الدريهمي تُسقِـطُ خُدَعَ هوليود .. بقلم/ محمد العلوي
الدريهمي أكشن.. أسقطت أفلامَ هوليود الأمريكية بتصوير مباشر من أرض المعركة، أحداثٌ ومواقفُ لم يسبقْ لأي جيش تسجيلُها في التاريخ.
بعيدًا عن الخُدَع البصرية السينمائية، والمؤثرات الصوتية، يأخُذُك الفيلمُ الوثائقي الدريهمي الحصار والانتصار إلى مَـا هو أبعدُ من هوليود من واقع المواجهات العسكرية، لتشاهدها عن قرب، أبطالها لا يتجاوزون المِئة مقاتل، غلبوا الآلاف من مرتزِقة التحالف الذين احتشدوا لإسقاط الدريهمي بعد حصار تجاوز السنتين، تدخّل فيها التأييدُ الإلهي، الذي عزّز القوة في أوساط أُولئك المقاتلين، انطلاقاً من إيمَـانهم بعدالة القضية التي استمدوا منها الإرادَة التي قهروا خمسةَ ألوية بكامل عُدتها وعتادها موّلتها السعوديّة والإمارات، حتى السماءُ والأرضُ والغبارُ وقفت ضدهم تدافعُ عن الدريهمي، حتى لا تسقُطَ تحت أقدام مرتزِقة الريال السعوديّ والدرهم الإماراتي.. الذي معظمُهم من أبناء المحافظات الجنوبية.
عدو يحاصر البحر، يسيطر على الجو، يطوّق المدينة بآلاف المسلحين وبأحدث الآليات والأسلحة العسكرية، طبيعةُ أرض المعركة وجغرافيتها مفتوحة صحراوية، حصارٌ مطبقٌ وزحوفات معادية تنكسر، الجوع يفتك بالجميع داخل المدينة، استنفدوا مؤنهم الغذائية والعسكرية.
عبقرية القيادة، والحاجة أم الاختراع، لإنقاذ الأهالي والمقاتلين المحاصرين، إطلاق أكثر من ٢٥٠٠ صاروخ نحو المدينة، أعادت الحياة للأهالي والمقاتلين، تحمل الغذاء واللحوم حتى البهارات والبسباس الأخضر، في حين لم تكلف قيادات العدوّ نفسها بانتشال جثث مسلحيهم من رمال الدريهمي، حتى تحللت تماماً، وأصبحت هياكل عظمية؛ لأَنَّها تنظر إليهم كمرتزِقة باعوا أنفسهم مسبقًا بألف ريال سعوديّ، لا يهمهم جثته، رقم سقط وأصبح هيكل عظمي.. نهاية مخزية ومأساوية لكل من باع رخيصاً في سوق النخاسة للخارج.
طائرة نقل مروحية تحلق في أجواء مدينة الدريهمي تقذف الأطنان من الدقيق والزيوت والبقوليات والأدوية لمرضى الأمراض المزمنة.. غطتها الأتربة تلقائية فور وصولها تمويه وتدخل من رمال الدريهمي.. لا يصدق، تبعها أمطار حال دون استهدافها من أسلحة العدوّ، وقائع وتفاصيل ليست من نسج الخيال، ليست خدعاً بصرية، بأن تنبثق مروحية من تحت التراب، بعد سنوات من الحرب التي دمّـرت كُـلّ مقومات الجيش والبنية التحتية المدنية والعسكرية على حَــدٍّ سواء.
لو نُفِّذَ موقفٌ واحدٌ للجيش الأمريكي لكَتَبَ مؤلِّفو هوليود القِصَصَ الخارقة، ولجلبوا أشهر ممثلي العالم، ورصدوا الميزانيات الخارقة، كما هو الحال مع الفيلم الإماراتي المسخرة “الكمين” التي صرفت عليه ملايين الدولارات، ولم يذكر بعد نشر حقيقة الكمين، من الإعلام الحربي للجيش واللجان الشعبيّة، الذي أظهر كيف تناثرت جثثُ الجنودِ والضباطِ الإماراتيين وفرارهم تاركين جثث زملائهم تحترق داخل أحدث المدرعات، بعكس الفيلم الإماراتي الذي تم إنتاجه من أكبر الشركات العالمية.
معركة الدريهمي.. يجب على الباحثين العسكريين تسليط الضوء على كُـلّ تفاصيلها وإسقاطها على الخرائط، وتدريسها على طلاب الكليات العسكرية؛ باعتبَارها من أعظم الملاحم البطولية التي سطّرها قلةٌ قليلةٌ من المجاهدين، أمام الآلاف من المجندين بمختلف تشكيلاتهم وتنوع أسلحتهم الحديثة المتوسطة والثقيلة.
معركة الدريهمي.. ستظلُّ مدرسةً من القيم الدينية والأخلاق العسكرية والإنسانية، التي اختزلت جميعُها في المبادئ والمواقف الوطنية؛ دفاعاً عن الشرف وكرامة اليمن الأرض والإنسان.