أمانة المسؤولية 1-2 .. بقلم/ عبدالغني العزي
عندما يتولى الشخص المسؤولية في أي مرفق من المرافق العامة الرسمية أَو غير الرسمية لا سِـيَّـما المرافق المتصلة بحياة الناس التي يطلق عليها المرافق الخدمية لا بُـدَّ عليه أن يستحضر بعض الأمور الضرورية فور تكليفه بمهمة ممارسة العمل الإداري في هرم ذلك المرفق الخدمي الذي حُمّل أمانة القيام به على الوجه المطلوب وفقاً للقوانين ذات الصِلة..
ومن أبرز ما يجب علي المُكلف استحضاره خلال عمله الوظيفي هو أن وجوده على رأس هذا المُرفق أَو تِلك المؤسّسة كرجل أول يعتبر أمانة جسيمة ومسؤولية عظيمة وضعت في عُنقه وأن الإخلال بها وتجاهل أهدافها وحرف مسارها أَو العبث بمخرجاتها خيانة كبرى لله ولرسوله وللوطن والمواطن وكذلك خيانة للثقة التي مُنحت له والتي بموجبها تقلد هذه المهمة الوطنية..
على المسؤول المُكلف أن يدرك أن اختياره للقيام بالمسؤولية الإدارية في هذا المُرفق العام أَو تِلك المؤسّسة الخدمية من قبل القيادة الإدارية العليا جاء لغرض تحقيق أهداف وطنية كبيرة تخدُم الجماهير المستفيدة وتثبت لهم حرص القيادة الإدارية العليا على رعاية مصالحهم وتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم ولهذا فَـإنَّ المُكلف معني بإثبات ذلك عمليًّا من خِلال تقديم الخدمات اللازمة بالصورة الصحيحة وعبر السلوك والممارسة الأخلاقية الراقية التي يصنع بها قُدوة حسنة لموظفيه وأبناء مجتمعه وأن يكون حريصاً على إعلاء راية العدالة والمساواة وأن يتجنب المحاباة والتمييز وأن يكون تطبيق القانون المتصل بأعماله وَلائحته الداخلية الملحقة به هو الحكم في مختلف القضايا كونه مفصل لكل ما يجب أن يكون في المؤسّسة أَو المرفق بطريقة سهله وميسرة توجب علي المُكلف الإلمام بها وبِأدَق محتوياتها من هيكل إداري ومهام وظيفية وأهداف رئيسية وفرعية ومُجمل الأعمال اليومية والشهرية والسنوية وكل ما يطلُبه نجاح المؤسّسة وَتحقيق أهدافها الخدمية التي في مُجملها تخدُم الجمهور وترعى مصالحة وبالتالي تكون نتائجها إيجابية على المستوى العام وفي مقدمة تلك النتائج كسب رضى المواطن وتعزيز ولاءِه بقناعةٍ تامة واندفاع تلقائي إضافة إلى كسب ثقة الموظفين حوله..
استشعار المسؤول المُكلف بأمانة المسؤولية المُلقاة على عاتقه تأتي نتاج طبيعي من مخافة الله وَمِن استحضار ثوابه وَرقابته وعظمته وأليم عقابه وهذا الشعور الإيماني لن يكون له أثر في النفس الأمارة بالسوء إلَّا إذَا حرص المُكلف على توطين نفسه وترويضها وتحصينها أمام المُغريات والرغبات الأنانية التي قد يكون عُرضةً لها بحُكم موقعه الوظيفي ومسؤوليته الإدارية والتي كَثيراً ما يسقط العديد من المسؤولين فرائس لها وبالتالي تكون عامل هدم للأمانة الموكلة لهم وتضربها في الصميم وتبعثر الأهداف التي وجدوا لتحقيقها.
التحصين المراد سهل وميسر وفي مُتناول الجميع وهو عبارة عن جُرعات أسبوعية مُنتظمة مِن هدى الله تعالى وآياته البينات التي إذَا حرص المسؤول على تناولها بقدرٍ كافي وبقناعة تامة ورغبة عارمة في سد نوافذ إبليس في نفسه فَـإنَّها كفيلة بتزكية نفسه وبرُقي فكره وَسد منافذ الوسواس الخناس الذي أقسم أن يغوي الناس أجمعين إلَّا عباد الله المخلصين.
إن حرص المسؤول على تناول جرعات إيمَانية بانتظام هو الطريق الصحيح والعلاج الفعال لتهذيب النفس وترويضها وإزالة ما علق بها من مظاهر سلبية سيئة بل هو اللبنة الأولى للنجاح في الأعمال وفي رسم الخط المستقيم الذي لا عوج فيه، الموصل حتماً إلى الأهداف العظيمة التي يسعى المسؤول إلى تحقيقها خدمة لأُمته ومجتمعه وتنفيذ إرادَة قيادته التي منحته ثقتها وبالتالي فَـإنَّ هذه الجُرعات القرآنية الإيمَانية هي من ستهيئ نفس المسؤول لنيل التوفيق والتسديد من الله تعالي الذي لاشك أنه سيجود به عليه نتاج هدي الله الذي تشبع به هذا المسؤول أَو ذاك، بل إن المسؤول سيلمس نتائج ماثلة أمامه وملموسة له؛ بسَببِ قربةً من الله أدناها النجاح في كامل الأعمال والمهام وأعلاها رضى الخالق سبحانه وتعالى وبالتالي الشعور بالسعادة وراحة الضمير.