واقعٌ جديدٌ يصنعُه يمنُ الأنصار .. بقلم/ احترام المُشرّف
من هنا! من اليمن قد صفّر التاريخُ عدّادَه ليبدأَ بكتابة تاريخ جديد، يحتلُّ اليمنُ فيه صدارةَ المشهد، يمنُ الأنصار يسطِّرُ التاريخ المعاصر بصفحات الصبر والانتصار.
يقول الشهيد/ محمد باقر الصدر -رضوان الله عليه-: نصر الله قريب لكن نصر الله له طريق، نصر الله ليس أمراً عفوياً ليس أمراً على سبيل الصدفة، ليس أمراً عمياً، نصر الله قريب ولكن اهتدى إلى طريقه، أي لا بُـدَّ أن تعرفَ سُنَنَ التاريخ؛ لكي تستطيعَ أن تهتديَ إلى نصر الله، ولن يتحقّق هذا النصر أن لم تعيشوا ما عاشته تلك الأممُ التي انتصرت من ظروفِ البأساء والضراء، التي تصلُ إلى حَــدِّ الزلزالِ، وهو تعبير القرآن الكريم، أن حالاتِ البأساء والضراء هي في الحقيقة مدرسةٌ للأُمَّـة هي امتحان لإرادَة الأُمَّــة لصمودها لثباتها؛ لكي تستطيع بالتدريج أن تكتسب القدرة وتحرز النصر، انتهى كلام الشهيد الصدر.
لنعود إلى اليمن الذي اجتمع فيه كُـلّ ما قاله الشهيد الصدر، ففي اليمن وطيلة سنوات العدوان والحصار، كان هناك الصبر والصمود والانتصار في اليمن تعملقت البأساء والضراء حتى وصلت ذروتَها، الملاحم في اليمن كثيرة والبطولات كبيرة وتحتاج إلى فصول وقد اخترنا هنا أن نتكلم عن واحدة من أروع ملاحم يمن الأنصار وهي ملحمة الدريهمي.
ما حصل في الدريهمي أُسطورة من أساطير الخيال وكيف أنه من رحم المعاناة ولّدت الانتصارات، حصار مع قصف ممنهج لكل ما يمكن أن يستفيدَ منه المواطنون، استخدم العدوان في الدريهمي كُـلّ وسائله الوحشية والقذرة وكانت الأمم المتحدة هي الداعم وهي القاتل الرئيسي بسكوتها وتواطؤها وقوافلها الفاسدة.
في الدريهمي كان الفارقُ في العتاد والعتيد كبيراً جِـدًّا كانت هناك ألوية كاملة تمتلك كُـلّ أنواع الأسلحة، في مقابل قلة قليلة من المجاهدين الذين يمتلكون إيمَـاناً تزولُ الجبالُ ولا يزول تلمس ارتباطهم الشديد بالله -سبحانه وتعالى- حتى عندما تستمع لهم وهم يشرحون ما حاصل معهم عسكريًّا، بمفردات تجعلك تشعر أنك أمام عالم دين يشرح عملية عسكرية ساقتهم ذنوبهم، استدرجهم الله، أحاط الله بهم، أمكننا الله منهم، مفردات لم نكن نسمعها من قبل في شرح مهام عسكرية.
رأينا في ملحمة الدريهمي الكل كانوا مدركين الفارق الهائل بينهم وبين العدوّ، عدةً وعتاداً والكل على ثقة بالنصر فاتخذوا من الصبر لحافاً لهم في الدريهمي، تجمعت كُـلّ غزوات النبي ومن معه فكانت أُحُد وكانت الأحزاب وكانت بدر.
في الدريهمي كانت ألطاف الله محيطة بأهلها وبالمجاهدين تعينهم وتشفي جراحاتهم.
في الدريهمي كان لاهتمام القيادة والمتابعة الحثيثة لكل ما يحدث وتسخير كُـلّ الإمْكَانيات المتاحة في خدمتهم كان له الأثر الكبير في نفسية المرابطين.
في الدريهمي كانت المعاناة وكان الصبر وكان التفاف المواطنين مع المجاهدين، حَيثُ رفضوا النزوحَ عندما طلب منهم وكان القائد الحاضر معهم في كُـلّ ما مرو به.
في الدريهمي ورغم الوحشية التي تعامل بها العدوانُ مع الدريهمي إلا أنهم لم يتعاملوا بالمثل ونراهم يسعون في علاج الأسير أحمد رغم أنهم لا يمتلكون أدوية حتى لجرحاهم ويناشدون المنظمات الدولية لضرورة إسعافه، دون استجابة، لنرى كيف أن المرتزِق رخيص عند من باع نفسه لهم..
في الدريهمي كانت المعجزات الإلهية التي كنا نسمع عنها ماثلة ترى بالعين وتلمس باليدين.
وكان انتصار الدريهمي وفك الحصار عنها معجزة بكل ما تعنيه الكلمة فقد اجتمعت فيها كُـلّ عوامل الهزيمة من ضرب وقصف وحصار وجوع ومرض وانعدام لكل وسائل الحياة.
وانتصرت الدريهمي وفك الحصار عنها؛ لأَنَّه كان هناك إيمَـانٌ تتزعزع الجبال وهو ثابت كان هناك أيوبيون الصبر والثبات، في الدريهمي تجلت عناية الله وأنزل سكينته التي أنزلها على نبيه في الغار فخرجت الدريهمي منتصرة بأهلها وبالمجاهدين الذين رابطوا فيها.