الرقصُ على هاويةِ السقوط في خضمِ طقوس الهُدنة! بقلم/ أمة الملك قوارة
مع بزوغ إعلان الهُدنةِ ونحنُ نرى الخرقاتُ المتتالية وتارةً هُدنة تخفي بين طياتها حروبَ الجيل الخامس، وتارةً أُخرى يتم الرجوع فيها إلى ديدن الحصار ومنع دخول المشتقات والتأثير على مطار صنعاء، ذلك هو الوجه الظاهر للهُدنة وما خفي كان أعظم، كما أن تشكيل مجلس رئاسي لا يمُتُّ إلى قرارِ الشعبِ وحريتهِ بصلةٍ مع تهميش الأطراف الأُخرى ليس منطقياً! والجلوس على طاولة الحوار من قبل طرف واحد ينبئ أنّ هناك طرفًا ثالثًا من خلف الكواليس يؤثر تأثير بالغاً على مجريات الهُدنة ويعرقلها بالفعل! لكنه في الظاهر يدعو إلى الحوار والسلام!
فهل تعلم منظمة الأمم المتحدة أنها رتبت للهُدنة على أمل أنه سيتم من خلالها تحقيق ما لم يتم تحقيقه من خلال الحرب العسكرية!
فُعِّلت حروب الجيل الخامس واتُّجه إليها بشكل كبير وغير مسبوق وذلك في أقذر حرب تديرها غرف عمليات العدوّ ليتم من خلالها تزوير الحقائق وبث الفتنة وترويع الناس عن طريق تشغيل الذباب الإلكتروني والتطاول على حسابات قيادات الدولة ليتم إيهام العامة، وتُتخذ وسيلة للتأثير على الرأي العام تم ويحصل ذلك خلال الهُدنة!
وعلى متن الهُدنة حدثت المزيدُ من الخرقات في الجبهات وما زالت تحدث رغم بنودها التي نصت على وقف العمليات العسكرية ورُحبَ بها من قِبل جميع الأطراف إلى جانب الشعب! كما أن التهاون وعدم فتح الطرقات التي تربط بين المحافظات في تعز وعدد من المحافظات الأُخرى ينم عن رغبة واضحة من قوى العدوان في استمرار معناة الشعب وتضييق سبل الحياة!
إن عرقلة فتح مطار صنعاء الذي كان إغلاقه بمثابة إماتة بطيئة للشعب، وتأزمت بفعل ذلك العديد من الحالات الإنسانية ومات العديد من المرضى والجرحى الذين لم يتمكّنوا من السفر لتلقي العلاج المناسب لحالاتهم في الخارج، إلى جانب امتهان كرامة الطلاب اليمنيين والمغتربين العائدين إلى الوطن في مطار عدن وقتل العدد منهم وسلبهم حقوقهم، وإهانة كرامتهم والتقطع لهم أثناء طريقهم المؤدي إلى مسقط رأسهم، ما يحتم الحاجة الطارئة لفتح مطار صنعاء الدولي، وَتلك المماطلة في فتح المطار تستفز الشعب وتصعد من المعاناة التي يتجرعها مُذ بداية العدوان إلى اليوم، يجري ذلك رغم بنود الهُدنة التي نصت على فتح المطار وتيسير حركة المسافرين فهل يا ترى ذلك يوحي بجدية الهُدنة؟!
وإلى الاتّجاه الآخر تشكيل مجلس رئاسي من ثلة متورطين في سفك دماء شعبهم وأفظع الجرائم الإنسانية بحقه إلى جانب سحل الأسرى والتمثيل بهم والتدخل المباشر في ذلك، يحصل ذلك في محاولة لتركيع الشعب وإجباره على الرضى بهم تحت أي العناوين كانت، وتحاك المسرحية الهزلية على مرأى ومسمع من الجميع، فهل يا ترى أهناك قوانين دولية ترغم الشعوب على الرضى بقيادات هاربة باعت سيادة وكرامة وطنها ونَفذت أبشع الجرائم بحقِ شعبها!!
هذه التصرفات التي لا تمت للهُدنة بصلة هل تمثل مصداقية وجدية منظمة الأمم المتحدة التي تبنت هذه المبادرة ودعت إليها؟!
ما يقوم به العدوان من توظيف للهُدنة نحو الاتّجاه المعاكس لأهدافها وبنودها ومحاولته دخول حرب مختلفة، كُـلّ ذلك إنما يمثل هزلية موقف منظمة الأمم المتحدة في تبنيها الجاد للمبادرة ويوضع الهُدنة بين احتمالين لا ثالث لها: إما أن الهُدنة وُضعت لتتحقّق من خلالها الأهدافُ التي لم تتحقّق عسكريًّا، كما حصل من تدوير للعملاء وتنصيبهم لمناصبَ لا تمت لحرية الشعب ولا لقراره بصلة.
والاحتمال الثاني: أن هناك فشلا ذريعا يمثله العدوان في كيفية التحكم بعملائه وذلك بما يوافق أهدافه وكل سربٍ في اتّجاه مختلفٍ يطير!
ما لم تُحقّقه الحرب العسكرية لن يتحقّق في ظل هُدنة لم تتحقّق أهدافها ولا شروطها وتجري في اتّجاه مجهول، وكل ما يقوم به العدوان ضمن تواطؤ منظمة الأمم المتحدة معه وسكوتها عليه يشير إلى استمرار القوى الخارجية في تأثيرها على الهُدنة ومسار الحرب، لكن لتعرف أنها حاولت وتدخلت كَثيراً وكان نصيبها حظ وافر من الفشل دائماً، لكن كُـلّ ذلك التعامل الهزلي مع الهُدنة يحتم على الشعب اليمني الرد وعدم السكوت، وها هي الأيّام تكشف أبعاد الهُدنة وأهدافها لكن الجدير بالذكر أن الهُدنة إذَا لم تخضع لشروطها وبنودها فَـإنَّ أول رد يمني ستنهدم معه كُـلّ ما عول على تحقيقه العدوان من خلالها، ولا مناص إذَا لم يدركون ما يقومون به، عندها ستُستأنف عمليات الرد الحازمة ولا هُدنة أُخرى سيتم الهرب إليها بعد ضياع الفرصة واللعب على الأوتار الحادة للهُدنة، فهل يا ترى سيعون ذلك؟!