السيد نصر الله: المقاومةُ لن تقفَ مكتوفة الأيدي أمام نهب ثروات لبنان
المسيرة | متابعات
لفت الأمينُ العام لحزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، إلى أنّ لبنانَ دخل هذه الأيّام في مرحلة جديدة وأصبح أمام استحقاق مهم بعد وصول السفينة اليونانية التي أتت؛ مِن أجلِ الاستخراج والإنتاج والمراحل المتبقية من تصدير وبيع وليس؛ مِن أجلِ الاستكشاف كما نُقل، موضحًا أنّ هذه السفينة تموضعت على مقربة من حقل كاريش الواقع على حقل 29، أي المنطقة المتنازع عليها بين لبنان والكيان الغاصب.
ولفت السيد نصر الله، في إطلالةٍ تلفزيونية خصَّصها للحديث حول المستجدات في الأيّام الأخيرة، أمس الخميس، بما يتعلق بمسألة النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية، إلى أنه “بعد الإعلان عن هذا التطور الميداني سمعنا بيانات وتصريحات تعبّر عن موقف الدولة بتعابير مختلفة”، وَأَضَـافَ “ما جرى خلال الأيّام الماضية اعتداء على لبنان واستفزاز، ووضعه أمام موقف صعب، حَيثُ أصبحنا جميعاً أمام موضوع يجب أن يتحول إلى قضية وطنية كبرى”.
وأكّـد السيد نصر الله أنّه “فيما يتعلق بالحدود البحرية والثروة الموجودة في المياه يجب أن يتحول إلى قضية وطنية مسلمة ومحسومة عند كُـلّ لبناني يعتبر نفسه ينتمي إلى هذا الوطن”، لافتاً إلى أنّ أمامنا ثروة هائلة وهذا ما أسميناه “الكنز الموجود في جوارنا”، موضحًا أنّ “هذه الثروةَ قيمتُها أنّها الأملُ الوحيدُ لمعالجة الأزمات والأمل المتبقي لإنقاذ لبنان وهي ملك لكلّ لبناني”.
وأشَارَ السيد نصر الله إلى أنّه “علينا حمايةُ هذه الثروة واستخراجها والاستفادة القصوى منها بعد استخراجها”، منبّهًا أنّ ثروات لبنان من النفط والغاز تواجه مجموعة مخاطر: الأول منها السعي الصهيوني والأمريكي لسلخ مساحة كبيرة جِـدًّا وما تحويه من حقول وثروات، والخطر الثاني منع لبنان من الاستخراج، فلبنان ممنوع من استخراج نفطه وهذه مشكلة يجب على اللبنانيين التفكير في حَـلّ لها، موضحًا أنّ سوريا ولبنان وحدَهما في المنطقة ممنوعان من التنقيب تحت طائلة العقوبات.
وَأَضَـافَ سماحته: “الخطر الثالث له علاقة بالوقت، أي عندما يأتي الوقت ويُسمح لنا بالاستخراج قد لا نجد شيئاً.. نحن أمام قضية لا تقلّ أهميّة عن قضية تحرير الشريط الحدودي المحتلّ.. في العام 1985م طُرِحت قضية تحرير الشريط الحدودي المحتلّ، وهنا كان مشروع المقاومة وخلال 15 عاماً قدمت المقاومة الكثير من التضحيات إلى أن وصلنا إلى التحرير عام 2000م”.
وتابع السيد نصر الله: “القضية اليوم لا تقلُّ أهميّةً عن قضية تحرير الشريط الحدودي المحتلّ، بل أكثر من ذلك هذه القضية فيها مميزات يجب أن تشكل دافعًا وحافزًا ليتحمل الجميع المسؤولية.. من هذه المميزات أنّ قضية الثروة المائية والنفطية والغازية، المستفيد منها كُـلّ الشعب اللبناني وليس أهل منطقة”.
ولفت إلى أننا “ذاهبون لمواجهة المخاطر المتعلقة بالثروة النفطية ويجب أن نعرف أنّ عاملَ الوقت ليس لمصلحة لبنان، فاليوم والساعة لهما أهميّة بالغة الخطورة، وكل يوم تأخير سيسجل فيه ضياع ثروة ومال للشعب اللبناني”.
وشدّد سماحته على أنّ الهدفَ المباشرَ يجب أن يكونَ منع العدوّ من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش ويمكن أن يكون قد بدأ، وقال: “ليس مهمًّا أين السفينة قد وقفت، وأين الحفر والاستخراج، فالخطر بالموضوع أنّ العدوّ سيبدأ بالاستخراج في الحقل المشترك والواحد والمتنازع عليه، ولبنان ممنوع عليه حتى في مناطقه وفي البلوكات التي هي خارج النزاع أن يستخرج”، لافتاً إلى أنّ “حقل كاريش خط واحد وبالتالي ما سيستخرج منه متنازع عليه”.
وأعلن السيد نصر الله، أنّ لبنان يملك في هذه المواجهة الحق والدافع فلديه استحقاقات خطيرة جِـدًّا، ويملك القوة تحت عنوان الجيش والمقاومة، مؤكّـداً أنّ كُـلَّ إجراءات العدوّ لن تستطيع أن تحمي هذه المنصة العائمة التي اسمها السفينة اليونانية ولن تستطيعَ أن تحميَ عملية الاستخراج من حقل كاريش.
وأضاف: “نلتزمُ أمام الشعب اللبناني أنّ المقاومة قادرة على منع العدوّ من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش المتنازع عليه.. ما ستخسره “إسرائيل” في أية حرب يهدّدون بها أكثر بكثير مما يمكن أن يخسره لبنان، وأيّة حماقة يقدم عليها العدوّ ستكون تداعياتها ليس فقط استراتيجية بل وجودية”.
وأكّـد السيد نصر الله على ضرورة توحيد الموقف الرسمي بين الرؤَساء الثلاثة ومن خلفهم الدولة بمؤسّساتها، مُشيراً إلى أنّ توحيد الموقف اللبناني يعطي قوة للوفد المفاوض.
وأردف: “في المعركة الوطنية الكبرى يجب الارتقاء إلى مستواها والخروج من الزواريب السياسية الضيقة”، وأوضح أنّ بعض المهتمين والحريصين يدعون إلى توقيع المرسوم الذي يقضي بتثبيت خط الـ 29 لكنهم بينون عليه توقعات غير صحيحة بناءً على التجربة.
وتابع بالقول: “نحن أمام عدو لا يعترف بقرارات دولية والمنطق الوحيد الذي يسير عليه هو منطق القوة والاستعلاء، وبالتجربة لا يستجيب لأي قرار دولي، ويستجيب فقط بالضغط والمقاومة وقد انسحب بالقوة عام 2000م، وانسحب بالقوة من قطاع غزة”.
وإذ لفت السيد نصر الله إلى أنّ المقاومة اليوم هي من الخيارات الموجودة لدى الدولة والشعب اللبناني في هذه المواجهة حول الثروة النفطية، أكّـد أنّ المقاومة المقتدرة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام نهب ثروات لبنان، ولن تقف مكتوفة الأيدي.. وكل الخيارات مفتوحة وموجودة على الطاولة”.
وَأَضَـافَ سماحته: “نحن لا نريد الحرب، لكننا لا نخشاها ولا نخافها، وعلى العدوّ أن يوقف هذا النشاط، وأيّ عمل باتّجاه استخراج النفط والغاز من حقل كاريش يجب أن يتوقف أيها العدو؛ لأَنَّه حقل واحد”.
ونبّه السيد نصر الله الشركة اليونانية وإدارتها وأصحابها بأن يعلموا أنّهم شركاء في الاعتداء على لبنان الذي يحصل الآن، وأن لهذا الاعتداء تبعات، وأنّ عليهم أن يسحبوا السفينةَ فورًا، وعليهم أن يتحملوا المسؤولية الكاملة من الآن عما قد يلحق بالسفينة ماديًا وبشريًا.
وأعلن السيد نصرالله أنّ المقاومة ستتابع الوضع ساعة بساعة ويومًا بيوم، “ومن حقّنا جمع المعلومات المطلوبة؛ مِن أجلِ اتِّخاذ أي قرار”، وقال: “شكّلنا ملفًا يُعتبر مرجعية داخل وخارج الحزب لكل ما يرتبط بالغاز والنفط والثروة الموجودة في المياه وَأَيْـضاً في اليابسة”.
وأوضح أنّ “هذا الملف يُعْنَى بموضوع ترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة وأضفنا عليه كُـلّ ما يرتبط بالحدود مع فلسطين المحتلّة ومِلف مزارع شبعا والجزء اللبناني من قرية الغجر.. واخترنا لهذا الملف الأخ النائب السابق السيد نواف الموسوي والبلد كلّه يعرفه والرجل يملك من الكفاءة والخبرة وخُصُوصاً في هذا الملف”.
وأشَارَ إلى أنّ السيد نواف الموسوي سيباشر المسؤولية وقد تبلّغ بشكل رسمي، وسيكون جاهزًا وحاضرًا مع فريق معه للمساعدة قيد التشكيل.
ونبّه السيد نصر الله إلى أن استراتيجيةَ أمريكا والكيان الصهيوني تدفع بلبنان إلى الجوع، ما يشكل خطراً كَبيراً على الأمن الاجتماعي وهو أسوأ من الحرب الأهلية.
وختم مشدّدًا على أنّ “المطلوب هو الموقف الرسمي والشعبي الموحّد مع عناصر القوة الموجودة في لبنان وعندها أكيدًا سننتصرُ في هذه المعركة”.