هل كان لدينا تنمية؟ بقلم/ إبراهيم محمد الهمداني
إن النظر في حقيقة الوضع التنموي في البلدان العربية، واليمن على وجه الخصوص، يضع بين أيدينا خيوط مؤامرة قذرة، حيكت ضد الشعوب، بتواطؤ حكامها مع مستعمريها، وتم إيهام الشعوب بإمْكَانية استيراد التنمية والتطور الحضاري، دفعة واحدة، بحيث يمكنها توظيف مخرجات الحضارة الغربية، واستغلال آخر وأحدث نتاجاتها ومشاريعها، لصناعة النموذج الحضاري والتنموي الخاص بنا، لكن تلك التنمية المستوردة، كانت عبارة عن مشاريع وهمية، مدعومة بقروض ربوية منهكة، ومقابل فشل وتعثر معظم تلك المشاريع – المفتقرة لأبسط معاني النماء والتطور المُستمرّ – ذات الطابع الإنشائي الاستهلاكي، برزت القروض المرافقة لها، لتؤكّـد من خلال طبيعتها الربوية، وأرباحها المتصاعدة يوماً بعد، يوم أنها هي من يمثل النماء الربوي المُستمرّ، وليس المشاريع التي قدمت من خلالها.
وبذلك تم إغراق المجتمعات في قروض ربوية، أنهكت اقتصادها، وجعلتها عرضة لحرب الله ونقمته، خَاصَّة وقد أصبحت عاجزة عن التراجع، أَو التنصل عن تلك القروض، أَو رفض الاتّفاقيات المطروحة باسم التنمية؛ بسَببِ تنامي فوائدها الربوية المهولة، التي ألحقت بالاقتصاد الوطني أضرارا وأخطارا كارثية، تمتد عبر الزمن إلى الأجيال القادمة، والتي تليها، علاوة على تعميم طبيعتها الربوية، كظاهرة حياتية لا بُـدَّ منها؛ بهَدفِ تدنيس زكاء النفوس، وتنصيب المجتمع لحرب الله وغضبه ونقمته، ومن خلال تدنيس النفوس، وإنهاك الاقتصاد، تتضح حقيقة التنمية المقدمة من دول الاستكبار والهيمنة والاستعمار، وهو ما تنبَّه له الشهيد القائد رضوان الله عليه، وحذر من مخاطره، ومغبة الاستمرار فيه، بقوله: “يقولون لنا بأن التنمية هي كُـلّ شيء، ويريدون التنمية، ولتكن التنمية بأي وسيلة وبأي ثمن! نحن نقول: لا نريد هذا، وكل ما نراه، وكل ما نسمعه من دعاوى عن التنمية، أَو أن هناك اتّجاه إلى التنمية كلها خطط فاشلة، كلها خطط فاشلة. متى ما وضعوا خطة تنموية لسنين معينة، انظر كم سيطلبون من القروض من دول أُخرى؟ هذه القروض انظر كم سيترتب عليها من فوائد ربوية، ثم انظر في الأخير ماذا سيحصل؟ لا شيء، لا شيء. إن التنمية لا تقوم إلا على هدى الله سبحانه”.
(الشهيد القائد – السلسلة الخامسة – محاضرات المدرسة – اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا).
وخلافا لما يتم الترويج له، بأن التنمية هي ارتقاء قيمي وأخلاقي، فقد أفرزت التنمية المستوردة، حالة من الفساد القيمي والانحدار الأخلاقي، وتفشي الانحطاط النفسي، والانتهاك الجمعي للدين، والانقلاب على الأعراف والعادات والتقاليد الحميدة، وغير ذلك من مظاهر السقوط والانحلال، التي أُصيب بها المجتمع، كنتيجة لقبوله تلك القروض الربوية، وقبوله التعامل بالربا، ومحاربة جبار السماوات والأرض علنا، وفي ظل هذا الواقع المتردي، دينيا وقيميا وأخلاقيا واقتصاديًّا واجتماعيا وسياسيًّا، وعلى كافة المستويات، هل يمكن القول: إن لدينا تنمية، هل هذه هي التنمية؟؟
تساؤل مرير، يجيب عنه الشهيد القائد، قائلا: “ليس هناك تنمية.. القروض التي يعطوننا قروضا منهكة مثقلة، وهل تعتقدون أن القروض تسجل على الدولة الفلانية، أَو على الرئيس الفلاني، وعلى رئيس الوزراء الفلاني؟. تسجل على الشعب، وهي في الأخير من ستدفع من أجساد الشعب نفسه في حالة التقشف التي مرت بها بلدان أُخرى أنهكتها القروض، يفرضون حالة من التقشف. ألسنا متقشفين؟ ستفرض حالات أسوأ مما نحن فيها تحت عناوين أُخرى، ستدفع أنت ثمن تلك القروض من شحمك ولحمك أنت وأبناؤك، تذبل أجسامنا من سوء التغذية، فندفع تلك الفوائد الربوية، من أين؟ من شحمنا ولحمنا ودمائنا، ألستم تسمعون بأن هناك بلدانا كالبرازيل وبلد كتركيا أصبحت الآن مشرفة على أن تعلن عن حالة التقشف؟ واليمن ألستم تسمعون كُـلّ شهر قروض؟. قروض بعد قروض، كنا في مجلس النواب لا يكاد يمر أسبوع واحد ليس فيه قروض، وهم يصادقون عليها، قروض بالملايين من الدولارات، قروض شهر بعد شهر، سنة بعد سنة، قروض [للتنمية، للتنمية] نموا هم، أما نحن فما نزال جائعين، أليس كذلك؟ المسئولون هم من نموا، هم من غلظت أجسامهم، وعلت بيوتهم وقصورهم، هم من نموا، ونمت شركاتهم، من نما أولادهم، من نمت أرصدتهم في البنوك، والشعب هو من سيدفع ثمن ذلك كله؛ لأَنَّه كله من القروض”.
(الشهيد القائد – السلسلة الخامسة – محاضرات المدرسة – اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا).