قوتُنا في وحدتنا .. بقلم/ محمد علي أبو مصطفى
الوَحدةُ مبدأٌ إيماني وقرآني حث عليه الله سبحانه وتعالى ودعا إليه، يقول الله سبحانه وتعالى: ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جميعاً وَلَا تَفَرَّقُوا)) من سورة آل عمران- آية (103)، لذلك يجب الوحدة والاعتصام ولكن على أسس إيمانية وقرآنية، وفق مشروع ومبادئ إلهية، وفي إطار الحديث عن الوحدة تطل علينا ذكرى الوحدة اليمنية المباركة لنعود إلى هذا المبدأ العظيم ولنعود إلى الأسس التي يمكن من خلالها أن نتوحد ونعتصم، فلأهميّة الموضوع يبدأ الله سبحانه وتعالى الحديث عنها بقوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِـمُونَ)) من سورة آل عمران- آية (102))).
من المعروف أن الله سبحانه وتعالى في معظم التوجيهات التي يصدرها في القرآن الكريم يبدأ بعبارة ((اتقوا الله)) لكن في هذا الموضوع ولأهميته يصدر الله سبحانه وتعالى التوجيه ((اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ))، واعتصموا بحبل الله، لم يقل الله سبحانه وتعالى ((بحبال الله))؛ لأَنَّ المنهج والطريق المطلوب التوحد عليه هو منهج واحد وطريق واحد وهو القرآن الكريم وقرينه الذي يجسده ويبينه ويسير بالناس على أَسَاسه.
الوحدة مبدأ إنساني وفطرة فطر الله الناس عليها، إلا أن الأعداء من اليهود والنصارى وأذيالهم سعوا إلى تشتيت الأُمَّــة وتقسيمها وتجزئتها فالجسد الواحد تم تقطيع أجزائه وتقسيمه تحت مسميات عدة، فهذه جمهورية وتلك مملكة وأُخرى إمارة.. وغير ذلك، الأُمَّــة التي إلهها واحد ونبيها واحد وكتابها واحد ولغتها واحدة، وكلّ عوامل التوحد موجود لديها تم تفتيتها وتجزئتها وكنتنتها، فيما الأعداء الذين لا يوجد بينهم أي قاسم مشترك نراهم يتوحدون ويلتئمون ويكونون الاتّحادات والتحالفات، فلذلك -وهذه قضية فطرية- ومبدأ لا بد للعودة إليه، يجب أن نعود إلى الأسس والمبادئ التي يمكن أن توحدنا أولاً، والتي يجب أن نتوحد لنطبقها ثانياً، وهي المخرج الوحيد للأُمَّـة، مهمها كان ضياعها وتشتتها وهروبها من الواقع فلا مخرج لها إلا العودة إلى تلك المبادئ…
الوحدة اليمنية -وإن كان طرأ عليها البعض من المتغيرات والانحرافات السياسية التي شوهتها- هي مبدأ إنساني ووطني وأخلاقي كوحدة توحد أبناء الوطن الواحد وفق مبدأ ((الوطن للجميع))، ووفق مبدأ ((المواطنة المتساوية)) وطن يجتمع فيه كُـلّ الأطياف والمكونات والتوجّـهات السياسية المختلفة، وفق أسس وآليات وقوانين تحترم الجميع وتضمن للجميع الحياة الكريمة واحترام الآخر، والمشاركة الفاعلة في الميدان السياسي بدون إقصاء أَو عنصرية أَو مناطقية أَو طائفية، فاليمن للجميع والوطن يتسع لجميع أبنائه.
صحيح أن هناك من أقصي من قبل المتآمرين على الوحدة، وهناك من التَفَّ على أسس ومبادئ الوحدة، ولكن هذا لا يعني الكفر بها أَو التخلي عنها، والدعوة إلى الانفصال وفك الارتباط وغير ذلك من العناوين الأُخرى، الوحدة قوة والاعتصام قوة، والتفرق والتجزئة ضعف ومقت وتوجّـه غير رشيد، لذا يجدر بنا الاجتماع على طاولة واحدة لمناقشة قضايانا وإشكالياتنا ونقاط اختلافنا، والوصول إلى رؤية واحدة وأجندة موحدة من خلالها يمكن الوصول إلى حلول ترضي الجميع ويلتف الجميع حولها ويسيرون سياسيًّا على أَسَاسها.
ولله عاقبة الأمور.