العدوّ يسقط “الهُدنة” على رؤوس الأبرياء
المسيرة: منصور البكالي – محمد الكامل
أمام تنامي القدرات الدفاعية الجوية اليمنية يواصل العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي خروقاته للهُدنة وإرسال طيرانه التجسسي المسلح لممارسة أعمال عدائية في أجواء صنعاء وعدد من الجبهات في بقية المحافظات والأراضي اليمنية الحرة، غير أبه بالهُدنة الإنسانية والعسكرية، محاولاً في الوقت ذاته الضغط والابتزاز عبر المجتمع الدولي لإجبار صنعاء على التمديد دون تنفيذ التزاماته المتأخرة، وحرصه على إبقاء معاناة الشعب، وهو ما قابلته صنعاء بالرفض على لسان الرئيس المشاط، الذي أكّـد قبوله بأية تهدئة قادمة، شريطة إزاحة معاناة الشعب وحل الملفات الإنسانية.
وخلال أقلَّ من 24 ساعة الماضية أسقطت الدفاعات الجوية اليمنية طائرة تجسسية مسلحة صينية الصنع نوع CH4 تابعة لسلاح الجو السعوديّ بصاروخ أرض جو محلي الصنع، وذلك أثناء خرقها للهُدنة وقيامها بأعمال عدائية في أجواء العاصمة صنعاء، وإسقاط أُخرى في جبهة الحدود كانت من طراز Wing Loong2 صينية الصنع وتم استهدافها أثناء قيامها بخرق الهُدنة وتنفيذ أعمال عدائية في أجواء مديرية كتاف الحدودية، في كشف جديد عن إصرار العدوان على نسف جهود السلام، وحضور صنعاء على الموعد للرد على أي خيار يتخذه العدوان سواء بالحرب أَو بالسلام.
قدراتٌ “تخرِقُ” الخروقات
وفيما يأتي هذا الإنجاز بعد يومين من إسقاط طائرة تجسسية مسلحة نوع كاريال تركية الصنع تابعة لسلاح الجو السعوديّ أثناء قيامها بخرق الهُدنة وتنفيذ مهام عدائية في أجواء منطقة حيران في محافظة حجّـة يقول الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، العقيد مجيب شمسان: “تأتي هذه العملية النوعية التي تمكّنت من خلالها الدفاعات الجوية اليمنية من إسقاط طائرة CH4 الصينية المقاتلة في أجواء العاصمة صنعاء لتؤكّـد عن مدى الجاهزية اليمنية والمستوى الذي وصلت إلى الدفاعات الجوية اليمنية، لا سِـيَّـما لو قورنت بمرحلة بداية العدوان عندما تم تدمير كُـلّ القدرات ووُصُـولاً إلى هذا المستوى المتقدم الذي باتت فيه سماء اليمن محرمة على الطائرات التجسسية، بأنواعها”.
ويضيف شمسان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” “ونحن هنا نتحدث عن إسقاط متكرّر لأنواع مختلفة من الطائرات التابعة للعدوان، نؤكّـد بأن ذلك يعطي دلالةً واضحة على أن القدرات الدفاعية اليمنية وصلت إلى مستويات متقدمة، وقادرة على تحييد الطيران التجسسي وفاعليته في المواجهة بشكل كامل، وهذا ما تجلى في أكثر من عملية”.
ويتابع الخبير الاستراتيجي شمسان “إذا ما قورنت هذه العملية وهذه القدرات بقدرات العدوان الفاشلة في اعتراض الطائرات المسيَّرة اليمنية يظهر الفرق واضحًا في مستوى القدرات والإمْكَانيات على اعتبار أن القدرات اليمنية المحدودة والظروف الصعبة استطاع من خلالها اليمنيون أن يصلوا إلى هذا المستوى الذي حيدوا من خلاله عدد كبير من الطائرات الحربية وأغلقوا المجال أمام الطائرات التجسسية”، مُشيراً إلى أن القوات المسلحة اليمنية أمام تطور كبير جِـدًّا في القدرات الدفاعية وعلى كافة المستويات”.
هُدنة مِن أجلِ الاستغلال
وبالحديث عن الهُدنة يقول العقيد شمسان: “في هذا الجانب الخروقات لم تتوقف من قبل العدوان وما هو حاصل أن هناك تصاعداً في حدة هذه الخروقات وُصُـولاً إلى المستوى الذي تم من خلاله إسقاط طائرة تجسسية مقاتلة في أجواء العاصمة صنعاء بعيدًا عن مناطق التماس، وهذا بطبيعة الحال يكشف النوايا الحقيقية لقوى العدوان الذي يبيت من خلال هذه الهُدنة لتصعيد قادم على اعتبار أن مثل هذه الخروقات بالطائرات المسيَّرة هي لم تأتِ للنزهة وإنما أتت لضرب أهداف مهمة”.
ويضيف العقيد شمسان: “بات واضحًا اليوم أن تماهيَ الأمم المتحدة التي تسعى إلى تمديد الهُدنة في ظل عدم التزام طرف العدوان بتنفيذ أية بنود من البنود المتفق عليها، وبالتالي تظهر حقيقة الأمم المتحدة والقائمين على هذا العدوان من الولايات المتحدة وبريطانيا وكيان العدوّ الصهيوني والأدوات الخليجية والغربية معهم، وأنه لا يوجد لديهم نوايا حقيقية للسلام وإنما يوجد استغلال للجانب الإنساني، لتنفيذ مخطّطاتهم وأجندتهم في فترة الهُدنة، وإعادة ترتيب صفوفهم، تمهيداً لعمليات تصعيد قادمة، على اعتبار أن الكيان الصهيوني من يدير العملية ويشرف عليها بشكل مباشر، وما يشكل توقف العدوان على اليمن من خطورة بالغة عليه، على اعتبار أن قدراته باتت تهدّد الكيان الصهيوني، وباتت قادرة على الوصول إلى كُـلّ الأراضي المحتلّة، في ظل عدم وجود قدرات دفاعية في ظل العمليات السابقة، التي لا تستطيع أن تعترض هذه الطائرات، لذلك كانت إرادته بأن تستمر الحرب على اليمن إلى أن يتم الوصول إلى حلول تحتوى التهديدات اليمنية، وبالتالي تعود الأمور إلى المزيد من التصعيد وتمكّن صفوف المرتزِقة من الترتيب لمرحلة قادمة”.
عمليات تكشف حجم الخروقات
سياسيًّا يقول المحلل السياسي الدكتور أنيس الأصبحي: إن عملية إسقاط الطائرة التجسسية CH4 التابعة لقوى العدوان في أمانة العاصمة وتحديداً بجولة الرويشان تَدُلُّ على استمرار وكمية الخروقات التي تقوم بها دول تحالف الحرب العدوانية على اليمن، في تنصل معهود وتراجع عن اتّفاق الهُدنة.
ويضيف الدكتور الأصبحي في تصريح خاص لصحيفة المسيرة، وبالتالي هي تؤكّـدُ من خلال ذلك أنها ساعية في الأعمال العدوانية على الشعب اليمني منذ ثماني سنوات، موضحًا أن سعيَ قوى العدوان الأمريكي السعوديّ لهذه الهُدنة جاء فقط؛ مِن أجلِ وقف عمليات الردع الصاروخية من قبل قواتنا الجوية، وضمان وعدم تعرض أراضيها للضربات الصاروخية، وتحديداً منشآتها الاقتصادية، مشكلة ما يسمى بمجلس الحرب العسكري بالاقتتال الداخلي وتمرير هذا المشروع.
ويزيد بالقول: وبالتالي ظلت هذه الطائرات التجسسية وهناك عدة طلعات على سماء اليمن، معززة لما لديها من مشروع في عملية الاغتيالات والترصد، إضافة إلى استمرار الأعمال العسكرية الثانية سواء إطلاق المدفعية، أَو الحالات الكثيرة التي سقطت سواء في الحدود أَو من خلال القصف المتعمد بالمدفعية السعوديّة، وكذلك في جبهات حيس أَو غيرها من الجبهات والمناطق اليمنية.
ويؤكّـد الأصبحي أن إسقاط الطائرة التجسسية التي سقط خلالها ثلاثة شهداء وثلاثة من الجرحى المدنيين فيه رسالة واضحة نوجهها للعدو بأن سماء اليمن ليست مستباحة من جهة، إلى جانب أننا وخلال هذه المرحلة نؤكّـد أن دول تحالف الحرب العدوانية واستمرار اختراقها للهُدنة فيه تعجرف يوضح مرة أُخرى عدم جديتها في الوصول إلى السلام.
الأمم المتحدة.. غطاء مُستمرّ
قانونياً، يقول المحامي والناشط الحقوقي القاضي عبدالوهَّـاب الخيل: الأمم المتحدة ومنذ بداية العدوان على اليمن وقفت متنصلة عن مسؤولياتها والتزاماتها المنبثقة من ميثاقها الأَسَاسي وبروتوكولاتها الأربعة والقوانين الدولية والإنسانية العُرفية والمكتوبة، فكل مواقفها مخزية، وخطواتها التي تزعم بأنها تسعى من خلالها لرفع المعاناة عن أبناء الشعب اليمني وإيقاف الحرب وإحلال السلام كلها مشبوهة وغير صادقة ولا تخدم إلا قوى تحالف العدوان ضد بلدنا وشعبنا، حتى أنها وإلى اليوم لا تزال تمارس التضليل والخداع ضد المجتمع الدولي بتصوير العدوان على اليمن بأنها حرب داخلية، وأن السعوديّة وحلفاءها بقيادة أمريكا هم رعاة السلام ومُجَـرّد وسطاء بين الأطراف المتقاتلة في اليمن على خلاف الواقع.
ويضيف الخيل في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: الأمم المتحدة لا تزال تتستر على جرائم قوى تحالف العدوان بحق اليمن أرضاً وإنساناً وآخرها حتى اليوم تغاضيها عن خروقات قوى تحالف العدوان وأدواتهم للهُدنة التي شارفت على الانتهاء وبحسب ما تم رصده بلغ عددها الآلاف، كما أن تلك القوى لا تزال تنتهك سيادة وأجواء اليمن بطائراتها المسيَّرة المقاتلة، ولكي لا تنكر تلك القوى انتهاكاتها قامت قوات الدفاع الجوي بإسقاط عدد منها في أمانة العاصمة، يوم أمس، ومناطق يمنية حرة أُخرى لتقديم الشاهد والبرهان والدليل على الجرم المشهود الذي تمارسه قوى العدوان بانتهاك الهُدنة وهذا فيما يخص بند إيقاف المواجهات المسلحة.
ويتابع الخيل “بشأن بنود الهُدنة ذات الطابع الإنساني والتي تعتبر لصيقة بكل إنسان والتعدي عليها جرم يستحق العقاب وفقاً لأحكام القوانين الدولية وحقوق الإنسان بوصفها عقاب جماعي وجريمة حرب، إلا أن قوى تحالف العدوان وهي الطرف الثاني في الهُدنة لم تلتزم بها فهي لا تزال تمنع وتحتجز سفن المشتقات النفطية، ولا تزال تفرض الحصار على مطار صنعاء ولم تسيّر من الرحلات إلَّا ما يمكن وصفه ذر الرماد على العيون”.
ويعتبر الخيل أن الهُدنة في الأَسَاس منتهية ولاغية قانونياً لعدم الالتزام بها واحترامها وتنفيذ خطواتها المزمنة في بنودها من قبل قوى تحالف العدوان.
التضليلُ كوسيلة غير مجدية للتهرب
إعلامياً، يقول الناشط الإعلامي أصيل حيدان: إن إسقاط طائرة تجسسية في سماء العاصمة صنعاء يعتبر إنجازاً كبيراً للدفاعات الجوية، ونلاحظ أن الدفاعات الجوية باتت تنكل بالطائرات في سماء اليمن، لتصبح جملة “سماء اليمن ليست للنزهة” قولاً وفعلاً.
ويوصف حيدان انطباعه لصحيفة “المسيرة” عند زيارته للمكان الذي سقطت في الطائرة التجسسية بالقول: “عندما كنا بالقرب من مكان سقوط الطائرة كان شعورنا وشعور جميع المواطنين بالفرحة كبيراً بإسقاط طائرة العدوّ التي كانت تعربد في سماء العاصمة صنعاء، وكان الحزن أَيْـضاً كبيراً على الستة المواطنين الذين استشهدوا وجرحوا عند سقوط الطائرة، ولكن إيمَاننا بالله وبقضائه وقدره كبير، ولن نقول إلَّا حسبنا الله ونعم الوكيل”.
ويتابع حيدان “في الفترة الأخيرة فاعلية الدفاعات الجوية المصنعة محلياً كبيرة جِـدًّا في مختلف الجبهات والمحافظات، وبعد أن أسقطت الدفاعات طائرة “ch4” بالعاصمة صنعاء مساء الاثنين، وأسقطت الدفاعات، فجر الثلاثاء، طائرة “wing”loong2″، ونحمدُ الله على مثل هكذا انتصارات تزلزل العدوّ وترهبه من العربدة في سماء اليمن”.
من جهته، يقول المواطن عدنان الضبيبي: “في مساء الاثنين، كان إعلام العدوّ ينشر بقوة عن أن الطائرة التي تم إسقاطها زاعماً بأنها كما يدعي لمن وصفهم بـ “الحوثيين” وفشلت عند إقلاعها، ولكن الشعب اليمني أصبح واعياً ويعرف عدوه جيِّدًا ولم يصدق تلك الأكاذيب والشائعات، أَيْـضاً كان هناك استياء كبير من قبلنا نحن كمواطنين ضد هذا العدوّ السعوديّ الأمريكي الغاشم الذي ينفذ أعماله العدائية في ظل هُدنة ترعاها الأمم المتحدة ويصمت مبعوثها عن مثل هذه التصرفات”.
ويتابع الضبيبي “لنفترض لو قوتنا الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر قامت بمثل هذا العمل في العمق السعوديّ، كيف كانت وسائل إعلام العالم والأمم المتحدة ومبعوثها، كيف كانوا سيضجون ويتباكون؟! وأخيرًا نحن نتمسك بحبل الله وحدَه ولا نهتم بتضامن الأمم المتحدة ولا غيرها معنا، ما دمنا متمسكين بحبل الله سيخيب أعداؤنا وسننتصر بإذن الله”.