الوَحدةُ اليمنية نموذجٌ لا مثيلَ له .. بقلم/ خلود الشرفي
تأتي ذكرى الوَحدة اليمنية الكبرى، العيد الثاني والثلاثون من عمر الوَحدة اليمنية المباركة، التي وُلدت من رحم الإرادَة والصمود لهذا الشعب اليمني العزيز الذي صقلت مواهبه الأيّام، وزانت حياته المواجع، فتخرج منها كتلاً من الإيمَـان والصبر، والتضحية والفداء، صلباً في مواجهة التحديات، عصياً على الأعداء والغرباء، وفياً لمبادئه، عزيزاً في حياته..
نعم، لقد أدرك الشعب اليمني المسلم، من أول يوم أن الوَحدة الوطنية هي أَسَاسُ قوته، وسر عزته، وهي بحد ذاتها رعب في عيون أعدائه، وشبح مخيف يمنع عنهم لذة النوم، وحلاوة التفرج على عباد الله وهم يتقاتلون فيما بينهم البين.
وتأتي ذكرى الوَحدة المباركة وشعبنا اليمني العظيم يخوضُ معركةً من أشرف المعارك على وجه الأرض؛ ذوداً عن الدين والوطن، ودفاعاً عن الأرض والعرض، جهاداً في سبيل الله، وقياماً بأمر الله تعالى، وإحياءً لفريضة الجهاد المقدس، تلك الفريضة العظيمة التي كادت أن تتلاشى وتختفي بين ركام المصطلحات الدخيلة، في ظل نظام ديكتاتوري، متغطرس أخضع بلادة وشعبه لهيمنة الخارج، وتبعية الظالمين.
عادت ذكرى الوَحدة اليمنية الخالدة لتؤكّـد من جديد، وفي هذه الأوضاع التي نعيشها اليوم بالذات، في ظل عدوان وحشي، لاستهداف اليمن وسيادته ووحدته أرضاً وإنساناَ، من خلال “مجلس العار” الذي يستحي اليمني الشريف من ذكر بعض أعضائه فضلاً عن التطرق إلى ذكر مثالبه التي لا تحصى.
وعلى خُطَا القادة الأحرار والشرفاء، فَـإنَّنا كشعب يمني عزيز كادح نؤكّـد ما أكّـده معالي الأخ الرئيس المشير مهدي المشاط، في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة العظيمة، أن كُـلّ مؤامرات الخارج المعتدي التي تستهدف اليمن الواحد وترمي إلى تجزئته وتفتيته ستظلُّ تبوءُ بالفشل، طالما وفي اليمن رجال تأبى الضيمَ، وشعب كريم يثق بالله سبحانه وتعالى، ويستعين به ويتوكل عليه، ويملأ الأرض دويًّا وتوثُّبًا في سبيلِ عزته وكرامته في إطار من ثورته التي تتعاظم عزمًا وإصراراً على تحرير الأرض وتحقيق السيادة والاستقلال، وهذا بلا شك هو المعنى الذي يجبُ أن يستقرَّ في ضمير وموقف كُـلّ يمني ويمنية، وهو نفسه المعنى الذي يجب أن نعطي لهذه الذكرى مهمة تجديده في نفوسِنا ومنحه الفاعليةَ المطلوبة في واقعنا.
ومما لا شك فيه أن وَحدة البلاد منذ شهورها الأولى قد تعرضت للكثير من المؤامرات التي ظهرت على أثرها الكثير من الأعراض المَرضية، واستفحلت هذه الأعراضُ أكثر وأكثر في حرب صيف العام 94م الخاطئة والظالمة، وما نجم عنها آنذاك أَيْـضاً من الإعلان الظالم والخاطئ للانفصال، وهي كلها لا شك أخطاء وخطايا صنعها الخارجُ بالتواطؤ مع أدواته الفاسدة والعميلة في الداخل.
واليومَ يستفحلُ خطر الخارج المعتدي على نحو أكبر، وذلك من خلال تدخلاته العدوانية السافرة وقيادته المباشرة والعلنية لتلك الأدوات الفاسدة نفسها، ضمن مخطّطات وأهداف عدائية لم تعد غامضةً أَو خافيةً على أحد، وهي في مجملها تتوخَّى في البداية العملَ على وأد مشروع السيادة والاستقلال الذي حملت لواءَه ثورةُ الحادي والعشرين من سبتمبر، وُصُـولاً إلى استئنافِ سياسة الهيمنة والحديقة الخلفية، ومواصلة حرمان اليمن من أي مشروع حقيقي لبناء دولتِه المغيَّبة، مع استكمال ما كانوا قد بدأوه في البواكير الأولى لوَحدة شعبنا وبلدنا من سياسات التمزيق والتفتيت بمختلف الأساليب والعناوين والممارسات الممنهجة التي ضربت التنوُّعَ الإيجابي في الرأي والفكرة، وفرَّخت التعدد السلبي في الأُطُرِ والانتماءات الضيِّقة على حِسابِ الانتماء الواحد للهُــوِيَّة اليمنية الواحدة وعلى حساب الأُطُرِ الواسعة والجامِعة.
إن الوَحدة شأنُها شأنُ بقية الثوابت لم تكُنْ يوماً من صُنعِ أشخاص أَو أحزاب، وإنما كانت وستبقى صناعةَ شعب يستعصي على الانكسار واستحقاق وطن لا يقبل التجزئة.
وهنا لا بُـدَّ من الحديث عن “مجلس العار” ويكفي أن أعضاء هذا المجلس متورطون في خيانة البلد وشرعنة العدوان عليه من يومه الأول فكلهم دنابيع لا فرق بينهم.
فشعبُنا لن تنطليَ عليه الخُدعةُ وهو يعرِفُ أنْ لا جديد في الموضوع سوى تغيير الوجوه، وتلوين الأقنعة.
وطالما سعى تحالف العدوان إلى شرذمة الصفوف، وبعثرة الأوراق لعل وعسى يمنع الشعب اليمني من الالتقاء والوحد، في محاولة يائسة للقضاء على روحيتهم الواحدة، وانتمائهم المشترك، والذي يعتبر بمثابة النصر المؤزر لهذا الشعب العزيز الكادح..
إن الوَحدة من أهم عوامل القوة للشعب اليمني، ولكل أُمَّـة تبغى الانتصار، وتسعى إلى المعالي، وتعد العدة لمواجهة الخطوب ومقارعة الظالمين.