كلماتٌ في عيد الوحدة .. بقلم/ سند الصيادي
في الـ ٢٢ من مايو حدث الإنصاف للتاريخ وَبه انتصرت الإرادَةُ الجماعية للشعب على مخطّطات التقسيم وَالشتات، وتمكّنت عواملُ الأرض والإنسان من هزيمة العوائق المصطنعة وَالأشواك المزروعة على طريق لمِّ الشمل الاجتماعي وَالوطني.
ومن يجهل أن الوَحدةَ كانت بين شعب واحد قسّمته النزعاتُ السلطوية وَالعوامل الخارجية عليه أن يتأمل في تركيبة المجتمع اليمني وَيمعن تحديداً في مناطقنا أواسط اليمن وَالتي مثلت نقاطَ التماس في حدود خطها المستعمر قبل رحيله، وكيف فصلت الأخَ عن أخيه وَالقبيلة عن بعضها، وَتكفّلت الأنظمة المتعاقبة في تعميق الشرخ وَقطع كُـلّ سبل التواصل، قبل أن ينتفضَ الشعبُ وَتشاءُ الإرادَةُ الالهية أن يلتئمَ الشملُ وَيعيد للأسرة وحدتها وَللتاريخ مساره.
لم يكن هذا اليوم مُجَـرَّدَ قرار سياسي شجاع أَو انتصاراً اجترحه شخوصٌ وَأنظمة، بل استجابةً لمطالب شعبيّة وَدوافع مجتمعية ظلت ترفُضُ هذه التجزئة وَتقدم نفسَها في مختلف المراحل كضاغطٍ على كُـلّ نظام مرحلي شمالاً وَجنوباً، غير أن شخوص تلك الأنظمة أساءوا توظيف قيمتها الوطنية، لتبدأ لُعبةُ التوظيف الإقليمي والدولي لنزوات الفاسدين على جسد الوطن وفي محراب وحدته المقدسة.
لم تعد وَحدة مايو هي المستهدَفة اليوم، بل وَحدة النسيج اليمني شمالاً وجنوباً وشرقاً وَغرباً، فقد استعرت المخطّطاتُ الخارجية وَارتفع سقفُها في زمن العدوان والاحتلال، وباتت تمضي في سياقِ مخطّط يفضي إلى يمن متنازٍعٍ وَمتشظٍّ طولاً وَعرضاً، بلا قرار وَبلا هوية.
تمر الذكرى لهذا العام فيما لا يزال سوقُ الخيانة للوطن وَلوحدة أرضه وَأبنائه مليئاً بالنخاسين وَالمأجورين، وَخلفهم طابور من الغارقين في التفاصيل وَالتوصيفات الخاطئة، يسطحون على المصطلحات الباهتة للصراع دون تبيان لما يعتمل وراءها، وَدون استشعار لعمق المخاطر وَقعر المزالق التي يرادُ لليمن كُـلّ اليمن أن تهويَ فيها.
وكما كان أثرُ المال المدنَّس بالعَمالة والارتهان كَبيراً في صناعة التفرقة والشتات، وَالنخر في مداميك الوحدة الوطنية، فإنَّ السيادةَ وَالاستقلال التي ينشُدُها اليمنيون اليوم وَيقدمون لأجلها عظيمَ التضحيات، في ظل قيادة مؤمِنة ومؤتمنة، كفيلةٌ بأن تعيدَ للوحدة قيمَها المصاَدرة وَلليمن موضعَه التاريخي والجغرافي، على أُسُسٍ سليمة دينيًّا وَوطنيًّا.
وبالاصطفاف الشعبي خلفها قادرون على تفويت كُـلّ المؤامرات وَتجاوز كُـلّ التحديات، والله المستعان.