هُدنة “الْحَقِ الكذَّابَ إلى باب داره” .. بقلم/ فهد شاكر أبو رأس
ما لا تعلمُه السعوديّة أن حتميةَ القبول بالهُدنة بالنسبة لنا لا تعني أبداً حتميةَ الاستمرار فيها، ولكن من باب التماشي مع الوضعِ السياسي العام، وعلى قاعدة المَثَل الشعبي الذي يقول “الْحَقِ الكذاب إلى باب داره” قبلنا بالهُدنة؛ ولكي نثبت للعالم بأننا في اليمن ننبذ الحرب وأن يدنا ممدودة للسلام دائماً وستبقى ممدودة ولكن للسلام العادل والمشرِّف لا الاستسلام والخنوع، وحتى يعلمَ القاصي والداني بأننا لسنا مستمسكين بوضعِ الحرب أبداً.
وبما أن المطافَ في الأخير سينتهي حتماً عند باب الكذَّاب فلا ضرَرَ من أن نسيرَ معه إلى ما يسيرُ إليه لبعض الوقت.
اليوم وعلى مقربة من انتهاء عمر هذه الهُدنة بتنا وبات الجميع يسمع ويرى كيف أن أمريكا -وعبر وسائل إعلامها- قد بدأت في تحريك عجلة السياسة لديها، وباتت مؤشراتُ تلك العجلة توحي بالرغبة الدولية والأممية في تمديدِ الهُدنة واضحة وجلية، ولكن من دون أي عمل جادٍّ ومسؤولٍ في سبيل إيقاف انتهاكات النظام السعوديّ وجرائمه بحق شعبنا وبلدنا والعمل على إزالة العراقيل والعقبات التي يضعُها تحالف العدوان في طريق السلام.
يمتنعون على مرأى ومسمع الجميع عن تسيير الرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء الدولي، وينتهجون سياسةَ التقطير في إدخَال المشتقات النفطية وسفن الوقود إلى ميناء الحديدة.
وبالرغم من كُـلّ هذا التعنُّت من قِبل التحالف وامتناعه عن الالتزام بتنفيذ استحقاقات الهُدنة، لا تزال واشنطن تكرّر السيناريوهات السابقة وبنفس التفاصيل والأساليب والخطابات الإعلامية المستهلكة، غير أنها وجّهت هذه المرةَ البُوصلةَ نحو ما يسمى بـ”المجلس الرئاسي” في عدن، رغم افتقاد هذا المجلس للقرار وافتقاده لأسباب البقاء على الأرض، وفيما تمارسُه واشنطن من التضليل في سبيل التلميع لصفحة النظام السعوديّ السوداء والملطخة بالدماء، تسعى جاهدةً في تنشيط تحَرُّكِها العسكري بالمنطقة، في تناقض صارخ مع دعواتها للسلام.
ولهذا فَـإنَّ شعبَنا اليمني بكاملِ فئاته وتوجُّـهاته السياسية والحزبية وقيادته الثورية والسياسية يعلمُ ويعي جيِّدًا أن الهُدنة لن تنجحَ أبداً طالما أن نجاحَها مرهونٌ بالتزام النظام السعوديّ ومرتزِقته بتنفيذ بنودها، ويعلم أَيْـضاً أن ما بعد الهُدنة لن يكون كما قبلها، فلدى الجيش اليمني واللجان الشعبيّة والقوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر خياراتٌ استراتيجية واسعة مؤلمة ومنكلة بالعدوّ، والعاقبة لليمنيين.