لا مكانَ للتفاح المستورد.. جهودٌ حثيثة للارتقاء بالتفاح اليمني
المسيرة| محمد ناصر حتروش
يعتبر التفاحُ من أكثر أنواع الفاكهة شُيُوعاً وانتشاراً في مختلف بلدان العالم، وفي اليمن كذلك، إذ أن مناخَ بلادنا المعتدل وتضاريسها المتنوعة يجعلها محط إنتاج كبير لمحصول التفاح، وغيرها من مختلف المحاصيل الزراعية.
وتزرع فاكهة التفاح في العديد من المحافظات اليمنية كمحافظات: (صعدة والجوف ومأرب وذمار والبيضاء وصنعاء) بنسب متفاوتة، وعلى الرغم من الاستهداف الممنهج للقطاع الزراعي وتدميره من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ على مدى الأعوام السبعة الماضية، إلَّا أن اليمن شهد خلال الآونة الأخيرة وفرةً كبيرةً لمحصول التفاح في الأسواق تفوق ما تم إنتاجه خلال الأعوام الماضية، الأمر الذي يثبت عمليًّا مصداقية القيادة الثورية والسياسية في تطوير المنتج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وبحسب تقارير زراعية، تعتبر المناطق المعتدلة والباردة من أفضل المناطق لزراعة التفاح، إذ تحتاج شجرة التفاح لمتوسط درجة حرارة تتراوح بين 17.7 -20.5 مئوية.
كما أن شجرة التفاح تنتج خلال 2-3 سنوات من عمرها ويصبح إنتاجها اقتصادي في السنة الرابعة، والذي يغطي المنتج تكاليف الإنتاج ويوفر للمزارع الربح.
وتشير التقارير إلى أن هناك العديد من الآفات الزراعية التي تصيب شجرة التفاح، من بينها: اللفحة النارية، التدرن التاجي، من القلف، حفار ساق التفاح، الديدان الكيسية، المن القطني، حشرات قشرية، العناكب، البياض الدقيقي وجرب التفاح، حَيثُ تنتشر تلك الآفات على مدى العام، نتيجة عدم قيام المزارعين بتطبيق إجراءات وممارسات زراعية وقائية قبل الحصاد.
ويوضح مدير عام مكتب الزراعة والري بمحافظة صعدة، المهندس زكريا محمد المتوكل، أن محافظة صعدة تشتهر بالعديد من المحاصيل الاقتصادية التي تغطي العديد من المحافظات اليمنية، والتي تصدر كميات كبيرة جِـدًّا للخارج، معتبرًا المحافظة سلة اليمن الغذائية، فهي تنتج العديد من الفواكه والخضار، كـ: فاكهة العنب والرمان والتفاح ومن الخضار: الطماطم والجزر والخيار والتي تنتج على مدار العام.
وعن محصول فاكهة التفاح، يؤكّـد المتوكل أن الموسم يبدأ من شهر 5 أي مايو وينتهي ويصل ذروة الإنتاج في بداية شهر 7 يوليو حتى منتصف الشهر، مبينًا أنه يُزرع بصعدةَ صنفان من التفاح الصنف الأول “عنا” وهو صنف غير متزن الشكل مقارنة بالصنف الآخر، مؤكّـداً أن وزارة الزراعة والري واللجنة الزراعية العليا يسعيان بشكل دائم لتطوير المنتج، وجعله منافساً للتفاح الخارجي كالإيراني والتشيلي وغيره كصنف جولدن.
ويعتبر المتوكل الصنف الثاني “عين شامير” صنفاً متزناً، فبنيته قوية يتحمل النقل والتخزين والتعبئة والتغليف، وهو كذلك سكري الطعم، وهذا الصنف يعمل على تقليل الخسائر ما قبل وما بعد الحصاد لقوة وصلابة الشجرة.
ويؤكّـد أن محافظة صعدة تنتج خلال العام الواحد 20 ألف طن يتم تسويقه في مختلف المحافظات اليمنية موضحًا أنه لا يتم تصدير أية كمية إلى الخارج بخلاف محصول الرمان الذي يتم تصدير 60 % من الكمية المنتجة للخارج ويتم تسويق نسبة 40 % في الأسواق المحلية.
صعوباتٌ وعراقيل
ويرى المتوكل أن من أبرز الصعوبات والمعوقات التي تواجه المزارعين دخول المنتج الخارجي للأسواق اليمنية، على الرغم من أن هناك قوانين تمنع استيراد أي منتج زراعي خارجي، طالما يتم زراعة نفس المنتج محلياً.
ويقول: “دخول المنتج الخارجي أثقل كاهل المزارع، وأدى إلى عزوف المزارعين إلى زراعة محاصيل أُخرى ذات جدوى ربحية، كمحصول الرمان الذي يتم تسويقه محلياً وخارجياً”.
ويواصل: “وهناك بعض المزارعين اقتلع شجرة التفاح، واتجه لزراعة القات مع الأسف، حَيثُ إن دخول التفاح الخارجي إلى الأسواق المحلية، أَدَّى إلى تردي قيمة التفاح المحلي، الأمر الذي جعل بعض المزارعين يقتلعون تلك الشجرة، ويبحثون عن زراعة أُخرى ذات قيمة مالية عالية.
ويدعو مدير مكتب الزراعة والري بمحافظة صعدة وزارة الزراعة والري واللجنة الزراعية العليا إلى منع دخول المنتج الخارجي أثناء مواسم التفاح، منوِّهًا إلى أن من أبرز الصعوبات كذلك انعدام الأصناف المماثلة للأصناف الخارجية، وأن مكتب الزراعة عمل على زراعة ألفين شتلة من الأصناف الخارجية، وأنه يوجد في مكتب الزراعة والري بمحافظة صعدة أكثر من 80 ألف شتلة تفاح سيتم تطعيمها -بإذن الله- بالأصناف الخارجية صنف عين شامير وجولدن، وسيتم توزيعها للمزارعين بأسعار رمزية، وذلك للعمل على نشر الصنف الخارجي والعمل على تقليل الصنف السابق والذي سيؤدي إلى زيادة الإنتاج أكثر فأكثر وبأقل التكاليف.
ويلفت المتوكل إلى أن من ضمن المعوقات التي تواجه مزارعي التفاح هو غياب المستثمرين في القطاع الزراعي لمحصول التفاح، وأبرز تلك الجوانب هي الصناعات التحويلية، ومنها دخول خل التفاح، ومربى التفاح، ومعسل التفاح، الذي أَدَّى إلى غياب الاستثمار المحلي في الصناعات التحويلية لمحصول التفاح، مناشداً وزارعة الزراعة والري والإدارة المعنية منع دخول الصناعات التحويلية، ودعوة المستثمرين، ورجال الأعمال، لفتح مصانعَ محلية لخل التفاح، ومربَّى التفاح، وخَاصَّة إنتاج معسل التفاح، حَيثُ إن صناعته تتم من خلال التفاح الخائس، والذي يكلفنا توريده لليمن ملايين الدولارات.
ويتطرق إلى أن إدارة الإرشاد الزراعي، وإدارة تنمية المرأة الريفية، قامتا بتأهيل العديد من النساء في إنتاج الصناعات الغذائية التحويلية لا سِـيَّـما لمحصول التفاح والرمان والعنب، حَيثُ يتم تعليمهن للاستفادة من التفاح المتساقط والمشوه، والذي يتم تقشيره وانضاجه، ليتحول بعد ذلك إلى خل التفاح، ومربى التفاح إلَّا أن الدورات اقتصرت حَـاليًّا على الخل ومربى التفاح، وكذلك في موسم الرمان تم عقد دورات لإنتاج بيبسي وعصير الرمان.
ويرى المتوكل أن جلبَ التجار ورؤوس الأموال للاستثمار في تحويل الصناعات الغذائية يعمل في الحد من كساد أسعار المحاصيل الزراعية وتشجيع المزارعين على الاستمرار في الزراعة.
وتعتبر شحة المياه الجوفية، وعدم وجود الحواجز والسدود في المحافظة من المعوقات التي تواجه المزارعين في المحافظة، بحسب ما يؤكّـده مدير مكتب الزراعة والري بالمحافظة، زكريا المتوكل، مؤكّـداً أن الاستنزاف الجائر من قبل المواطنين للمياه أَدَّى إلى تدني منسوب المياه الجوفية، وأن القوانين الصادرة عن وزارة المياه والبيئة ممثلة بالهيئة العامة للموارد المائية، لم تحد بشكل كبير من الحفر العشوائي، ولم تعملْ على إنشاء الحواجز المائية والسدود، بالرغم من توفر الموارد المالية التي يمكن أن تنشئ حواجزَ وسدوداً مائية، بالإضافة إلى التوسع الجائر في زراعة القات الذي أَدَّى إلى استنزاف المياه مع وجود الطاقات الشمسية، والتي نتمنى من الجهات المعنية وضع حلول جذرية مستدامة لتلك المشاكل، والكلام للمتوكل.
خطواتٌ تسويقية لإنعاش المنتج المحلي
من جهته، يؤكّـد مدير إدارة التسويق بوزارة الزراعة والري، علي هارب، أن الإدارة عملت على إنشاء دليل إرشادي متكامل عن التفاح يوضح الطرق المثلى في العمليات الزراعية ومعاملات الحصاد وما بعد الحصاد وسيتم توزيعه قريباً.
ويبين أن من ضمن الأعمال التي نفذتها الإدارة توزيع بروشورات إرشادية حول الممارسات الزراعية الجيدة لمحصول التفاح بما يرفع جودة المحصول ويقلل من الخسائر الناجمة من الحصاد العشوائي.
ويقول هارب: “من ضمن الأعمال التي سننفذها النزول الميداني إلى أماكن زراعة التفاح لتوعية المزارعين وذلك من خلال مشروع تنفيذ أَيَّـام حقلية، بالإضافة إلى توجيه القطاع الخاص لدعم المزارعين عن طريق شراء الثمار من محصول التفاح، وكذلك الشراء المباشر من الأسواق للحفاظ على مستوى الأسعار عند حَــدّ مناسب وهو ما يتم تنفيذه حَـاليًّا.
ويشير هارب إلى أن إدارة التسويق وضعت خطة تنظيمية مع القطاع الخاص تضمن التسويق العادل للتفاح بما يسهم في امتصاص الفائض من ضمنها إنشاء مراكز تسويق نموذجية، معتقداً أن كمية الإنتاج الحالي تفوق ما تم إنتاجه خلال الأعوام الماضية بنسبة 30 %، وأن وزارة الزراعة أصدرت قراراً يفضي بمنع استيراد التفاح الخارجي نهائيًّا خلال الموسم القادم، موضحًا أن هناك فرقاً ميدانية تقوم بعملية تحريز الكميات في الثلاجات ومخازن التبريد وسوف يتم نزول فريق لمنع عرض وتداول التفاح الخارجي المتبقي في السوق خلال هذا الموسم.