يوم القدس العالمي.. الطريق إلى التحرّر .. بقلم/ وسام الكبسي
أكثر من ستة عقود من الزمن والقدس يرضخ تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي، وينال أهله على أيدي الغاصبين أصناف العذاب وأبشع أساليب القتل والإجرام، عقود من الاستيطان والقتل والتهجير والأسر والإخفاء القسري بتآمر حكام وزعماء وملوك عرب ممن ارتموا في أحضان الغرب وباعوا سيادة أوطانهم وقراره السياسي.
سلموا قيادهم لأمريكا فجعلت منهم حراساً أشاوسَ للكيان الغاصب فكانوا شرطة له يقمعون أي حر ويسحقون أية حركة مناهضة ومقاومة تحمل مشروعاً تحرّرياً قد يسهم في تحرير فلسطين وخلاص القدس من دنس العصابات الصهيونية.
وما عدوانهم الغاشم على شعب الحكمة والإيمَـان لأكثر من سبعة أعوام والقتل والإجرام مستخدمين في ذلك كُـلّ أنواع الأسلحة الفتاكة والبيولوجية وُصُـولاً إلى إهلاك الحرث والنسل متمثلاً بحصار مميت لشعب بأكمله دون اكتراث لمعاناتهم سوى صورة شاهدة على كونهم حراساً وأدوات قمع لمن يستنهض الهمم للجهاد ضد هذا المحتلّ الغاصب.
ومن أهم وسائل العدوّ في حربه هو أُسلُـوب التفرقة والتجزئة تحت عدة عناوين وتغذية ذلك بالشحن المُستمرّ فصنع له علماء وملوك وإعلام تابعين وكون له رأي عام ومن خلال ذلك حركهم بوسائل ضد شعوبهم المضطهدة واستخدموا جيوشهم المفترضة أنها لحمايتهم والدفاع عن كرامتهم ومقدراتهم ومقدساتهم وإمْكَانياتهم الهائلة كُـلّ ذلك وضعوه تحت تصرف الأعداء يتصرفون كيفما يشاءون ويحركونهم على من يريدون فاضطهدوا شعوبهم وميعوا قضاياهم وتاهوا في دهاليز واشنطن ولندن وشنوا عدوانهم على شعوبهم بلا هوادة فتعمقت الهوة واتسعت الفجوة بين الشعب الواحد عاماً بعد عام لتزداد الأمور سوءاً وتردياً، وتتعمق الشروخ داخل شرائحه بفعل صنائع مغذية لنعراتها المذهبية والحزبية والاجتماعية.
فأصبحت أولى القبلتين وثالث الحرمين أسيرة بعد أن رماها إخوة يوسف غدراً في غابة مظلمة موحشة افترسها خنزير ملعون لا رحمة فيه ولا إنسانية لديه، شتت أهلها وهجرهم في كُـلّ بقاع الدنيا فصارت القدس والقضية الفلسطينية في وجدان الأحرار في هذا الكون فقط وفقط.
ولم يفلح الأعداء عبر أياديه داخل أنظمة الحكم العربي في خلق عدو بديل عن العدوّ الإسرائيلي برغم نجاح المشروع الأمريكي في لحظة ما وبنسب متفاوتة في جر بعض الشارع العربي وأخذه إلى صراع بعيد عن الكيان الغاصب عبر مشاريع طائفية بأبواقه الوهَّـابية رديفة الصهيونية إلا أن نبض الشارع العربي والإسلامي عبر نُخبه المختلفة وَقياداته الثورية التحرّرية تجاه القدس وجعلها قضيتها المركزية وإعطائها الأولوية في مواجهة العدوّ والركيزة الأَسَاسية في مشروعه النهضوي والتحرّري.
وعلى رغم الجراح النازفة والواقع المؤلم والكارثي على الشعب اليمني الحر إلا أن الأقصى الجريح على رأس القضايا المقدسة لديه، ويحتل الصدارة في مواقفهم المبدئية والأكثر حضوراً في اهتماماتهم ناتج عن وعي قرآني، فإحياء يوم القدس العالمي الذي تقلق الإسرائيليين إنما هو تعبير عن موقف جاد وصادق وإرادَة لا تقهر، لإيصال رسالة يفهم الإسرائيليون فحواها جيِّدًا.
ومن البديهي أن يسعى العدوّ عبر أدواته وأبواقه الإعلامية وفتاوى علماء السوء لإفشاله ومواجهته؛ لأَنَّهم يعون جيِّدًا أنه ليس يوماً حزبياً أو مذهبيًّا بل إنه يوم عربي وإسلامي ويوم استنكار عالمي يدين تهويد القدس ومصادرة حق له مطالب، وليعرف العدوّ أن هناك شعباً حياً واعياً لا يمكن أن تنطلي عليه الخدع والمشاريع التضليلية لخوض معارك الضياع لإلهائها عن معركة المصير المركزية.
فإحياء يوم القدس العالمي تعد شعلة توقظ الهمم وتعيد الأمل إلى القلوب؛ كونها حية في قلوبنا ومشاعرنا ساكنة ضمائرنا، فمن المهم أن تحظى باهتمام بالغ، وأن تعطى هذه المناسبة العظيمة حقها في التعبئة وتقديم رؤى صحيحة من خلال القرآن للخروج بتوجّـه عام في مواجهة المستوطنين الصهاينة وعبيدهم في المنطقة كون فلسطين عربية، والقدس مقدساً إسلامياً عاماً والمسؤولية تجاهه توجب على كُـلّ فرد مسلم يشعر بفخر انتمائه للإسلام التحَرّك المسؤول وحضور وحشد الفعاليات والندوات بعيدًا عن الانتماءات الضيقة وهذه المناسبة تمثل قاسماً مشتركاً بين المسلمين جميعاً، وتعد من أهم أسس الوحدة العربية الإسلامية التي ينبغي على النخب استغلالها لتوجيه الشعوب وبوصلة العداء نحو العدوّ الحقيقي وهم اليهود.
وقد أيّد الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- وبقوة رؤية الإمام الخميني فيما يتعلق لإحياء يوم القدس العالمي كيوم لتتحَرّك فيه الشعوب الإسلامية نصرة للقدس في مواجهة خطر اليهود وتدنسيهم لباحاته الشريفة؛ باعتبَارها رؤيةً قرآنية حكيمةً، كما قال في محاضرة (يوم القدس العالمي): هذا هو حديث الإمام الخميني -رحمة الله عليه- عن يوم القدس العالمي، وعندما اقترحه هو؛ لأَنَّه رجل يملك رؤية صحيحة، يملك فكراً ورؤية يستطيع أن يقرأ بها الكَثير من الأحداث المستقبلية من خلال تأملات الحاضر، ودراسة الماضي.