نهايةُ الهُدنة توثُّبُ المحور .. بقلم/ فهد شاكر أبو رأس
ليس صدفةً أن ينقضيَ شهران للهُدنة دون أدنى التزامٍ من دول العدوان، وعلاوةً على أنه ليس فقط لم يكن هناك التزامٌ من قِبل دول العدوان بتعهُّدات الهُدنة، بل إنها تجرَّأت على ما هو أعظم من ذلك كله، وارتكبت الكثيرَ من الأعمال التي لم تكن تنتهكُ الهُدنة فحسب، بل تنُمُّ عن عقليةِ أنظمة عدوانية وإجرامية لا ترغبُ أبداً في السلام، وإنما تريد أن تبقى الحرب مشتعلةً لغاية في نفس أمريكا.
لا هي احترمت الهُدنة ولا التزمت بالتعهدات، بل عمدت إلى خرقِ الهُدنة الإنسانية المزعومة وأرسلت طائراتِها التجسسية إلى الأجواء اليمنية وحبر التوقيع على الهُدنة لم يجف بعد، استباحت السيادة اليمنية وانتهكت بنود الهُدنة الإنسانية مذ بدأت وإلى أن قاربت اليوم على الانتهاء، دون أن يُنفذَ من بنودها شيءٌ على الإطلاق.
فلا تمت الرحلات الجوية المقرّرة من وإلى مطار صنعاء الدولي، ولا سَلِمَت سفنُ النفط والغذاء والدواء من العرقلة في عرض البحر، ولا هي توقفت عن الأعمال العدوانية العدائية المستوجبةِ لردود فعلٍ مماثلة تجعل دول العدوان على اليمن تتحمل عواقبَ ما تفعل.
أنظمةٌ خائنة وعميلة، وممالكُ إجرامية إرهابية، عاثت في الأرض الفسادَ، مارست القتلَ والتدميرَ في المنطقة العربية لعقود وليس فقط في اليمن، زرعت فيها الفتنَ الطائفية، وأشعلت فتيلَ الحروب المدمِّـرة والعبثية فيها.
قتلت حمامةَ السلام في المنطقة وطبختها في مطابخِ الصهيونية، ثم لا تجد تلك الأنظمة وعلى رأسها السعوديّ والإماراتي أيَّ حرج من أن يتحدثا إلى العالم بلغة السلام مع الكيان الإسرائيلي البعيد عنهما جغرافياً، ويتغافلان عن عدوانهما على وطنٍ جارٍ لهما قريبٍ من حدودهما، بمُجَـرّد رفضِه أَنْ يصبح حديقة خلفية لهما، فكان نصيبه من تلك المجاورة أن جارت عليه تلك الممالك وحاصرته بالحديد والنار، بينما حَظِيَ الكيان الإسرائيلي بتوسلهم إليه؛ ليهطل عليهم بذلك التوسل الفوائد الاقتصادية والامتيَازات التي تمدهم بالبقاء لأطول فترة ممكنة يتربعون فيها على عروش مرصَّعة بالانبطاح والتبعية.
وما يزيدُ تلك الممالك الخائنة والعميلة بُؤساً إلى بؤسها هو أن ترويجَها للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي جاء في الوقت الضائع، حَيثُ إن الكيان الإسرائيلي بات هو الآخر عاجزاً عن حمايةِ نفسه، ومرعوباً من تعاظم القوة لدى حركات المقاومة، ومرعوباً أكثر من أن تكتمل أطراف المقاومة فيتشكل بذلك الاكتمال محوراً يتوثب لخوض غِمارِ المعركة الحاسمة.
ولكي يعرفَ السعوديّ والإماراتي ما هم فيه من البؤس عليهم أن يمعنوا النظرَ إلى احتفال لبنان بذكرى التحرّر وهروب المحتلّ من جنوبه يجُرُّ أذيال الخيبة والهزيمة.