مستقبلُ الهُدنة في اليمن .. بقلم/ محمد صالح حاتم
مر شهرٌ ونصف من عمر الهُدنة الإنسانية في اليمن، التي أعلنت عنها الأمم المتحدة في الثاني من إبريل الماضي، ورغم أنها تعد أول هُدنة يتم فيها وقف كافة أشكال القتال، إلا أنها إلى اليوم لم يتم الالتزام بتنفيذ كافة بنودها، والتي تنص على وقف كافة الأعمال القتالية براً وبحراً وجواً، والسماح بدخول 18 سفينة نفطية خلال الشهرين، وتسيير رحلتين تجاريتين عبر مطار صنعاء في الأسبوع إلى كل من القاهرة وعمان، والبدء في فتح الطرقات في تعز وبقية المحافظات اليمنية.
فبعد أَيَّـام من إعلان دخول الهُدنة حيز التنفيذ، قامت السعوديّة بتشكيل ما سمي بالمجلس الانتقالي الرئاسي المكون من ثمانية أشخاص برئاسة العليمي، وبهذا تكون السعوديّة قد طوت صفحة شرعية هادي المزعومة، وهذا المجلس يتكون من الجماعات والكيانات التي تدعمها السعوديّة والإمارات، وتهدف السعوديّة إلى لملمة أوراقها المبعثرة وغير المتجانسة مع بعضها البعض.
فخلال شهر من الهُدنة فَـإنَّ الخروقات العسكرية ما زالت مُستمرّة من طرف العدوان.
وما أعلن عنه المتحدث العسكري للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، يوم الأربعاء، عن إسقاط طائرة تجسسية في سماء حرض يعد أكبر خرق للهُدنة.
فاليوم وبعد مرور أكثر من شهر، وتواصل الخروقات العسكرية ما مصير الهُدنة الإنسانية، وما مدى صمودها وإمْكَانية تمديدها؟
رغم الترحيب والارتياح الشعبي للهُدنة والتمني بتحقيق السلام في اليمن، إلاّ أن المؤشرات اليوم على أرض الواقع عكس ما تمناه الشعب وحلم ويحلم به، فلغة السلام لم تحل مكان لغة الحرب عبر وسائل الإعلام، وهذا مؤشر مهم لتحقيق السلام في اليمن، ولا بوادر حقيقة حتى الآن لإنهاء الحرب والعدوان ورفع الحصار عن الشعب اليمني، فلا يزال مطار صنعاء مغلقاً، والسفن النفطية لم يسمح بدخولها وفقاً لألية الاتّفاق، وكذلك لم يتم تشكيل لجان مراقبة وقف الأعمال القتالية من كلا الطرفين، ولم يتم مناقشة فتح الطرقات، وملف الأسرى لم يتحلحل سوى ما أعلنت عنه صنعاء من إطلاق سراح 142 أسيراً، والإفراج عن طاقم السفينة الإماراتية روابي، وكذلك ما أعلنت عنه قيادة التحالف من إطلاق سراح 160 أسيراً من قوات صنعاء، وهو ما نفاه رئيس لجنة الأسرى عبدالقادر المرتضى؛ كون المعلن عنهم ليسوا أسرى حرب، ولا تشملهم كشوفات أسماء الأسرى، والملف الاقتصادي وتحييده عن النزاع العسكري لم يتم التطرق إليه والبدء في مناقشته.
فعلى ما يبدو أن دول التحالف إرادَة من هذه الهُدنة وقف الأعمال العسكرية على أراضيها وعدم تعرض منشآتها النفطية والاقتصادية للهجمات الصاروخية والطيران المسيّر اليمني، وهذا هدف سعت أمريكا لتحقيقه من هذه الهُدنة، بغرض استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية، خَاصَّة ًمع الارتفاع المخيف الذي وصلت إليه بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك هدفت السعوديّة إلى لملمة أوراقها وتوحيد صفوف مليشياتها، بتشكيلها لما سمي بالمجلس الانتقالي الرئاسي.
فالسلام في اليمن لن يتحقّق ما لم يكتوِ المعتدي بنار الحرب التي أشعلها!.