أبناؤنا بين حربَين: الفكرية والناعمة .. بقلم/ محمد علي أبو مصطفى
حروب شرسة يشنها الأعداء علينا عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وإعلامياً، إلا أن الحرب الأشد فتكاً والأكثر ضراوة هي الحربين (الفكرية والناعمة)، هي تلك الحروب القذرة التي تستهدف وعينا وثقافتنا، فعلى الرغم من نزعة الأعداء الاستعمارية وحروبهم العسكرية التي يشنونها على رقعة واسعة من جغرافيا أمتنا المسلمة سواءٌ أكانت حروباً مباشرة أَو حرباً بالوكالة، إلا أنهم يركزون بشكلٍ أَو بآخر على كُـلٍّ من الحربين (الفكرية والناعمة)، فقبل عشرات السنين وبينما عتاولة الاستخبارات البريطانية يناقشون داخل أروقتهم الخطرَ المحدِقَ بهم والذي يهدِّدُ مطامعَهم ونزعتَهم الاستعمارية (الإسلام) وصلوا إلى نتيجة مفادُها أن الحروبَ العسكرية مهما كانت ضراوتُها وفتكُها فَـإنَّها لا تؤدي إلى تخلِّي الناس عن إسلامهم وثقافتهم ومبادئهم بل تزيدُهم التفافاً حولَها وتمسكاً بها، عندها -وبعد أخذ ورد- وصلوا إلى فكرةٍ شيطانيةٍ وهي أن يتمَّ صناعةُ فكر وثقافة تلبس عباءة الإسلام وتتحَرّك باسمه لتنخرَ جسمَ الإسلام من الداخل، وكانت الأهداف من إنشاء ذلك الفكر كالتالي:-
١- ضرب الإسلام وتشويهه في عيون العالم الخارجي، من خلال ما يحمله المخولون به من أفكار وتصرفات سيئة ومشينة حتى على مستوى الشكليات التي يتمظهرون بها، وبالتالي خلقُ صورة سيئة ومشينة عن الإسلام تؤدي إلى نفور الناس منه.
٢- ضرب الإسلام من داخل أعماقه، فبدلاً عن أن تُوجَّـهَ بُوصلةُ الأُمَّــة إلى الأعداء الحقيقيين الذين أراد الله أن تعاديَهم، يتم حرفُ بُوصلة العداء نحو جزء هو من صميم هذه الأُمَّــة بل هو الجزءُ الأهمُّ منها.
٣- توجيه طاقات الأُمَّــة ومقدراتها لحرب أبناء الأُمَّــة، بدلاً عن أن توجَّـهَ لبنائها ولحرب أعدائها.
عندها وصلوا إلى صياغةِ وإنتاج الفكر التكفيري الوهَّـابي الذي اكتوى جميعُ أبناء الأُمَّــة بناره حتى الآن.
ولم يكتفِ الأعداءُ بصناعة الفكر التكفيري، بل عمدوا أَيْـضاً إلى صناعة فكر يستهدفُ أخلاقَنا وقيمَنا، وذلك عن طريق (القوة الناعمة) أَو الحرب الناعمة، تلك الحرب التي يسعون من خلالها إلى تسييرِ الأُمَّــة طوعاً وفقاً للسلوك وللثقافة التي يصنعونها، وذلك عن طريق صِناعةِ الإعلام وَالحرب الأخلاقية التدميرية القذرة التي ينشطون في بثها عن طريق الإنترنِت وغيرها.
لذلك وأمامَ هذه الحروب القذرة فَـإنَّه حَرِيٌّ بنا أن نسعى جاهدين لتحصين مجتمعنا وأجيالنا بثقافة القرآن تلك الثقافة المتكاملة والتي هي الصخرة التي يمكنُ أن تتحطَّمَ أمامها كُـلُّ مؤامراتُ الأعداء ومكرهم.
حريٌّ بنا أن نلتفَّ جميعاً حول ثقافةِ القرآن وحولَ قيادتنا القرآنية التي تجسِّدُ روحيةَ القرآن وتسيرُ بالأمة على أَسَاسه، وكذلك يجبُ علينا أن ننظرَ إلى الأعداء من اليهود والنصارى كأعداءٍ وأن كُـلّ ما يصدرُ عن جانبهم لا يمكن أن يكون فيه خيرٌ لنا على الإطلاق، فهم أعداءٌ ويريدُ اللهُ سُبحانَه وتعالى أن نتعامَلَ معهم كأعداء.
وطالما الأُمَّــة متمسكةٌ بعوامل القوة (قرآنِها وأعلامِها) فستبقى أُمَّـةً قويةً محصَّنةً متماسكةً ولن تؤثرَ فيها كُـلُّ مؤامرات الأعداء مهما كانت.
والعاقبة للمتقين.