الفضاءُ المَسلوب ومنابِرُ المِحور .. بقلم/ سَند الصيادي
لا يفوِّتُ الإعلامُ العربي المُستغرِب كُـلَّ شاردة وواردة خارج محيطنا الجغرافي إلا ونقلها للمتابع العربي، مهما كان مستوى أهميتها متدنياً لدى المُتابِع، وَأكثر من ذلك يصنع من هذهِ التفاصيل قضايا ومواضيعَ وتحليلاتٍ تَستهلك كُـلّ الخارطة اليومية، وَيتوازى معها استمرارُ الرواية المغلوطة لواقعنا الداخلي وَالتجنيد لعشرات القنوات الترفيهية التي تستهدف كُـلّ الفئات العمرية بالبرامج والمسابقات الهابطة وَالهزلية، والهادفة إلى صناعة مفهوم جديد للقُدوة وَالساعية للاستحواذ على الفكر وَالعاطفة، وتغييب كُـلّ قصص وتجارب التميز والنجاح التنموي وَالعلمي وَالثقافي.
يستميتُون في حَرْفِ وَتوجيه اهتماماتنا، وَجرجرة عقولِنا بكل الوسائل والأساليب النفسية وَالسلوكية إلى زوايا وقضايا لا تعنينا، وكلّ هذا ليس عفوياً أَو ناجماً عن غياب رؤية وَانعدام قضية، بل مخطّطٌ له بعناية للوصول إلى هدف الإفراغ للعقل والوعي من الأولويات التي يفرضُها الواقع، وَحجبُ الأحداث والتطورات التي تتعلق وَبالحاضر والمستقبل.
تخدير وَتدجين يمضي على قدمٍ وَساق، يُجنِّدُ أجيالَنا خارجَ موروثهم وَفطرتهِم الدينية وَالإنسانية، وحتى يُجردهم من الفاعليةِ الذاتيةِ في مواجهةِ الحياةِ وتحمُل أعباءها.
وما يزيدُ من حضورِ هذا المخطّط وَتأثيره إعلامياً المغريات وَالأموال الهائلة التي تبُذل لأجلهِ، وَالهيمنةُ الأُحادية للروايةِ والمشروع الغربي على فضاء الأرض، وَهو وَاقعٌ بات تشكو منه غيرُنا من أمم وحضارات، تتعرضُ لذات الاستهداف والتجريف في كُـلّ قيمها.
غير أنهُ وعلى وَقْعِ المصالح والأطماع التي تستهدف أرضنا وهُـوِيَّتنا ووجودَنا، وَالمخاوف الصهيوأمريكية من نشوء أي فكر مناوئ لمشاريعها أَو مُمانع لمخطّطاتها، تنشَطُ في واقعنا العربي والإسلامي المشاريع الإعلامية الغربية بشكل أوسع وَأكثر.
ومع تصاعد هذا الاستهداف تصاعدت ثورةُ الرفض وصحوة الضمير العربي والإسلامي وَاتسعت جُغرافيتها، وَبرزت أصواتُ حرة وإن كانت منابرُها تتعرض لشتى أشكال الاعتراض والتشويش والتشهير، لكنها تقاوم في ذروة هذا الضجيج برؤية وَوعي كامل، وتتحصّن بعزم وَإصرار، رغم فارق الإمْكَانات وَمحاولات الكتم المُستمرّة.
وَيبرز إعلامُ محور القدس كنقطةِ نور وَأمل في هذا الفضاء المصادر والمعتم، يصوب المفاهيم وَيُعيد الاعتبار للإنسان وينيرُ أمامهُ دروب الصواب.
ألف تحية لشبكات المسيرة وَالميادين والعالم وَالمنار وَلرفيقاتهن في إعلام المحور، وَكُـلّ منبر إعلامي حر يقاوم هذه الأحادية وَيناهض الهيمنة وَالدعاية ومخطّطات المسخ الأمريكية وَالصهيونية.