التحالف المخادع لغزو العراق.. يعود من بوابة اليمن بعباءة سعودية
صدى المسيرة: إبراهيم السراجي
يعودُ التحالُــفُ الأمريكيُّ البريطانيُّ في غزو العراق وقتل أكثر من 1.5 مليون عراقي إلَـى الواجهة ولكن هذه المرة من بوابة اليمن بعدَ أن تلافت الدولتان بعض الأخطاء التي شابت مؤامرتهما على العراق وذلك بتغليف المؤامرة بالعباءة الخليجية-العربية، وحول ذلك تنتزع صحيفة الغارديان البريطانية اعترافاً جديداً من السعودية بوجود العسكريين الأمريكيين والبريطانيين في غرفة التحكم والقيادة للعمليات العسكرية الجوية التي تقودها السعودية في اليمن.
وبعنوان “الجيش الأمريكي والبريطاني في غرفة القيادة للضربات السعودية على اليمن” تنقل الصحيفة البريطانية عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير اعترافه بوجود العسكريين الأمريكيين والبريطانيين في غرفة القيادة رغم أنه ادعى أن مهمتهم لا تشمل تحديد الأهداف وهو ادعاء زائف ردت عليه واشنطن في أول يوم للعدوان، حيث أعلن البيت الأبيض تقديمَ الدعم اللوجيستي للتحالف السعودي، وهذا الدعم بطبيعة الحال لا يكون إلا بتحديد الأهداف التي أنكرها الوزيرُ السعودي واكتفى بالاعتراف بالتواجد الأمريكي البريطاني.
وتقول الصحيفة: إن منظمات حقوق الإنْسَان والبرلمان الأوروبي وكذلك الأمم المتحدة كلها تشعر بالقلق جراء الغارات التي تشنها السعودية على اليمن بتأييد ما وصفته الصحيفة بـ”الحكومة الشرعية” والتي تقول الصحيفة بأنه وبحسب الأمم المتحدة قد خلفت نحو 3000 قتيل وتسببت بتهجير مليون شخص وتعرض الشعب اليمني للمجاعة.
وتابعت الصحيفة أن الحكومة البريطانية وضعت في اعتبارها أن تصدير الصواريخ والأَسلحة للسعودية والتي قد تكون استخدمت في قتل المدنيين يمثل خرقاً للقانون الدولي.
وتشير الصحيفة إلَـى أن وزارة الدفاع البريطانية قد أكدت أن تواجدها في غرفة قيادة عمليات التحالف السعودي يأتي لتقديم المشورة بهدف ضمان الامتثال للقانون الدولي.
وبحسب الغارديان البريطانية فقد حذرت منظمة العفو الدولية مما وصفته بـ”الاستخفاف” المروع بحياة المدنيين من قبل قوات السعودي، فيما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بعد استهداف مستشفى لمنظمة أطباء بلا حدود والأنباء الواردة عن استهداف محطات المياه والكهرباء.
وشن محامون في منظمة (CAAT) المناهضة لتجارة الأَسلحة في بريطانيا، حملة مكثفة بحسب تقرير الصحيفة؛ من أجل اتخاذ إجراءات قانونية ضد وزارة الأعمال والابتكار والمهارات للبريطانية والتي تختص بإصدار تراخيص الأَسلحة، واتهموها بالفشل في واجبها القانوني لاتخاذ خطوات لمنع وقوع انتهاكات للقانون الدولي.
وفيما يقول وزير الخارجية السعودي إن الأمريكان والبريطانيين يتأكدون من عدم انتهاك القانون الدولي بالضربات الجوية في اليمن.. مؤكداً رضاهم عن تلك الضربات في الوقت التي تؤكد كُلُّ المنظمات بما فيها الأم المتحدة أن معظم الضحايا المدنيين في اليمن لقوا حتوفهم بضربات جوية، مما يؤكد أن الإدارتين الأمريكية والبريطانية تسيران في نفس الاتجاه المشبوه الذي أدى لتدمير العراق وقتل الملايين بحُجَّة واهية حول أَسلحة الدمار الشامل التي عاد رئيسُ الحكومة البريطاني عند غزو العراق للاعتراف بعدو وجود تلك الأَسلحة المزعومة لدى العراق.
وبالعود لتقرير صحيفة الغارديان التي تنقل عن “جنيفر جيبسون” وهي مسؤولة في إحْــدى المنظمات الحقوقية والتي قالت: “لقد خلفت الضربات الجوية السعودية في اليمن آلاف القتلى وطالت ضرباتُها عيادات أطباء بلا حدود ومركَزاً للمكفوفين وقاعات الأعراس، لذلك فإنه من المؤسف أن نكتشفَ أن حكومتنا وجنودنا متورطون في ذلك”.
ووضعت الصحيفة تساؤلات في ختام تقريرها مفادها: هل القوات البريطانية المشاركة في التحالف السعودي تعمل تحت قيادة السعودية أم القيادة البريطانية؟ وتشير إلَـى بيان وزارة الدفاع بوجود 94 جنديا بريطانيا في غرفة قيادة العمليات العسكرية على اليمن، متسائلة عن دورهم؟ وترى الصحيفة أن الرأي العام البريطاني من حقه أن يجد إجابات عن هذه الأسئلة.
- الكذبة الأمريكية البريطانية تمتد من العراق إلَـى اليمن
“أَسلحة الدمار الشامل” عنوان مزعوم بامتلاك العراق لها اتخذت أمريكا وبريطانيا منها ذريعةً لغزو العراق وقتل الشعب العراقي ولكنهما تكبَّدتا هناك خسائر مادية وبشرية كبيرة دفعهما لتغيير الاستراتيجية بالدفع بدول خليجية وعربية في مستنقع اليمن نيابةً عن التحالف الأمريكي البريطاني.
ويجدُرُ التذكيرُ بما قاله هانز بليكس وهو كبير المفتشين الدوليين المكلف برئاسة اللجنة التي ذهبت للعراق للتأكد من صحة وجود أَسلحة الدمار الشامل والذي أكد عدمَ وجودها وَأنها كانت ذريعةً لاحتلال العراق.
ففي عام 2009 أي بعد ستة أعوام على غزو العراق أجرت صحيفة الغارديان البريطانية مجدداً حواراً مع “هانز بليكس” والذي قال “ألا يجب أن نستخلصَ بأن حجة أَسلحة الدمار الشامل لم تكن إلا الذريعة الأنسب لتبرير الاحتلال؟”.
أما رئيس الحكومة البريطانية إبان غزو العراق توني بلير فقال في مقابلة مع محطة سي إن إن الأمريكية في كتوبر الماضي: “المعلومات الاستخبارية التي تلقيناها حول امتلاك العراق لأَسلحة دمار شامل كانت خاطئةً، وما ظننا أن العراق يمتلكه منها لم يكن موجوداً بالصورة التي توقعناها”.
ويتضح اليوم أن السعودية وتحالفها مجرد غطاء للعدوان الأمريكي وممول لتلك العمليات الإجرامية التي تسعى لإخضاع اليمن، وهو غطاء اتخذته أمريكا وبريطانيا لتلافي الخسائر المباشرة التي تكبّدتها في العراق، وهي اليوم تضع على عاتق السعودية وتحالفها المسؤولية الإنْسَانية عن الجرائم التي يتم ارتكابُها في اليمن، كما وضعت على عواتقهم الإعلان عن الذريعة المتمثلة بـ”الشرعية” وشنها للعدوان بناء على طلب عاد الفار لينفي علمَه بالعدوان، وذلك في مقابلة تلفزيونية مع قناة أبوظبي.
اليومَ وفيما كُلّ المنظمات الدولية تثبت بالأدلة أن العدوانَ ارتكب جرائم واستهدف المدنيين بقنابلَ محرمةٍ بشكل عشوائي تدّعي الحكومة البريطانية والأمريكية من داخل غرف قيادة العدوان بعدم حدوث ذلك رغم تقارير وبيانات الأمم المتحدة في هذا الإطار كلها تؤكد أننا أمام عدوان أمريكي بريطاني بامتياز على غرار ما حدث بالعراق ولكن تم وضعُ السعودية وتحالفها في مرمى المدفع تلافياً للأخطاء التي حدثت بالعراق وكبّدت أمريكا وبريطانيا خسائرَ جسيمة.
الكاتب العربي عبدُالباري عطوان قال في مقال في مايو الماضي عن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بأنه مارَسَ كُلَّ أَنْوَاع الخداع والكذب طوال السنوات الماضية، وأنه ارتبط في “أذهان الشرفاء من العرب والمسلمين بجرائم الحرب التي ارتكبها في العراق باعتباره أحدَ المهندسين الرئيسيين لهذه الحرب التي أدت إلَـى مقتل أكثر من مليون إنْسَان عراقي، وتسببت في تدمير العراق، وبدء مخطط استعماري لتدمير المراكز الحضارية العربية الرئيسية، وتفتيت معظم، إن لم يكن، جميع الدول القُطرية العربية”.
أخيراً كان غزْوُ العراق خدعةً أمريكية بريطانية معترفاً بها علناً، وهو ما يجعل من الصعب على الأمريكيين والبريطانيين أن يخدعوا الشعب اليمني مجدداً؛ كونه يدركُ أن النظام السعودي وتحالفه مجرَّد أدوات تدمِّر البلدانَ العربية من ليبيا إلَـى سوريا إلَـى العراق واليوم في اليمن.