الانسحابُ التكتيكي ثمرة لملحمة حصار وانتصار .. بقلم/ منير الشامي
5 أجزاء وثائقية اختزلت أعظمَ ملحمة تاريخية حدثت فوق سطح الأرض، مكانها مديرية الدريهمي، وزمانها زهاء عامين ونصف عام، أمَّا أبطالها ففتية مؤمنون لا يتجاوز عددهم الـ 100 مجاهد ذادوا عن حمى الدريهمي وسكانها الذين كان صمودهم وثباتهم من أبرز عوامل الانتصار، وواجهوا حصارًا محكمًا وطوقًا عسكريًّا من البحر والبر شارك فيها أكثر من سبعة ألوية من البر مجهزة بأحدث الآليات والأسلحة ومدعومة بغطاء جوي استطلاعي وحربي على مدار الساعة وبترسانة بحرية متكاملة.
وانتشروا حول المدينة بطريقة محكمة وبرقابة دقيقة عجزت عن اختراقها نحو المدينة حتى الحشرات الصغيرة، وبها استطاعت قوات المرتزِقة التابعة لتحالف العدوان أن تحول مدينة الدريهمي منذ اللحظات الأولى إلى سجن كبير ومعزول بمن فيه عن العالم لا يدخلهم شيء ولا يخرج من عندهم شيء.
ومع مضي الأيّام والأسابيع نفذ ما بداخلها من طعام ودواء حتى اقتاتوا أوراق الشجر ونفذت ذخيرة المجاهدين واشتد الخطب بالمحاصرين وضاق الحال، ويأس الجميع من نجاتهم ونجاة سكان المدينة بعد أن تبخرت كُـلّ الحيل وانهارت كُـلّ الآمال إلا من قائد حكيم جعل من مدينة الدريهمي شغله الشاغل وما توقف برهة عن متابعة المحاصرين فيها ولا يأس لحظة عن فك الحصار عنهم وهو يراقب أوضاعهم عن كثب ويتابع أخبارهم لحظة بلحظة ولم تساوره أدنى ذرة شك في إمْكَانية إمدَاد المدينة بما يعزز صمودهم ويشد من عزمهم وثباتهم بطريقة أَو بأُخرى، وتوصل إلى ذلك بفضل الله فجعل من الصواريخ جِمالاً طائرة تحمل لهم الزاد والدواء ووجه بتحويل رؤوسها المتفجرة إلى صناديق إمدَاد واُسْتُبدَلَ الباروت بالزاد والصواعق بالماء والعصائر وتحولت من أسلحة تحرق الأعداء إلى وسائل تحملُ الماءَ والغذاء للمحاصرين ونجحت هذه الطريقة في إمدَاد المحاصرين في المدينة بما يمكنهم من البقاء ويعينهم على مواصلة الصمود فوجهت آلاف الصواريخ المحشوة رؤوسها بالغذاء والدواء.
ومع أنها لم تشبع جوعهم لقلة حمولتها إلا أنها مكّنتهم من البقاء على قيد الحياة وخاطبهم القائد بكلمات من نور واحرف من إيمَان قائلاً لهم: أنتم في جبل أحد فزادتهم إصراراً وعزماً على خوض التحدي وانتزاع النصر المبين وعزموا على الثبات والبقاء على جبل أحد وأدركوا أن مغادرتهم تعني هزيمة كُـلّ المؤمنين، وفي لحظات جاعت فيها أسلحتهم ونفذت ذخائرهم قرّروا إشباعها من ذخائر أعدائهم وأغاروا على مواقعهم واغتنموا أسلحة وذخائر أشبعت خزائن أسلحتهم وأعادتها إلى مهامها وفعلوا عمليات المواجهة وخاضوا معارك غير متكافئة مع إمْكَانيات العدوّ، من حَيثُ العدد والعدة تمكّنوا من خلالها تحويل محيط قوات العدوّ إلى ساحات الموت الزؤام المليئة بجثثهم المتعفنة.
ومرت الأيّام وَإذَا بقيادتهم تفاجئهم بعملية نوعية هي عملية العاشر من رمضان بطائرة هيلوكوبتر كانت في عداد الخردة تم صيانتها بسواعد مباركة لتكسر حصار العدوان رغم انفه كما كسر أُولئك الأبطال حشودهم الغفيرة وأسقوهم كؤوسَ المنايا.
ونجحت العملية وأفرغت حمولتها الكبيرة قمحاً يمنيا ًوغذاء من كُـلّ ما امكنها حملة لكل المحاصرين فأدرك العدوّ أن لا طاقة لحشوده وإمْكَانياته على مثل هؤلاء الأبطال فالأرض بكل ما عليها تقاتل معهم وأيقن أن بقاءَه في الساحل يعني الموت الفناء الحتمي فقرّر الحياة بذل الهزيمة على الموت بعارها ففر بقواته تحت عنوان الانسحاب التكتيكي.