تحذيراتُ الطغاة .. بقلم/ علي أحمد مثنى
تحذير الملياردير جورج سورس -أحد صقور الرأسمالية الأمريكية- بشأن هيمنة شركات التكنولوجيا الصينية وخطورتها على الأمن القومي الأمريكي وَأَيْـضاً ما وصفه بخطورة الرئيس الصيني شيء جين بينغ بأنه عدو على مجتمعات العالم الحر، ويجب على أمريكا أن تتخذ ما يلزم ضد الصين وشركاتها التكنولوجية ومنها شركة هواوي وشركة زد. تي. أيه؛ باعتبَارهما خطراً يهدّد الأمن القومي الأمريكي جاء ذلك على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
المذكور جورج سورس هوَ نفسه صاحب مشروع تدمير اقتصاديات ما سمي بالنمور الآسيوية وكانت وصيته بضرورة وضع حَــدّ لبقاء النمو المتسارع لاقتصاديات دول جنوب شرق آسيا وقال إنها كشجرة تنمو بمعدل سريع ولو تركناها دون تدخل عاجل لبلغت هذه عنان السماء ولا بُـدَّ من العمل وبسرعة على قطعها، وهذا ما حصل فعلاً في تسعينيات القرن الماضي، الأمر الذي نتج عنه تعرض الدول الأسيوية المستهدفة لخسائر كبيرة في العملة الوطنية والأسهم والسندات ومنها إندونيسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية… إلخ.. وفقدان مزايا المؤشرات العالية في الوضع الائتماني والاستثماري، وهو درس قاسٍ، تأثرت منه الكَثير من الدول والشركات العالمية التي كان لها استثمارات مالية وصناعية، بخسائر فادحة.
استفاد من هذا الدرس الدول التي تمتلك مشاريع طموحة للنهضة والقوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والتأثير الفاعل في العلاقات الدولية وتوفر شروط ومتطلبات المنافسة وتحديد وسائلها ومواعيده الاستراتيجية مثل الصين وروسيا الاتّحادية والهند.. وتحولت الطموحات إلى واقع تعاملت معه دول وشعوب العالم.
حان الوقت على أمريكا أن تعترف بذلك ولم يعد هناك مجال للمكابرة والمثل اليمني يقول: “إذَا كبر ابنك خاويته”، وقول المتنبي:
ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى.. عدواً له ما من صداقته بُــدُّ.
زمن الوَصاية والزعامة والشرطي الوحيد للعالم وبقاء جبروت أسد الغابة المنفرد والمتجبر أوشك زمنه على الأفول وهذا بداية توقيت تراجعه ليفسح إلى جواره من ينافسه وربما يتفوق عليه، وما الحرب الروسية على أوكرانيا إلا إحدى الرسائل العملية بقول وبصوت عالٍ لا وإلى هنا ويكفي يا أمريكا، يديك مثقلة بمظالم وجرائم هائلة ارتكبتها في حق شعوب ودول العالم وبالذات أمتنا العربية والإسلامية وشاهدها الحي المعاش قضية فلسطين والحروب الأهلية المدمّـرة في عددٍ من الدول العربية ومنها بلادنا.
والمصالح والسلام مرهون بالتعامل مع واقعية تعدد القطبية الدولية مع من بلغ الرشد بنديه، اقتصاديًّا وتكنولوجياً وعسكريًّا وسياسيًّا وهو أمر لا مفر منه والتعامل معه، القرن الأمريكي الـ ٢١ الذي أصر على فرضه البوشان الأب والابن ليكون حقاً وملعباً محتكراً لأمريكا دون سواها انتهى، والذي كانت خطواته الأولى رغم معارضة الكثير من الدول الكبرى ومنها أوروبا جريمة دون مبرّر غزو وتدمير العراق وإعادته إلى ما قبل الصناعة بهمجية هولاكو… إلخ، وإطلاق رامسفيلد أحد صقور وصهاينة اليمين الجمهوري الأمريكي مصطلح أوروبا العجوز ويقصد بالذات فرنسا (جاك شيراك) وألمانيا اللتين اعترضتا على غزو العراق.
تأسيس أمريكا لصناعة الإرهاب وأدواته باسم الإسلام في أفغانستان تبريراً لغزوه واحتلاله وجعله عبرة لمن يعتبر نموذج حي للدولة الفاشلة، المتخاصمة مع العصر ومع نفسها وشعبها ومذاهبها وطوائفها.
تواصلاً مع تنفيذ خطة الفوضى الخلاقة “لرايس” وزيرة خارجية أمريكا في إدارة بوش المتصهين، والتي تم تنفيذها بخراب وأجندة الصقيع الفظيع والسم النقيع الربيع العربي الذي كوارثه التخريبية والتدميرية ما زالت حاضرة بنشاط ويعلم الله وحده المآل الذي سينتج عنه ولا نظنه إيجابياً لا سمح الله.
على عقلاء الساسة ورجال التاريخ والفلسفة تنبيه صقور أمريكا بالعمل بحكمة ببيت من الشعر العربي الآتي نصه:
إذا تم شيءٌ بدأ نقصه.. ترقب زوالاً إذَا قيل تم.
وبقاء الحال من المحال، والغرور مفسدة وَالاغتِرار بسكرة القوة يؤدي إلى الهزيمة النكراء، وسياسة العقوبات أصبحت نتائجُها عكسية وسياسة استمرار العادة بالغرور عداوة، والعبرة بالفوهرر هتلر زعيم النازية في الحرب العالمية الثانية، درس وافٍ ومؤلم ومظلم.
والشراكة أكثر ربحية من الاستئثار، “والذي يأكل لوحده يزور”، كما يقول المثل المصري.
وسُنَّةُ الله في التدافع هي حقيقة أزلية لتجنُّب هيمنة وفساد طرف متكبر متغطرس؛ حفاظاً على سلامة الجنس البشري والأرض والحياة.