الاستثمارُ الزراعي بدايةُ المشوار إلى الاكتفاء الذاتي .. بقلم/ أيوب أحمد الهادي
على مدى عقود من الزمن والقطاع الزراعي في اليمن -وبالأخص تهامة- يمر بمرحلة عصيبة أَدَّت إلى تقليص نسبة الإنتاج وتراجع جودة المنتجات المحلية وتضاؤل نسبة الصادرات مما أصاب المزارعين بحالة من الانهيار النفسي واللجوء إلى الهجرة للبحث عن مصادر دخل بعيدًا عن الزراعة، فعملت القيادة السياسية والثورية على إعادة الأمل للمزارعين من خلال إطلاق مؤتمر الاستثمار الأول في محافظة الحديدة وإعطاء الأولوية للاستثمار في القطاع الزراعي؛ كون القطاع الزراعي من أهم القطاعات الاستثمارية الطبيعية التي تعتمد عليها الكثير من الدول في بناء اقتصادها للوصول إلى الاكتفاء الذاتي؛ باعتبَاره من القطاعات الطبيعية وَالمتجددة بشكل دوري من خلال عمليات الاستزراع المختلفة لكافة المحاصيل التي يمكن استخدامها في مختلف الصناعات الغذائية.
وفي تهامة يلعب القطاع الزراع دوراً كبيراً وهاماً في تأمين معايش الكثير من الأسر خُصُوصاً شريحة المزارعين ومربي الثروة الحيوانية وكونها من مصادر الدخل الرئيسي الذي يعتمد عليه الكثير من سكان محافظة الحديدة الذين لا يجيدون أية مهن غيرها، كما أنها توفر العديد من فرص العمل لمَن هم من غيرِ المزارعين والمربِّين للثروة الحيوانية.
فالقطاع الزراعي يحتاج إلى أن يتوجّـه الكثير من المستثمرين نحوه ليتم استغلاله كرافد اقتصادي ولتعزيز ثقافة الزراعة يتوجب على الجهات المختصة والمكلفة من قبل الدولة للحفاظ عليه وتوعية المزارعين بمواسم الزراعة ومحاتمها وتأمين المنشآت المائية وترميم السدود واستصلاح العديد من الأراضي الزراعية وتعزيز ثقافة الهجرة العكسية من المدن إلى الارياف وفتح الأسواق المركزية والعمل على زيادة جودة المنتجات الزراعية وتقديمها للمستهلك بجودة عالية وصحية.
فالمنتجات الزراعية هي السلعة الغذائية الهامة التي ستحقّق من خلالها اليمن فائضاً تصديرياً كما أنها تعتبر مجالاً خصباً للاستثمار ومحفزاً للمستثمرين واستغلالها استغلالاً اقتصاديًّا ليتحقّق من خلالها التنمية الاقتصادية خُصُوصاً في ظل توفر المناخ الملائم للزراعة والتربة الزراعية الخصبة التي تعد من دوافع الاستثمار في القطاع الزراعي وعلى أصحاب رؤوس الأموال التوجّـه نحو تمويل مشاريع التنمية المستدامة في القطاع الزراعي لتعود بالنفع لجميع الأطراف، فقد دعت القيادة السياسية والثورية إلى الاستثمار في العديد من القطاعات وفي مقدمتها القطاع الزراعي وضرورة الاهتمام به بصورة خَاصَّة كمسار يمكن من خلاله للدولة أن تتعافى وَتقف على قدميها وتعيد بناء البنية التحتية التي دمّـرتها دول الخراب المتحالفة على بلادنا.
وقد أجمعت كُـلّ الدراسات الحديثة التي أجريت أن الفرص الاستثمارية في القطاع الزراعي الواعد مبشر بالخير الكثير، خَاصَّة أن ما يستغل منها لم يبلغ 25 % مما يزخر به من موارد والمجال مفتوح وواسع لاستقبال كُـلّ المشاريع الاستثمارية للوصول باليمن إلى نهضة تنموية شاملة يكون للقطاع الزراعي فيها دور هام وأَسَاسي لما يتميز به القطاع الزراعي عن غيره من القطاعات الاقتصادية فقط يحتاج إلى إمْكَانيات كبيرة ومعدات آلية ضخمة.
ففرص الاستثمار في القطاع الزراعي مربحة وَمتنوعة بدءاً من الحراثة ووُصُـولاً إلى التصنيع وانتهاء بمرحلة التحضير والتصدير الذي يعول عليه في المساهمة الفاعلة في النمو الاقتصادي من خلال تطوير الإنتاج وزيادة جودته حتى تزداد قيمته ونسبة صادراته ويكون محط جذب وتحفيز للأنشطة الاقتصادية المصاحبة له كالاستزراع والتربية والتسمين وَإنشاء الأسواق المحلية وعمليات نقل المنتجات الزراعية وبناء المجمعات التعاونية النموذجية وَإعادة التأهيل لبعض المنشآت المائية التي تعرضت للانهيار جراء تدفق السيول وهذا كله ناتج لما تتمتع به وتمتلكه اليمن عامة وتهامة خَاصَّة من تنوع لبيئتها الزراعية من مناخات طبيعية ومتنوعة التي تضمن نجاح فرص الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
وإدراكاً من القيادة السياسية والثورية لأهميّة المرحلة والمسئولية الوطنية التي ألقيت على كاهلهم للنهوض بالقطاع الزراعي فقد دعت كافة المستثمرين إلى التوجّـه نحو الاستثمار في القطاع الزراعي لتكون هذه الدعوة على رأس قائمة اهتمامها بقضايا المزارعين والتخفيف من وهمومهم ومعاناتهم والعمل على استعادة جسور الثقة بين المزارعين وقيادة الدولة وتقديم الخدمات التنموية المستدامة التي تعود بالنفع على المواطنين عامة وعلى المزارعين خَاصَّة؛ باعتبَار أن الاستثمار في القطاع الزراعي هو بداية الطريق الموصل إلى الاكتفاء الذاتي.