تعز.. فصولٌ من المعاناة من ينهيها؟ بقلم/ دينا الرميمة
منذ لحظة العدوان الأولى سعى أربابه لجعل مدينة تعز تحت سيطرتهم نظراً لموقعها الجيوسياسي، حَيثُ إنها تضُمُّ أهمَّ منافذ العالم البحرية “باب المندب” على رأسها “إسرائيل” التي تُمَنِّي نفسَها بالسيطرة عليه!
ولذلك فقد عملوا على تدجين سكان هذه المدينة وتجنيد الكثير منهم ليكونوا تحتَ ألويتهم وَبسلاح العُنصرية والطائفية سلّحوهم قبل تسليحهم عسكريًّا، وهذه هي كارثة تعز التي جعلوا منها بؤرة للاقتتال والسحل والذبح؛ بسَببِ اللقب أَو الرفض للعدوان وأصبحت مثلاً سيئاً في الوطنية والارتزاق!
فيها رفعت الأيدي الملوحة بالشكر لسلمان والمسبِّحة بحمد العدوان الذي فرّخ مليشيات عاثت الفسادَ فيها وجعلتها مرتعاً خصباً للأعمال الداعشية، وأينما حلت خطواتُهم انعدم الأمانُ وساد الخوفُ ورائحة الدم، الأمر الذي فرض على تعز إغلاقَ بعض منافذها مع المناطق المحرّرة منها والتي هي منافذُ لبقية المدن.
ولسبع سنوات من العدوان ومرتزِقته يحاولون بشتى الطرق الوصولَ إلى هذه المناطق التي تأبى أن تلوِّثَها أقدامُهم وباتت ملجأً لكل باحث عن الأمن الذي أصبح غايةَ كُـلّ سكان تعز.
وهكذا جعلوا تعز لغماً في وجه أي مسعًى للسلام، ومع كُـلّ مفاوضات أَو مناسبة يستدعي فيها الوضع إيقاف الحرب تكون هي المدينة الوحيدة التي يفجّر فيها الوضع ويصعّد فيها المرتزِقة من عملياتهم العسكرية حتى إذَا ما هزموا صاحوا وندبوا: أنقذوا تعز، فتعز تنزف!!
بَيْدَ أن الوضعَ كان مختلفاً في الهُدنة الأخيرة التي وُقِّعت بين اليمن ودول العدوان، كانت تعز حاضرة ولكن بنغمة غير تلك التي اعتدناها منهم.
كان فتحُ معابر تعز هو مطلبَهم وضجوا وتباكوا على المدينة المحاصَرة؛ ليس حباً بها أَو رحمة بأهلها الذين يتجرعون مشاقَّ السفر والحصار كما يدّعي المرتزِقة، إنما للوصول إلى ما لم يستطيعوا الوصول إليه خلال سبع سنوات من حربهم العسكرية وتعالت مطالبُهم بإغلاق مطار صنعاء حتى فتح المعابر في تعز والتي حدّدوها بمناطقِ التماس بينهم وبين الجيش واللجان الشعبيّة (كجولة القصر).
ولحرص الوفد الوطني المفاوض عرض عليهم فتحُ خمس طرق غير تلك التي هي مناطق اشتباك، إلا أن وفدَ المرتزِقة يرفُضُها، في تملص واضح من إنقاذ تعز، لكن ومن باب الشعور بمعاناة تعز استطاع الوفد الوطني إيجاد منافذ أُخرى أرغمتهم على القبول بها ذلك ليؤكّـدوا للعالم ولنا أن تعز ليست إلا الورقة الرابحة التي بأيديهم ليتاجروا بمعاناة أهلها ويسلموها للعدو متى ما طلب ذلك.
نحن نتألم عندما نتذكرُ ماضي تعز المشرِق وحاضرها المحفوفَ بالخطر وفصول معاناته لا تنتهي طالما أن رَوْثُ العدوّ يلطخ محياها بعد أن كانت الجزءَ المشرِقَ لليمن عِلماً وثقافة وحرية ورفضاً للظلم!
وما عليهم اليوم إلا أن يخرجوا أنفسَهم ومدينتهم من بوتقة الصمت المخيِّم على ألسنتهم ويطهّروا عقولهم الملوثة بوهم السيد والعبيد ويعلموا أن المحتلّ هو من يريد أن يستعبدَهم ويذلهم لا أبناء بلدهم، ويتوجب عليهم أن يثوروا على كُـلّ ذلك الظلمِ والقتل والخوف المحيط بأيام تعز ولياليها وليشقوا من اسم مدينتهم معراجاً سامياً للعزة والكرامة والحرية وإلا فصمتُهم سيهوي بهم في قعر سحيق تحت أرض تعاف حتى جثثهم!
وحديثي هنا لسكان تعز في المناطق المحتلّة لا لكل أبنائها، فهناك الكثير من أبناء تعز من دفعوا أرواحهم في سبيل كرامة وعزة تعز واليمن.
والكثير منهم هُجِّرَ وهاجر منها، حَيثُ لم يطب لهم العيش تحت رحمة المحتلّ والمرتزِق الرخيص.
وكما قال السيد القائد: إن تعز عنوانٌ للعز والصمود والوطنية الصادقة التي كانت حاضرة في موقفها الكبير في التصدي للعدوان الذي استهدفها واستهدف كُـلّ الوطن.