الدريهمي انتصار الدم على السيف (2-2) .. بقلم/ مرتضى الجرموزي
ورغم الألم والمعاناة، وضراوة المعارك، وشدة الحصار الذي عانته الدريهمي برجالها وأهاليها إلا أنها وبفضل الله وبفضل قيادة الثورة والجيش والمجاهدين ودعوات الشرفاء وتضحيات الشهداء وصبر الجرحى والمستضعفين انتصرت مع كُـلّ هجوم عدواني تنفذه سبعة ألوية عسكرية يقابلها بصمود وبملاحمَ بطولية أُحُدية وبدرية ثلة قليلة من المؤمنين الذين ما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا وما تذمروا، كانت معنوياتهم تزداد بين الفينة والأُخرى وأملهم أن نصر الله قريب فزادهم ذلك إيماناً واحتساباً إلى الله بأن يفرغ عليهم الصبر ويثبت أقدامهم وأن يجعل يقينهم أفضل اليقين وأن ينتهِيَ بنيتهم وجهادهم إلى أحسن النيّات وبأعمالهم إلى أحسن الأعمال.
وهل هناك أعمال أفضل من تلك التي هم بساحتها يجارون العدوّ ينازلونه، يواجه دبابة ببندقية، آلية تواجه قذيفة آر بي جي، طائرات حديثة تسقط عليهم صواريخ تفتك بالحجر والحديد، فما بالكم من إنسان تفتك به حرارة الشمس؟!
وبما أن سبيل الله قد وثب فيه أبطال تحاصرهم جيوش جرارة وجحافل بعشرات الآلاف وسط تعنت العدوّ وتخاذل المجتمع الدولي وانصياع العرب للطاعة والولاء للصهاينة والأمريكان الذين يقودون هذه الحرب ويشرفون على معركة الساحل الغربي، المعركة الذي حشد لها العدوّ شارك فيها بكل تشكيلاته وتصنيفاته العسكرية والميليشاوية وكانت تُدار عبر غرف عمليات وسيطرة متقدمة ومتأخرة ومثلها في عواصم دول العدوان بإشراف مباشر ومُستمرّ من قبل خبراء صهاينة وأمريكيين ومن جنسيات متعددة وأقمار اصطناعية وطائرات تجسسيه واستطلاعية ومقاتلات.
صاحبه تهويل إعلامي كبير وترويج نفاقي خبيث وترسانة عسكرية تفتك وعدوٌّ في الميدان مسبوق الدفع والأجر بالارتزاق يستميت في خدمة أسياده، مئات هلكوا ضحوا بأنفسهم في سبيل الشيطان بطموحات تجاوز خط دفاع مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة المحاصرين في تلك المدينة التي انعدمت فيها كُـلّ سُبل الحياة: دواؤها، وغذاؤها، شرابها، وطعامها، إلَّا ما وصل لهم من قليل عبر الصواريخ الذي كان يزودها المجاهدين وبحنكة كبيرة وحكمة إلهية ويحشونها بما تيسر من الغذاء والدواء والمشرب بدلاً عن مواد التفجير.
ومع هذه كانت معنويات الأبطال والجبال الشم للساحل الغربي مرتفعة هاماتهم تناطح السحاب عقيدتهم امتزجت بالحق وللحق يدافعون وفي سبيل نصرة المستضعفين ورفع الحصار عن أبناء الدريهمي يبذلون غالي دماؤهم وأنفسهم ويقدمونها قرابين لله حتى يرضى ويأذن بالنصر والغلبة لهم على المعتدين.
وبعد سنتان من الحرب والحصار الذي يزداد يوماً بعد آخر كانت إرادَة الله وبحكمة من قيادة الثورة ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي أولى هذه الملحمة جُل اهتمامه وكان بمثابة الدينامو المحرك والفعال لرفع معنويات مجاهدينا البواسل وسط مدينة الدريهمي وهو يوجه القوة الجوية والطيران بالتوكل على الله وتشغيل رحلات اغاثية إسعافيه للمرابطين والأهالي الذين كانوا أهلاً للصبر والتضحية والاستبسال إلى جانب المجاهدين من عاشوا معهم سنوات من الألفة واللُحمة الوطنية والايمانية الصادقة حتى أصبحوا عائلة واحدة يتشاركون ما يسد رمقهم.
ليصحوا في ذات فجرٍ كان مناسبة لفتح مكة عشرة من رمضان على وقع ضجيج كبير آتٍ من السماء، استنفرت المجاميع المؤمنة معتقدة أنه بداية زحوفات للعدو الذي ما وقفت يومٍ واحدٍ طيلة سنتان وأربعة أشهر.
وفي هذا الفجر المبارك وعيارات العدوّ في تأهبٌ قصوى أنزل الله الغمام محملة بأمطار الخير والانتصار إكراماً لصبر وايمان المرابطين، ووفاءً لتضحياتهم وثباتهم، ومعونةً للضيف الذي يقرب شيئاً فشيئاً من جغرافيا المجاهدين، وفي هذه اللحظات أضطر العدوّ إلى تغطية عياراته خوفاً من المطر الذي كان من جنود الله ولله جنود السماوات والأرض.
ولله جنودٌ من طائرات يمنية تحلق في سماء الدريهمي تمد رجال الجيش واللجان الشعبيّة والمواطنين بمؤن الغذاء والدواء والمأكل والملبس والمشرب وكانت بشائر نصر من الله للمرابطين الذين زادتهم هذه البشرى إيماناً وثقة بالله مطلقة ولسبيله ارتفعت صرخات البراءة من اليهود والنصارى والمنافقين والمعتدين وسط ذهول وانكسار العدوّ وتحسره.
وهو الذي عجز من استهدافها وكيف لها التحليق في ظل أجواء يسيطر عليها وأرض يراقبها ليله بنهاره عبر أقماره الاصطناعية وطائراته المسيَّرة وعيونه البشرية على الأرض من ترصد وترفع الإحداثيات.
وما بين هذه العملية ونجاح القوات الجوية بتسييرها رغم الظروف الصعبة وخطورة الاستهداف من قبل العدوّ كان لجهاز الأمن والمخابرات نسق يقوم ومسار تفنن بإدارته بنجاح وبتوفيق من الله استطاع وعبر عملية استخبارية كبيرة من اختراق العدوّ، اختراقه لقيادته في الميدان وإدارة النيران وفي العمل المخابراتي والمعلوماتي، وحصل على تفاصيل خطط ونوايا العدوّ الحالية والمستقبلة تسربت كُـلّ معلومات تحَرّك العدوّ وهذه تُعتبر انتصاراً كبيراً حقّقه رجال الأمن والمخابرات الذين اخترقوا العدوّ وحصلوا على معلومات وبيانات من غرف العمليات والسيطرة ومن خلاله تم نصب الكمائن والتجهيزات والاستعداد لمواجهة العدوّ حسب نواياه وخططه الضائعة والتي ذهبت تحت رمال الصحراء.