الشعار.. أبعادُه ودلالاتُه .. بقلم/ محمد علي العزي
في العام ٢٠٠١ م وبعد أن نفذ اللوبي الصهيوني مؤامرته الشيطانية التي كان أن يهدف من ورائها إلى ضرب الإسلام ومحاربته، وهي مؤامرة استهداف برجي نيويورك، والتي انخدع بها الكثير من أبناء الأُمَّــة واعتبروها نصراً للأُمَّـة نفذته القاعدة، كانت هناك عين ترى بنور الله وتهتدي بالقرآن الكريم وتقرأ الأحداث كما يريد الله سبحانه وتعالى، عرفت عظم المؤامرة، وأدركت خطورة المكر اليهودي، إنه ربيب الوعي القرآني السيد القائد/ الحسين بن بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه-، فقد قرأ الحدث من منظور قرآني وأدرك المؤامرة الشيطانية التي حاكها وأعد فصولها اللوبي الصهيوني، حَيثُ قال وفي تلك اللحظة وبعد الحادثة مباشرة: ((هذا مخطّط شيطاني يريدون من ورائه ضرب الإسلام واستهداف جذوره))، وبعد الحادثة مباشرة عاد الشهيد القائد -رضوان الله عليه- إلى منطقة مران، وبدأ بثقيف الأُمَّــة بالقرآن الكريم، وفي عام ٢٠٠٢م أطلق الشهيد القائد شعار ((الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام)) كشعارٍ لمرحلة جديدة.. شعار ليس اعتباطياً ولا عشوائياً.. أَو بدون دلالات، فالشعار الذي أطلقه الشهيد القائد أولاً:- هو إعلان براءة من أئمة الكفر في هذا الزمان المتمثل في أمريكا وإسرائيل، وثانياً:- هو لتوجيه بُوصلة العداء نحو أعداء الأُمَّــة الذين يجب أن توجّـه بوصلة العداء إليهم، وثالثاً:- هو شعار قرآني ليس سطحياً أَو بدون عمق وإنما هو شعار وراءه ثقافة قرآنية متكاملة كفيلة بتحصين الأُمَّــة وبنائها في كُـلّ المجالات ثقافيًّا وفكرياً وعسكريًّا واقتصاديًّا وعلمياً.
أطلق الشهيد القائد شعاره القرآني المستمد من روح القرآن الكريم وهو يدرك أنه سيكون فيصلاً بين المؤمنين والمنافقين وأنه لن يحبه إلا مؤمن ولن يبغضه إلا منافق، وأنه سيغربل الناس مهما كان مستوى ثقافتهم وفكرهم، بدأ السيد الحسين بن بدر الدين، بتثقيف الناس بالثقافة القرآنية المتكاملة، وكان الشعار في تلك المرحلة بمثابة المنبه الذي يشد الأُمَّــة إلى ما وراءه من ثقافة قرآنية -إذ لم يكن في عصر الشهيد القائد وسيلة إعلامية يمكن أن توصل صوت الحق إلى الناس سوى الشعار-، وقد بدأ الشهيد القائد مشروعه وهو يدرك ماذا يمكن أن تكون ردة الفعل ليس من العدوّ الأمريكي والصهيوني فحسب وإنما من المنافقين الذين هم المرآة التي يمكن أن تعكس فاعلية عملك وأثره على العدوّ، فقد قال الشهيد القائد وفي عصر يوم الخميس الموافق ١٧/١/٢٠٠٢م ومن قاعة مدرسة الإمام الهادي (ع) بمران: ((أقول لكم أيها الاخوة اصرخوا، ألستم تملكون صرخة أن تنادوا: “الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام”.
أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟. بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة، وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد -بإذن الله- ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن أُخرى، وستجدون من يصرخ معكم -إن شاء الله- في مناطق أُخرى: [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام].
هذه الصرخة أليست سهلة، كُـلّ واحد بإمْكَانه أن يعملها وأن يقولها؟.
إنها من وجهة نظر الأمريكيين -اليهود والنصارى- تشكل خطورة بالغة عليهم.
لنقل لأنفسنا عندما نقول: ماذا نعمل؟، هكذا اعمل، وهو أضعف الإيمَـان أن تعمل هكذا، في اجتماعاتنا، بعد صلاة الجمعة، وستعرفون أنها صرخة مؤثرة، كيف سينطلق المنافقون هنا وهناك والمرجفون هنا وهناك ليخوفونكم، يتساءلون: ماذا؟. ما هذا؟.
أتعرفون؟، المنافقون المرجفون هم المرآة التي تعكس لك فاعلية عملك ضد اليهود والنصارى؛ لأَنَّ المنافقين هم إخوان اليهود والنصارى {أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} فحتى تعرفون أنتم، وتسمعون أنتم أثر صرختكم ستسمعون المنافقين هنا وهناك عندما تغضبهم هذه الصرخة، يتساءلون لماذا؟، وَينطلقون ليخوفوكم من أن تردّدوها)).
أطلقها وهو يعلم في نفس الوقت أثرها وفاعليتها على العدوّ من اليهود والنصارى، فحين كان يراها الكثير من أبناء الأُمَّــة مُجَـرّد كلام لا فائدة له ولا أثر، كان الشهيد القائد يدرك عمق الشعار ودلالاته وأثره على العدوّ، وكان يدرك في نفس الوقت خطورة الحرب الإعلامية وحرب المصطلحات، فالعدوّ الأمريكي كان قد أطلق -وبعد استهداف البرجين مباشرة- أطلق مصطلح ((محاربة الإرهاب)) ذلك المصطلح العائم التي أرادت من ورائه أمريكا والصهيونية العالمية ((محاربة الإسلام واستهداف جذوره)) والذي هو القرآن الكريم.
لقد أراد الشهيد القائد -رضوان الله عليه- أولاً:- فضح العناوين البراقة التي يطلقها الغرب مثل مصطلح ((الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان))، فهو أطلق شعاراً لا يعدو -رغم عمقه وفاعليته- تعبيراً عن رأي، وهو ثانياً:- يريد أن يواجه حرب المصطلحات التي يطلقها الغرب، إضافة إلى ما سبق من دلالات الشعار، كان السيد حسين يدرك أَيْـضاً توجّـه الغرب لمسح حالة العداء في نفوسنا ضدهم، فهم على الرغم مما يمتلكون من وسائل القوة والترسانة العسكرية، كانوا يتفادون حالة السخط والغضب في نفوس الأُمَّــة، ويريدون أن يقتلونا بسلاحنا ونحن نبتسم لهم، كانت ردة الفعل من قبل الأمريكان قوية جِـدًّا -وإن لم يظهروها مباشرة- فقد ظهر ذلك من خلال ردة فعل عملائهم في البلد، حَيثُ بدأوا بإجراءاتٍ لوقف الصرخة والحد منها مثل: ((اعتقال الصارخين في الجامع الكبير وبعض المساجد في المحافظات الأُخرى)) وكذلك التضييق على المعلمين والموظفين الذين يعتنقون هذه الثقافة وهذا الفكر، كانت مثل هذه الإجراءات التعسفية بمثابة المؤشر الذي يبين لك فاعلية وأثر الشعار وما وراءه، أضف إلى ذلك فقد أطلق الشهيد القائد شعاراً حضارياً لا يملك الأعداء -مهما حاولوا- مشروعية لإسكاته، فمن يعتنقون الشعار لا يقومون بأعمالٍ إرهابية أَو يفجرون أَو يختطفون، فهم فقط يعبرون عن رأي، الشعار أَيْـضاً -وحسب مفهوم الشهيد القائد- كان بمثابة تحصين للأُمَّـة من تولي اليهود والنصارى وأن ييأسوا من الحصول على عملاء من داخل أُمَّـة ساخطةٍ عليهم…
أدرك الأعداء خطورة الصرخة وما وراءها من ثقافة على مشروعهم الاستكباري الاستعماري، قبل أن يدرك الكثير من أبناء الأُمَّــة أهميته وفاعليته، فعمدوا وعبر عملائهم إلى شن الحرب والعدوان والحرب على السيد حسين -رضوان الله عليه- بغية إسكات صوت الحق إلى الأبد، ولكن هذا الشعار؛ لأَنَّ الله وراءه؛ لأَنَّ الله معه بقي متردّداً ومن بين ركام الحروب يزداد تألقاً وسطوعاً وانتشاراً، وبعد ثمانية عشر عاماً من إطلاق الصرخة رأينا مصاديقها وأثرها في الواقع:- أُمَّـة قوية متماسكة ثابتة تواجه كُـلّ التحديات، أُمَّـة راقية في ثقافتها وفي وعيها وفي تماسكها، أُمَّـة تحمل مشروعاً واحداً وثقافة واحدةً وقضية واحدة، أُمَّـة استباقية في أفكارها ورؤيتها وثقافتها، أُمَّـة همتها عالية ونظرتها عميقة وواسعة ليست مؤطرة في إطار جماعةٍ أَو طائفةٍ أَو حزب، أُمَّـة عالمية النظرة والفكر والاهتمام، أُمَّـة وقفت وستقف سداً منيعاً أمام كُـلّ مؤامرات الأعداء، ومحراباً مهاباً توجّـه إليه بوصلة كُـلّ الأحرار في هذا العالم، ووميض برقٍ يلتمس منه المستضعفين والمقهورين في هذا العالم الأمل والخلاص.
والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.