جميعاً وأشتاتاً .. بقلم/ عفاف البعداني
لم تكن الحياة سهلة حتى نتأقلم بسهولة، ولم تكن فسيولوجية الناس مسيرة حتى يؤخذ المرء إلى حَيثُ تريد الفضيلة، ولكن قوة التحمل المتفاوتة التي وضعها الله في خلقه تُحدِثُ فيك ما لا يستطيع عقلك تصوره، ضمن توفيق إلهي لا يُعطَى إلا لشخص محسِن مع نفسه ومع من حوله، هو من أحب فعل الخير وسعى في إسعاد ثلة كبيرة من الناس دون أن ينتظر مقابلاً من أحد، عرف الله قبل أن يعرفَ أركان إسلامنا الخمسة.
مواقفُ وتبعاتٌ وكلماتٌ وأشخاصٌ تجعلك تكبر في عين نفسك باليوم خمسون مرة، تنبعث فيك طاقة هائلة ومن جهة واحدة هي نفسك ثم نفسك، قدرات عجيبة وضعها الله في خلقه تميل إلى الارتفاع والانخفاض حسب ما ترجمه إدراكك الباطني ضمن شروط معينة كالوقت وفسيولوجية التفكير، لكنها تترك أثرا عظيما وبالغا فيك بل يكاد لا يصدق إما سلبا أَو إيجابا وأنت من يحدّدها جميعها، بل أحياناً يصل إلى أن تخالف كُـلّ ظنونك السابقة، وتصبح قويا، وصبورا وهادئا أكثرَ من اللازم، مؤمنا بأن الله معك بلا أية مسافات في كُـلّ ثانية ولحظة، ترى كُـلّ شيء جميلا ومريحا رغم أن السماء رمادية، والليل مجتمع ليرعد بالعواصف، والإرهاق يتراقص في رأسك مع حلول أرق نشط نتج عن أعمال وحتوف متواصلة، ولكن ثمة راحة غريبة تدب فيك وتحتويك بعناية فائقة، شعور راقي ليس متعلق بالمال، وَلا بالأشخاص ولا بالصيف، ولا بالليل ولا بالصباح ولا حتى بصحة الجسد، ولا بأي شيء سوى في روحك، والتي تعد الباب الحقيقي المؤدي للوجود.
تتنهد ببطء، وتتنفس بصعوبة لكنك ترمي بصخور ثقيلة كانت تقبع في داخلك منذ سنة أَو شهر أَو ربما يوم ولم تستطع أي قوة بشرية إخراجها، طمأنينة متلازمة ظنها كبير بأن ما عند الله يبقى وما عند الناس ينفد، يقين بأن هذه الحياة تحمل أشياء كثيرة لكن أصغرها لا يأتيك إلا بثمن وقد يكون ذاك الثمن باهضا جِـدًّا تدفعه من جيوب روحك، ترتاح فقط عندما تتركها تجري فيك أقدارها ونوازلها بالكيفية التي تشيء لها، بينما أنت وحدك تستقبلها بروح راضية متسامحة ومتوقعة كُـلّ شيء ومن أي شخص، حتى ذاك الشيء المخيف الذي لم توطن نفسك على حدوثه يحدث وبكل وضوح وتراقبه بابتسامة نصف عريضة مخبرا إياها، أهو أنت!! أتيت حقا!! ومع تراكم تلك المنعطفات تستمر لوحدك بالنضج ويتسع مزاجك وقلبك للحياة أكثر، وفي الوقت نفسه تضيق مساحة في نفسك كنت تظن أنها ستكون لأشخاص معينين، ولكن تحولت لبقعة صغيرة بعدما كانت قرية ممتدة نحو الحياة، ومن قال لك إن العمر يزداد فقط بالوقت، فهذه أرجوحة هشة حذارِ أن تدحرجَ نفسك بها فتهلك، فالوقت مَـا هو إلا عامل زمني بالوجود يحدّد بقاءك، بينما الزيادة والنقصان تترتب عليك وحدك بالراحة أَو الشقاء وأنت من يحدّدها سوى كانت متجمعة بنقطة معروفة أَو متفرقة بعدة نقاط.
استدراك: لقد جُمعت فينا صفات متعددة، كالسمع والبصر والشم والعقل وغيرها، ولكن جوهرية التعريف الحقيقي والمختلف كَثيراً لكل من تلك الصفات، تركت لنا لنؤهلها ونربيها ونحسن غِراسها، فاختر لك جوهرية فكر وسمع وبصر لتعيش إنسانا حقيقيًّا بها.