الشعارُ الخالد في ضمير التاريخ .. بقلم/ خلود الشرفي
إنه من أسرار الصمود، ومعين الانتصار، ومنهل العز، وصمَّام الأمان.. تلك هي السمة البارزة لذلك العنوان العريض.
“الشعار” ذلك المارد السحري الذي خرج من آفاق “مرَّان”، تلك الصرخة التي انطلقت كردِّ فعل طبيعي على ماضٍ مرير مؤلم، أقل ما يُقال عنه إنه اتسم بالتخلف والجمود، وكبت الحريات، وإهدار مصالح الشعوب حماية لمصالح الدول العالمية الكبرى، المتربعة على رقابهم، وَالتي تأكل خيراتهم، وتنهب ثرواتهم، في وقت كان المفترض أن يكونَ للإسلام وَالمسلمين زمام الأمور، وَناصيةُ الحياه، ليُعبّروا عن سخطهم لذلك الوضع المأساوي المظلم الذي فرضته حكوماتُ العمالة وَالارتزاق على شعوبها التي باتت تتقلَّبُ في دوامة الجهل، وأحقاد الطائفية.. وهناك في ظل هذه الدوامة المريرة، بزغ نور الأمل وَالهداية من قمة جبل مران، نورٌ من أنوار الرسالة المحمدية الخالدة، في مجتمع طالما عانى الأمرَّين في ظل نظام ديكتاتوري متسلط، أنهك الحرث وَالنسل، وعاث في الأرض فسوقاً وفساداً على حَــدٍّ سواء.
أنوارٌ تشع من محراب الفداء المقدّس، وَمعراج الصمود الأزلي، وقمة اليقين الأُسطوري، وَمنتهى السعادة الأبدية، هناك فقط تنحني الأبجديات في محراب العظمة، وتنتشي الكلمات إجلالاً وهيبة، لمثل خمس عبارات من العيار الثقيل، تحسب لها دول الاستكبار ألف حساب؛ لأَنَّها تدرك تمامَ الإدراك، وَتعرف منتهى المعرفة أن من صنع هذه المعجزة، وَكسر جدران الصمت والخوف من جبروتهم، في هذه الأوضاع الاستثنائية بالذات، لَهو شخصٌ غير عادي، وما يدريهم أنه غضبٌ من السماء نزل عليهم!! أَو أن سياطَ النقمة من الله سبحانَه وتعالى قد حلّت فوق رؤوسهم!! نعم.. هكذا يحسبون الأعداء في عقولهم الباطنة، وَأدمغتهم الجوفاء، وهم على حقٍّ في ذلك، فَـإنَّ هذا الشعار الأُسطوري، وَهذه الصرخة الرهيبة التي تكاد تنخلع قلوبهم من هول وقعها وأثرها العظيم، وقوة صداها الذي وصل مشارق الأرض ومغاربها في مدة وجيزة، رغم محاولة حصارها في بؤرتها الأَسَاسية “صعدة”، ورغم حرصهم على وأدها في مهدها وقبل أن تُولد!!
وَشتان بين الغرب وَالعرب!، ومن يعدُ العدة لمواجهة أي خطر محتمل ولو بعد ألف عام، وبين من يُمسي ويُصبح في أروقة الأمنيات المعسولة، ودهاليز الموت البطيء.. هناك لا مجال للمقارنة، وَلا خيار إلّا خيار المقاومة، واستنهاض الهمم، وَشحذ النفوس، والاستيقاظ من سُبات النوم العميق، الذي طالما استغرقت فيه الأُمَّــة أعواماً طويلة، وضيعت أعماراً وَأحقاباً، في حين استغل أعداؤها كُـلّ دقيقة وَثانية، وقطعوا في سنوات مسافة قرون.
أي شأن كانت تحمله هذه الكلمات الخمس، وأي خطر وضعه الأعداء نصب أعينهم من هذا الرجل الرباني الذي أطلق مشروعاً تحرّرياً ضد هيمنتهم، وَخرج عن نطاق سيطرتهم، أيُعقل أن يتجرأ مثل هذا السيد الشاب على مواجهة قوة عظمى بحجم أمريكا؟! أم كيف تمكّن وحده ومعه ثلة من المؤمنين المستبصرين الضعفاء المساكين وَالذين لا يكاد أحدهم أن يجد قوت يومه؟. كيف تمكّنوا من مواجهة أكبر إمبراطوريات العصر، وَفراعنة الزمان؟! والذين يملكون ما لا يملكه قارون نفسه في الزمن البعيد، ويفوق طغيانهم وَظلمهم وَجبروتهم طغيان فرعون ونمرود وأمثالهم من طغاة العصور وعتالة الزمان؟! وَماذا عمل هؤلاء الجبارون القدامى في مقابل ما تفعله اليوم دول الاستكبار العالمي الجديد، وهل يُقَارن إجرام فرعون وقومه وذبحهم للأطفال واستحيائهم للنساء بمثل ما تقوم به دولة الشيطان الأكبر (أمريكا وحلفائها)؟!
إن المتأمل للحقائق الواضحة الجلّية يرى أن فرعون نفسه رغم ظلمه وجبروته وما قام به من أعمال يشيب من هولها الولدان، إنما هو رقم ضعيف أمام ما تقوم به دول الاستكبار العالمي في العصر الراهن، وَإذَا كان فرعون يقتل الأطفال حديثي الولادة ذبحاً بالسكاكين واحداً واحداً، فَـإنَّ دول الإجرام العالمي المعاصر قد ارتكبت في ذلك إلى أبعد حدود، فها هم يقتلون الآلاف المؤلفة من الناس الأبرياء العُزَّل بضربة واحدة، وفي وقت واحد، وبدمٍ بارد، وليس فقط الأطفال الذين قد وُلدوا، بل إنهم لا يتركونهم حتى يُولدوا من الأَسَاس.. إنهم يمارسون كُـلّ وسائل الإعدام حتى للأطفال في أصلاب آبائهم وأرحام الأُمهات على حَــدٍّ سواء وبلا استثناء.. فلذلك كانت هذه الصرخة بمثابة الصفعة التي وُجهت إليهم في عز طغيانهم واستكبارهم.. ماذا؟! أهناك من يتجرأ على قول الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل؟! هذه والله قاصمة الظهر، وهذا هو الرعب بعينه!!!
وَبالفعل كما توقع الشهيد القائد/ حسين بدر الدين الحوثي -سلام الله عليه- فقد كانت لهذه الصرخة وهذا الشعار الموقف المؤثر والصاد م لأمريكا ومن يدور في فلكها، فجنّ جنونهم، وَسارعوا إلى حشد أجندتهم الشيطانية، وعملائهم من كُـلّ مكان على وجه هذه البسيطة، وبكل ما أُوتوا من قوة لمواجهة هذا المشروع التحرّري العظيم.