأنصارهم خدمة مجانية لليهود والنصارى.